مرجعية الأستاذ الأعظم مرتضى الانصاري/ الحلقة الثانية

 

يقول الشيخ محمد رضا المظفر في مقدمته لكتاب الجواهر في ضوء هذا الحدث:

دخل الأنصاري على صاحب الجواهر وهو ملا مرتضى، وخرج وهو الشيخ مرتضى، وحينما تسلم الشيخ الانصاري هذا الأمر؛ كتب الى المولى سعيد العلماء المازندراني (ت 1270 هـ) وهو في ايران ، بما مضمونه أننا حينما كنا ببحث الاستاذ شريف العلماء كنت أنت الأعلم، فالواجب تقلديك، فأجاب الأمر كما تفضلتم كنت الأعلم حينما كنت مشغولاً بالدراسة وأنا الآن مشغول بفض النزاعات وحل المشكلات والشؤون العامة. والواجب على الطائفة تقليدك وتسلمك زمام المرجعية.

فقصد الشيخ مرقد أمير المؤمنين عليه السلام فأستجار به داعياً أن يسدده الله من الزلل ومهما يكن من أمر فقد تقلد الشيخ الانصاري زعامة الأمة، وأعتلى سدة المرجعية، وتولى قيادة الحوزة العلمية، وبذلك دأب على بناء الصرح الجديد لكيان النجف العلمي حيث تصدى للبحث والتدريس العالي، وتخريج أساتذة الشرع الشريف فقهاً وأصولاً ورياضة أخلاقية، وعرفاناً، وحين تعهد بتربية جيل الشباب حتى يبلغ كل منهم درجة الاجتهاد.

وفي أول عمل له بعد التدريس أن وضع الأموال والحقوق الشرعية والصدقات في مواضعها المفروضة في الكتاب والسنة.

وحين واظب على المستحبات ـ فضلاً  عن الواجبات ــ فإنه يريد أن يكون قدوة للآخرين في جزئيات حياته وكلياتها وله في هذا المناخ قصص وأحاديث وأمثال تدل على ورعه وتقواه، وتوصلك الى عوالم زهده النقي الخالص، وقد كتبت ودونت، واتخذت منهجاً لمراجع الأمة الأعلام فيما بعد ومن أبسط الاستدلال على ذلك أن يتبرع أحد المحسنين  من مقلديه مبلغاً لشراء دار سكني. فأخذ المبلغ وأشترى بها داراً وبيتاً لله تعالى وهو مسجده الكبير في (محلة الحويش) من له النجف وهو قائم حتى اليوم.

وبعد مائة عام من شرائه جدد وعمر، وقد أرخ تجديده، وأثنى على مؤسسة الشيخ محمد علي اليعقوبي بقوله:

ذا مسجد أسسه المرتضى     وقام في توطيد أركانه

واليوم قد جدده معشر          حضوا من الله برضوانه  

على الهدى جدد أرخ كما    على التقى تأسيس بنيانه

(1361 هـ)

وقد رقم هذا التاريخ بالقاشاني في مدخل جامع الشيخ الانصاري .

تلامذته

أجمع مؤرخو حياة الشيخ الانصاري أن تلامذته في كل دورة من الدروات قد بلغوا الألف من مختلف القوميات والبلدان وأصقاع الارض، وان عدد المجتهدين الذين تخرجوا خمسمائة مجتهد، عدا أولئك المجتهدين الذين  لا يتظاهرون بالاجتهاد في زمانه  وكل الأزمنة، وفي هذا الضوء لا يمكن حصر أسماء أولئك من مختلف الجنسيات ولكننا نشير الى البارزين المعروفين  ممن نال درجة المرجعية تسنمها أو تسنمها فهو مرجع بالفعل، وذلك أن عديدين من المراجع يبتعدون عن منصب المرجعية خوفاً وحذراً من تحمل هذه المسؤولية الكبرى. بين يدي الله عز وجل ؛ وتقدم هذا الكشف بالطلاب نموذجاً:

1ـ المجدد السيد محمد حسن الشيرازي (ت 1312 هـ)  

2ـ الميرزا حبيب الله الرشتي (ت 1312 هـ)

3ـ الشيخ محمد حسن المامقاني(ت 1323 هـ)

4ـ زعيم الاحرار الشيخ محمد كاظم الاخوند (1329 هـ)

5ـ   المحقق الشيخ محمد حسن الأشتياني (ت 1319هـ)

6 ـ السيد حسن الترك (الكوه كمري) (ت 1299 هـ)

7ـ الشيخ جعفر التستري / العالم/ الواعظ/ المتعظ (ت 1303هـ)

8ـ الشيخ حسين الكربلائي التستري

9ـ الميرزا أبو القاسم كلانتر (ت 1292 هـ)

10 ـ المحقق الشيخ هادي الطهراني (ت 1321 هـ)

11ـ المرجع الشيخ محمد طه نجف (ت 1323 هـ)

12ـ الأخلاقي الشهير ملا حسين قلي الهمداني (ت 1311 هـ)

13 ـ الشيخ عبد الحسين نجل صاحب الجواهر، مرشح للمرجعية زمن أبيه

14ـ الميرزا عبد الرحيم النهاوندي (ت 1304 هـ)

15ـ المرجع الحاج ميرزا حسين الخليلي (ت 1326 هـ)

16 ـ الشيخ محمد المعروف بالفاضل الشربياني (ت 1322 هـ)

أما أسرع طلابه الأعلام لحوقاً به فهما اثنان: الأول الفقيه المتبحر الشيخ أغا حسن النجف أبادي (ت 1282 هـ)، الثاني: العلامة الشيخ إبراهيم آل صادق العاملي (ت 1283هـ).

وفاة الشيخ الانصاري

توفي الشيخ الأنصاري ليلة الثامن عشر من جمادى الآخرة/ 1381 هـ عن تركة تساوي ثلاثة دنانير ـ كما يقول السيد كلانتر ـ وشيع تشيعاً فخماً من مختلف الطبقات ودفن بالحجرة المتصلة بباب القبلة على يسار الداخل الى الصحن الحيدري، وقيل في تأريخ وفاته

مذ توفى المرتضى شيخ الورى     وبكى الدين عليه أسفا

وبفضل الله قد اسكنه                من جنان الخلد أرخ غرفا

(1281 هـ)

ورثاه الشيخ  محمد علي كمونة قائلاً:

لو لم يكن سلمان خير زاهد        لقلت سلمان بزهده اقتدى

من الصلاح وجهه كأنه            وجه الصباح بهجة إذا بدا

من المعزي أحمداً بالمرتضى    بالمرتضى من المعزي أحمدا

وفي البيت الأخير تورية إذ المرتضى أمير المؤمنين، وفيه (رد العجز على الصدر)

المصدر: مرجعية النجف الاشرف مسيرة ألف عام

للأستاذ الأول المتمرس في جامعة الكوفة الدكتور محمد حسين علي الصغير

متابعات: فضل الشريفي