الأسر العلمية في النجف الاشرف خلال القرن الحادي عشر.. أسرة آل الطريحي

 

برزت أسرة آل الطريحي مكللة بالغار في جمهرة من العلماء والابرار والصالحين في القرن الحادي عشر ابتداء من الشيخ المعظّم محمود بن أحمد بن علي الطريحي (ت1030 هـ) وكان معاصرا للشيخ بهاء الدين العاملي الحارثي (ت 1031 هـ) وهو المرجع الاعلى، واستمرت هذه الاسرة العريقة بالإفاضات العلمية والعطاء الثرّ أربعة قرون في التصنيف والتأليف، وإعلاء كلمة الله في الارض، والذود عن شريعة  سيد المرسلين وصحبه الغر الميامين.

وقد اشتهر منهم شهرة ذائعة الصيت العالم الرباني والفقيه العملاق، ومفسر لغة القرآن العظيم، ذلكم هو الشيخ فخر الدين بن الشيخ محمد علي  بن الشيخ أحمد الطريحي (ت 1085هـ) وله أكثر من مائة مؤلف في التفسير وعلون القرآن الكريم والفقه والأصول واللغة والأدب والشعر والاحتجاج والفلسفة والآداب والفلك وفي أئمة أهل البيت (ع) وكان ضليعاً ومتميزاً في علمي الحديث الشريف وأحوال الرجال.

وأشهر كتبه (مجمع البحرين ومطلع النيرين) جمع فيه لغة القرآن الكريم في معجم إحصائي ببلغرافي مستشهداً على كل مادة من اللغة بآية أو جزء آية، وبحديث أو أكثر فكان قاموساً لغوياً فريداً جمع بين حجية دلالة الالفاظ قرآنياً وحديثياً بما لم يسبق اليه.

وقد ادركت من هذه الاسرة المرحوم المقدس الشيخ كاتب الطريحي (ولد 1302 هـ)وكان من أبطال معركة الجهاد ضد الانكليز في الشعيبة مع بطل الجهاد والعلم والادب السيد محمد سعيد الحبوبي (ت 1333 هـ) وشارك في ثورة العشرين ضد الاستعمار البريطاني، وهو رجل قصير القامة، مشرق قسمات الوجه، جم التواضع، باسم الثغر، كان يعتبرني أحد أصدقائه، وهو أكبر مني بأكثر من خمسين عاماً وما ذلك الا من تواضعه وإيمانه وأخلاقه العليا، وكان عالماً وأديباً وشاعراً، وإماماً لمسجده المعروف باسمه في سوق الكوفة الغراء قبل التعمير الحديث، وهو من المختصين بفقيد الشرق الإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء (ت 1373 هـ) ومن المحبوبين سلوكاً وعواطف عند أكثر الناس في الكوفة والنجف الاشرف، وأنجب صديقي العزيز الاستاذ محمد كاظم الطريحي (ت 1997 م) مغترباً في اوربا، ونقل جثمانه الى الشام حيث دفن بجوار مرقد السيدة زينب عليها السلام وقد سرت بتشييعه باكياً متأثراً جداً، لم أتمكن من كتم عبراتي وجزعي عليه، وأقيم له حفل تأبيني كبير في هولندا ورثيته بكلمة ارتجالية منشورة في موسوعة (الموسم) التي يصدرها ولده الاستاذ الدكتور محمد سعيد الطريحي الذي خدم الامة والعراق والتراث الإسلامي في هذه المجلة السيارة التي اصدرها في خمسة وعشرين عاماً متوالية، بحلة أنيقة واخراج جميل، وموضوعات قيمة في مختلف صنوف المعرفة.

والدكتور محمد سعيد عالم موسوعي وهو في ذروة شبابه وأول كهولته، وقد أغنى العربية ومكتباتها وتراثها بأكثر من مائة مؤلف في شتى الفنون والاغراض لاسيما في أحوال الرجال، ومتطلبات العصر، واستقراء المجهول، واكتشاف الحقائق، فلله دره، وكثر الله أمثاله، فهو نسيج وحده علماً وأدباً وثقافة وموضوعية وموسوعية، وأخوته الأفاضل الدكتور محمد جواد الطريحي في إدارة العتبة العلوية المقدسة والاستاذ محمد حسين الصحفي والاذاعي المعروف، والشاب المتنور مهدي واخوه صادق سلمهم الله جميعاً، فقد أحيوا ذكر أبيهم وجدهم بل وأجدادهم السابقين بكل ما هو أصيل ومبتكر.

ان مما يثلج الصدر ويحي الضمير أنهم يعلمون بصمت وجدية ونكران ذات لا يرجون الا إعلاء كلمة الصدق في عصر فقدت به المقاييس الا لماماً، وضاعت القيم الا لواذاً وفقهم الله لما يحب ويرضى.

المصدر: المرجعة الدينية العليا في النجف الاشرف

مسيرة ألف عام/ تأليف الاستاذ الأول المتمرس الدكتور محمد حسين علي الصغير 

متابعات: فضل الشريفي