ديموتاريخ الحسين (ع) .. مقولة التنبؤ ومثال انهيار الحضارة الغربية/ الحلقة الثالثة

 

 

وعلى منوال فوكو ياما تساءل أيضا صاموئيل هنتغتون شاكا في قوله: فهل تعني سمات الغرب هذه ( السيادة الشمولية) أن تطوره وقواه المحركة  كحضارة مختلفة تماما عن النمط الذي كان سائدا في الحضارات الاخرى؟ الدليل التاريخي وأحكام الباحثين في التاريخ المقارن تقول بالعكس. تقدم الغرب حتى الآن لم ينحرف بشكل كبير عن انماط التطور التي كانت معروفة في الحضارات عبر التاريخ. الصحوة الاسلامية والقوى الاقتصادية المحركة في آسيا تدل على ان الحضارات الاخرى حية وبحالة جيدة وأنها على الاقل  يمكن ان تهدد الغرب. ان حرباً رئيسة تضم الغرب ودول المركز (=دول السيادة) في الحضارات الاخرى ليست امرا حتميا ولكنها قد تقع، ومن ناحية أخرى فإن انهيار الغرب التدريجي وغير المنظم والذي بدأ في بداية القرن العشرين قد يستمر لعدة عقود وربما قرون قادمة، أو قد يمر الغرب بفترة يقظة ويقلب نفوذه المتدهور في الشؤون العالمية ويعيد تأكيد وضعه كقائد تتبعه وتقلده الحضارات الاخرى.

ولا يخفى على القارئ الكريم ان محصلة ما ذكره  هنتغتون في الكلمة الآنفة الشك المحكم بمصير الحضارة الغربية اليوروأمريكية كما يعلن عن ذلك تردده الصريح في ذيل كلمته السابقة؛ وذلك بسبب شروع الغرب بالانهيار التدريجي في بداية القرن العشرين، هذا في حين لم يشك هو ولا غيره ببقاء الإسلام حيا بحالة جيدة، وكذلك بقاء مخلفات الحضارة الآسيوية البوذية والكونفوشيوسية وغيرهما بحالة جيدة أيضا. والحاصل فهناك اطراد سلبي يعلن بأن الحضارة إذا كانت تسير على إيقاع سابقاتها ستنهار لا محالة ..

ومن الطريف الظريف أن نذكر أن ألمعي فيزياء القرن العشرين البروفسور الالماني، ألبرت آينشتاين لم تغب عنه ملامح هذا القانون الديموتاريخي النافي ( الانهيار) لما طلب منه الصهاينة في أربعينيات القرن الماضي، أن يكون رئيساً لدولة إسرائيل فقد قال: إن دولة تنشأ كما نشأت اسرائيل لجديرة بالفناء وهو قول يعلن بكل أمانة أن هذا الألمعي فيلسوف تاريخ من الطراز الأول لو قد خاض هذه اللجة، فما قاله ينطوي على معرفة تامة بدور القوانين النافية في ضوء السببية والاطراد والتنبؤ، ولك أن تقول على معرفة  منتجة بقوانين  الديموتاريخ النافية.

أما الجانب الاول لسر التاريخ فهو المطوي في الحقيقة الديموتاريخية الكونية المثبتة، فلقد اكثرنا القول بأن هذه الحقيقة  قد تجاوزت تضاد الحياة  والموت ( ديموتضاد) وعلى هذا الاساس فالتنبؤ؛ ثالثة أثافي النظام المعين  يجزم لنا بأن حقيقة الديموتاريخ بكل مظاهرها مع ما تنطوي عليه من حقائق فرعية في مجالات الحياة والمعرفة، هي التي ستبقى حية، وهي مستقبل البشرية وخلاصة هذا الجانب هو أن الحقيقة التي قدرت على صناعة أمة، مازالت حية وبحالة جيدة مع أنها في ضوء ذلك النظام المعين مما ينبغي ان تنتهي وتموت... هي بالضرورة عنصر من عناصر بناء غاية التاريخ ولذلك لم تمت؛ وبما ان الديموتاريخية الحسينية مادياً بالنظر لأجزاء القاسم المشترك الكوني هي مظهر كفوء للحقيقة الكونية، فهي بالضرورة ناهضة للمشاركة في بناء مستقبل البشرية.

المصدر: ديموتاريخ  الرسول المصطفى (ص) والحسين (ع) لباسم الحلي

متابعة:  فضل الشريفي