العقل والجهل وجنودهما

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ  قَالَ:

 كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام)وَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مَوَالِيهِ فَجَرَى ذِكْرُ الْعَقْلِ وَ الْجَهْلِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام):

 اعْرِفُوا الْعَقْلَ وَ جُنْدَهُ وَ الْجَهْلَ وَ جُنْدَهُ تَهْتَدُوا

قَالَ سَمَاعَةُ: فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ لَا نَعْرِفُ إِلَّا مَا عَرَّفْتَنَا، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام):

 إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ الْعَقْلَ وَ هُوَ أَوَّلُ خَلْقٍ مِنَ الرُّوحَانِيِّينَ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ مِنْ نُورِهِ فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى خَلَقْتُكَ خَلْقاً عَظِيماً وَ كَرَّمْتُكَ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِي.

 قَالَ: ثُمَّ خَلَقَ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الْأُجَاجِ ظُلْمَانِيّاً فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَلَمْ يُقْبِلْ فَقَالَ لَهُ اسْتَكْبَرْتَ فَلَعَنَهُ،

 ثُمَّ جَعَلَ لِلْعَقْلِ خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ جُنْداً فَلَمَّا رَأَى الْجَهْلُ مَا أَكْرَمَ اللَّهُ بِهِ الْعَقْلَ وَ مَا أَعْطَاهُ أَضْمَرَ لَهُ الْعَدَاوَةَ،

 فَقَالَ الْجَهْلُ: يَا رَبِّ هَذَا خَلْقٌ مِثْلِي خَلَقْتَهُ وَ كَرَّمْتَهُ وَ قَوَّيْتَهُ وَ أَنَا ضِدُّهُ وَ لَا قُوَّةَ لِي بِهِ فَأَعْطِنِي مِنَ الْجُنْدِ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ، فَقَالَ: نَعَمْ، فَإِنْ عَصَيْتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجْتُكَ وَ جُنْدَكَ مِنْ رَحْمَتِي، قَالَ: قَدْ رَضِيتُ فَأَعْطَاهُ خَمْسَةً وَ سَبْعِينَ جُنْداً،

 فَكَانَ مِمَّا أَعْطَى الْعَقْلَ مِنَ الْخَمْسَةِ وَ السَّبْعِينَ الْجُنْدَ

الْخَيْرُ وَ هُوَ وَزِيرُ الْعَقْلِ وَ جَعَلَ ضِدَّهُ الشَّرَّ وَ هُوَ وَزِيرُ الْجَهْلِ

 وَ الْإِيمَانُ وَ ضِدَّهُ الْكُفْرَ

وَ التَّصْدِيقُ وَ ضِدَّهُ الْجُحُودَ

وَ الرَّجَاءُ وَ ضِدَّهُ الْقُنُوطَ

وَ الْعَدْلُ وَ ضِدَّهُ الْجَوْرَ

وَ الرِّضَا وَ ضِدَّهُ السُّخْطَ

وَ الشُّكْرُ وَ ضِدَّهُ الْكُفْرَانَ

وَ الطَّمَعُ وَ ضِدَّهُ الْيَأْسَ

وَ التَّوَكُّلُ وَ ضِدَّهُ الْحِرْصَ

وَ الرَّأْفَةُ وَ ضِدَّهَا الْقَسْوَةَ

وَ الرَّحْمَةُ وَ ضِدَّهَا الْغَضَبَ

وَ الْعِلْمُ وَ ضِدَّهُ الْجَهْلَ

وَ الْفَهْمُ وَ ضِدَّهُ الْحُمْقَ

وَ الْعِفَّةُ وَ ضِدَّهَا التَّهَتُّكَ

وَ الزُّهْدُ وَ ضِدَّهُ الرَّغْبَةَ

وَ الرِّفْقُ وَ ضِدَّهُ الْخُرْقَ

وَ الرَّهْبَةُ وَ ضِدَّهُ الْجُرْأَةَ

وَ التَّوَاضُعُ وَ ضِدَّهُ الْكِبْرَ

وَ التُّؤَدَةُ وَ ضِدَّهَا التَّسَرُّعَ

وَ الْحِلْمُ وَ ضِدَّه السَّفَهَ

وَ الصَّمْتُ وَ ضِدَّهُ الْهَذَرَ

وَ الِاسْتِسْلَامُ وَ ضِدَّهُ الِاسْتِكْبَارَ

وَ التَّسْلِيمُ وَ ضِدَّهُ الشَّكَّ

وَ الصَّبْرُ وَ ضِدَّهُ الْجَزَعَ

وَ الصَّفْحُ وَ ضِدَّهُ الِانْتِقَامَ

وَ الْغِنَى وَ ضِدَّهُ الْفَقْرَ

وَ التَّذَكُّرُ وَ ضِدَّهُ السَّهْوَ

وَ الْحِفْظُ وَ ضِدَّهُ النِّسْيَانَ

وَ التَّعَطُّفُ وَ ضِدَّهُ الْقَطِيعَةَ

وَ الْقُنُوعُ وَ ضِدَّهُ الْحِرْصَ

وَ الْمُؤَاسَاةُ وَ ضِدَّهَا الْمَنْعَ

وَ الْمَوَدَّةُ وَ ضِدَّهَا الْعَدَاوَةَ

وَ الْوَفَاءُ وَ ضِدَّهُ الْغَدْرَ

وَ الطَّاعَةُ وَ ضِدَّهَا الْمَعْصِيَةَ

وَ الْخُضُوعُ وَ ضِدَّهُ التَّطَاوُلَ

وَ السَّلَامَةُ وَ ضِدَّهَا الْبَلَاءَ

وَ الْحُبُّ وَ ضِدَّهُ الْبُغْضَ

وَ الصِّدْقُ وَ ضِدَّهُ الْكَذِبَ

وَ الْحَقُّ وَ ضِدَّهُ الْبَاطِلَ

وَ الْأَمَانَةُ وَ ضِدَّهَا الْخِيَانَةَ

وَ الْإِخْلَاصُ وَ ضِدَّهُ الشَّوْبَ

وَ الشَّهَامَةُ وَ ضِدَّهَا الْبَلَادَةَ

وَ الْفَهْمُ وَ ضِدَّهُ الْغَبَاوَةَ

وَ الْمَعْرِفَةُ وَ ضِدَّهَا الْإِنْكَارَ

وَ الْمُدَارَاةُ وَ ضِدَّهَا الْمُكَاشَفَةَ

وَ سَلَامَةُ الْغَيْبِ وَ ضِدَّهَا الْمُمَاكَرَةَ

وَ الْكِتْمَانُ وَ ضِدَّهُ الْإِفْشَاءَ

وَ الصَّلَاةُ وَ ضِدَّهَا الْإِضَاعَةَ

وَ الصَّوْمُ وَ ضِدَّهُ الْإِفْطَارَ

وَ الْجِهَادُ وَ ضِدَّهُ النُّكُولَ

وَ الْحَجُّ وَ ضِدَّهُ نَبْذَ الْمِيثَاقِ

وَ صَوْنُ الْحَدِيثِ وَ ضِدَّهُ النَّمِيمَةَ

وَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَ ضِدَّهُ الْعُقُوقَ

وَ الْحَقِيقَةُ وَ ضِدَّهَا الرِّيَاءَ

وَ الْمَعْرُوفُ وَ ضِدَّهُ الْمُنْكَرَ

وَ السَّتْرُ وَ ضِدَّهُ التَّبَرُّجَ

وَ التَّقِيَّةُ وَ ضِدَّهَا الْإِذَاعَةَ

وَ الْإِنْصَافُ وَ ضِدَّهُ الْحَمِيَّةَ

وَ التَّهْيِئَةُ وَ ضِدَّهَا الْبَغْيَ

وَ النَّظَافَةُ وَ ضِدَّهَا الْقَذَرَ

وَ الْحَيَاءُ وَ ضِدَّهَا الْجَلَعَ

وَ الْقَصْدُ وَ ضِدَّهُ الْعُدْوَانَ

وَ الرَّاحَةُ وَ ضِدَّهَا التَّعَبَ

وَ السُّهُولَةُ وَ ضِدَّهَا الصُّعُوبَةَ

وَ الْبَرَكَةُ وَ ضِدَّهَا الْمَحْقَ

وَ الْعَافِيَةُ وَ ضِدَّهَا الْبَلَاءَ

وَ الْقَوَامُ وَ ضِدَّهُ الْمُكَاثَرَةَ

وَ الْحِكْمَةُ وَ ضِدَّهَا الْهَوَاءَ

وَ الْوَقَارُ وَ ضِدَّهُ الْخِفَّةَ

وَ السَّعَادَةُ وَ ضِدَّهَا الشَّقَاوَةَ

وَ التَّوْبَةُ وَ ضِدَّهَا الْإِصْرَارَ

وَ الِاسْتِغْفَارُ وَ ضِدَّهُ الِاغْتِرَارَ

وَ الْمُحَافَظَةُ وَ ضِدَّهَا التَّهَاوُنَ

وَ الدُّعَاءُ وَ ضِدَّهُ الِاسْتِنْكَافَ

وَ النَّشَاطُ وَ ضِدَّهُ الْكَسَلَ

وَ الْفَرَحُ وَ ضِدَّهُ الْحَزَنَ

وَ الْأُلْفَةُ وَ ضِدَّهَا الْفُرْقَةَ

وَ السَّخَاءُ وَ ضِدَّهُ الْبُخْلَ

فَلَا تَجْتَمِعُ هَذِهِ الْخِصَالُ كُلُّهَا مِنْ أَجْنَادِ الْعَقْلِ إِلَّا فِي نَبِيٍّ أَوْ وَصِيِّ نَبِيٍّ أَوْ مُؤْمِنٍ قَدِ امْتَحَنَ اللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ

 وَ أَمَّا سَائِرُ ذَلِكَ مِنْ مَوَالِينَا فَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ بَعْضُ هَذِهِ الْجُنُودِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ وَ يَنْقَى مِنْ جُنُودِ الْجَهْلِ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ وَ الْأَوْصِيَاءِ

 وَ إِنَّمَا يُدْرَكُ ذَلِكَ بِمَعْرِفَةِ الْعَقْلِ وَ جُنُودِهِ وَ بِمُجَانَبَةِ الْجَهْلِ وَ جُنُودِهِ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَ إِيَّاكُمْ لِطَاعَتِهِ وَ مَرْضَاتِه‏ .

الكافي ج : 1  ص :  21

منقول مجلة سيماء الصالحين