٩ أعوام على جريمة سبايكر

صباح محسن كاظم

 أقسى وأمرّ وأبشع جريمة ما حصل في سبايكر بقتل الجنود بدم بارد ووحشية يندى لها جبين الإنسانية.. تلك الجريمة التي تمر ذكراها اليوم على الشعب العراقي والعالم أن يستذكر الأرواح الطاهرة التي أزهقت بسكين الغدر البعثي, ما من شعب إلا ومرت به المحن، وخاض حرباً، وعاش الألم... لكن بفترات متباعدة، أو لظروف طبيعية كالزلازل، والبراكين، والفيضانات.. كل مامن شأنه خارج الإرادة الإنسانية يحدث ويبقى ذاكرة الألم عند الأجيال؛ إلا محنتنا المستدامة من حروب وغزو لبلاد مابين النهرين من الجوار والصراع على أرضه بكل تأريخه، لكن هناك مأساة حقيقية شهدها شعبنا العراقي منذ قرصن البعث اللئيم، وزبانيته من عبيد الماسونية، والصهيونية الذين أهلكوا الحرث والنسل بعراق المقدسات، من ١٩٦٣ لزوال صنمهم وما بعده للآن  تفصح جرائمهم بعدة مسميات تارة القاعدة، وأخرى داعش، ولازال رجال البعث ممن هرب للأردن وسوريا ومصر يعتبرون مصدرا للإزعاج ومن داعمي  الإرهاب.. تاريخ من الحقد من إعدام أبناء العراق من تسلطهم ١٩٦٨ بكل عام جملة من الإعدامات من جماعة قبضة الهدى لزوال الصنم، التاريخ المنسي بالإعلام عندما جففوا الأهوار ١٩٩١ بعد إنتفاضة آذار وضربوا مدننا المقدسة بالنجف وكربلاء بصواريخ غدرهم وحقدهم، وأعدموا اكثر من 104 من مراجعنا الشهداء فضلاً عن تركهم  أكثر من 350 مقبرة جماعية خلفوا بحكمهم الدموي بعراقنا المظلوم، وتنفسنا الصعداء بإنهيار البعث الكافر.. لكن بدأت صفحة جديدة من العنف، والقتل، والإرهاب بيد أزلامه من المخابرات، والإستخبارات، وفدائيي صدام، وفصول جديدة تشابه مأساوية حكمهم من تفجير الجمعة الدامية وشهادة المجاهد محمد باقر الحكيم إلى كارثة جسر الأئمة، ومجزرة الكرادة وإحراق اكثر من 500 من الأبرياء بليلة العيد، وتفجير المتنبي الدموي، وبين تلك المأساة وغيرها مجزرة سبايكر، التي تعد الجرح الأعمق بالروح.

وبمناسبة الذكرى التاسعة ١٢ -٦-٢٠٢٣ ينبغي إنزال القصاص بمرتكبي الجريمة الذين إعترفوا وهم يتنعمون بسجن الحوت وغيره.. بذكرى فتوى الجهاد المقدس الثانية توجهنا لزيارة قطعات الحشد الشعبي بصلاح الدين.. وسامراء وتخومها بدعوة المركز الثقافي والإعلامي العراقي الذي نظم قافلة (سلاما ياعراق) في زيارة موقع شهداء سبايكر  القصور الرئاسية الصدامية:  تلك المجزرة  التي لايمكن وصفها  بالسوء فهي الأبشع، والأكثر إيلاماً بالروح، جرح غائر وعميق لاينسى فهو الاْقسى، جريمة أُرتكبت بإرادة ووعي وإصرار, فأدواتها كاملة أمام العدل والقضاء وجميع من ساهم من المشخصين للأجهزة الأمنية في الدفاع والداخلية والحشد وثقت بجرمها، وبوحشيتها، ودمويتها، بكل تأريخ الإنسانية.. تلك السادية والبربرية  التي إقترفتها يد الجريمة والأثم التي فتكت بشعبنا لعقود خلت، لتقوم مجددا بقتل وإبادة جنودنا العزل في فاجعة الفواجع.. وقمة المأساة التي حصلت بإسلوب  دنيء.. ووحشي.. وهمجي.. وبربري.. أرتكب بسابق إصرار وتعمد وإنتقام بشع لشباب عزل وقعوا أسرى بيد داعش البعث من آل بو ناصر.. وآل بو عجيل.. وبقايا ضباط وأيتام هدّام  من القرى المجاورة لقاعدة سبايكر..

عندما زرنا الموقع بتلك الذكرى بعد عام الدموع سبقت التعبير.. لن يتمالك أحدنا شعور غير الأسى والحزن الشعراء والكتاب ومن حضر، وناشدنا وطالبنا جميعاً بإنزال القصاص بكل من إعترف بفعل هذه الجريمة المُنكرة والتي لو حدثت لأي بلد لإعتبرها نكبة إنسانية، ورفع دعوة قضائية، على كل دولة ساهمت بمد ودعم الإرهاب، وحرضت على العنف والإبادة، ولدفعت تعويضات وهي صاغرة، فالإرهاب دوافعه معروفة، وحواضنه مكشوفة..

إن فتوى الجهاد الكفائي المقدس التي أطلقها مرجعنا المفدى أعادت التوازن ومحقت الإرهاب وحررت المدن.. بعد عام  زار الوفد الثقافي للمنتدى الإعلامي العراقي  معظم مواقع الحشد الشعبي لأبطالنا مباركاً لهم جهادهم المقدس، وأقمنا إحتفائية كبيرة في مقر قوات الرسول - ص- النهرية بحضور علماء من العتبات المقدسة كافة، ونخبة كبيرة من ضباط الجيش العراقي، وقادة الحشد الشعبي بفصائله المختلفة  لِيُنشد الشعراء  مرثية الفجيعة..

 تلك الجريمة تذكرنا بجميع الشهداء من مهندسنا جمال، وكل القيادات، والضباط، والشهداء، أكثم، ومحمد، ومصطفى، وصفاء وكل من دونتُ سيرته سابقاً ولاحقاً. وعلى الحكومة العراقية إنشاء متحف الجريمة بذات المكان، لتبقى  دماء الشهداء تذكر الأجيال بأهوال وبشاعة ماجرى من الأوغاد..