في ذكراها السنويّة.. فتوى الدفاع عن العراق وتنوّع الأثر الايجابي

صباح الطالقاني

في مثل هذه الأيام من شهر شعبان المعظّم عام 2014 أطلقت المرجعية الدينية ممثلةً بالمرجع الديني الأعلى سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله، فتوى التطوع للدفاع عن العراق أرضاً وشعباً ومقدسات.

وكان لهذه الفتوى المباركة التنوع الثري من الآثار الايجابية، التي فجّرت مكامن الايمان في قلوب الرجال فهبَّ الآلاف شيباً وشباباً لتلبية النداء.. نداء العزة والكرامة والنخوة، وتحققَت انتصارات وصلت أصدائها لأقاصي العالم، ليثبت العراقيون ان النداء الروحي والايماني قد هزّ اركان الارهاب وزلزل الارض تحت أقدام عصابات داعش وصولاً الى تحرير كل الاراضي التي دنستها ايادي الارهاب النجسة..

ان آثار فتوى المرجعية المباركة للدفاع عن العراق قد بيّنت العديد من الحقائق التي شملت نواحي الحياة الاجتماعية والدينية والاخلاقية والسياسية، وصولا الى خلق حالة من الوعي العام لدى الشعب لما يدور حوله من حجم مخيف من المؤامرات والخطط التدميرية..

لقد ساهمت هذه الفتوى في اظهار مكامن الولاء لأهل البيت عليهم السلام وللوطن، وأعطتنا صوراً حقيقية من معاني الايثار والتضحية والثبات والارادة.. تلك الصور التي افتقدناها منذ زمن طويل، ونستذكر بعض من صور الآثار الايجابية التي خلقتها فتوى الدفاع عن العراق وشعبه ومقدساته، بمناسبة ذكراها التاسعة.

رؤية استشرافية وجملة حقائق

يقول آمر لواء علي الاكبر (ع) اللواء علي الحمداني متحدثاً عن انطباعاته التي ارتسمت في اوائل ايام تأسيس الحشد وفق الفتوى المباركة" حينما أنطقُ اسم (الحشد الشعبي) يكاد قلبي يفرُ من بين أضلاعي، أتذكّر تلك الأيام التي وإن كانت ليست بالطويلة، ولكنّها علقت في ذاكرتي وشجوني، أمرّرُ أصابعي على وجنتيّ وأعدّ ما تساقط من دمعٍ لفراق أولئك الرائعين من الشيب والشباب من أبناء هذا الجيش العقائدي العراقي الخالص حدّ النخاع.. فأذرف دمعاً مضاعفاً ولا أفي حقّهم.. وإن كنتُ على يقين أنّ جنات الله تعالى التي تحلّقوا حولها هي المأوى الذي يليق بمثلهم.. وهم الذين بفضلهم وبفضل أبطالنا في القوات المسلحة الصامدين تم إبعاد شبح داعش عن العراق.. هذا التنظيم المرعب الذي أراد حرق الحرث والنسل.. ولكن هيهات من ذلك.. ألسنا من رفعنا راية الحسين الثائر (عليه السلام) (هيهات منّا الذلة)؟.. وجرى تطبيق ندائنا (يا ليتنا كنّا معك فنفوز فوزاً عظيماً) على الأرض.. نعم لقد كانت طفّاً ثانية.. الحسينيون الحقيقيون قبالة الأمويين الفاجرين.. فقد كان بينهم حبيب وعابس وجون والحر.. لمقاتلة أولاد هند وشمر.. الذين محقهم الله وجعل كيدهم في نحورهم.. وأعزّنا الله بفتح ونصر كبير فكانت كلمته ووعده الذي وعد به المؤمنين الصابرين المجاهدين.. عسى أن يتقبّل الله منا قرباننا، وأنا أقولها باعتزاز كبير أن أبناء الشهداء سيفتخرون ببطولات آبائهم على مدى الدهر، وسيقفون شامخين بل يقف التاريخ صادحاً بتضحياتهم وبسالتهم في مقارعة أعتى العصابات الإرهابية".

ويضيف اللواء الحمداني" لقد كان لحضور العمامة وأعني (رجال الدين) في ساحات القتال أثره الكبير على نفوس المقاتلين، فلم تتوقف هذه العمامة المباركة عند إصدار الفتوى بمقاتلة الإرهابيين، بل كان هنالك الكثيرون منهم بقوا واقفين إلى صفّنا وفي خطوط الصد الأمامي لمقاتلة العدو الداعشي وفيهم من أُستشهد (رحمهم الله) دفاعاً عن الدين والأرض والعرض وهم بذلك رسموا صورة عظيمة عن رجل الدين الذي وقف مع أخوته المقاتلين في محاربة الإرهاب، ثم لا ننسى أن المقاتلين من رجال الدين الحاضرين معنا كان لهم دور كبير أيضاً متمثّلاً بالتوجيه الديني والعقائدي وإرشاد المقاتلين وشرح وصايا المرجعية الدينية العليا للمقاتلين، خصوصاً وأننا دخلنا إلى مناطق سكنية وليست صحراوية بمعنى أن هنالك الكثير من العوائل البريئة التي سقطت تحت سيطرة الدواعش، وبالتالي هنالك وصايا خاصة من قبل الإمام السيستاني بهذا الخصوص في التعامل الإنساني مع العوائل وعدم ترويعهم والحرص على سلامتهم".

ويختم آمر لواء علي الاكبر (ع) حديثهُ بالإشادة بدور الاعلام في مواجهة تنظيم داعش قائلاً"  أما بالنسبة للإعلاميين الحربيين فهم جنود مجهولون، ويجاهدون من خلف الكواليس، واليوم أصبح لهم تواجد حيث وثقوا للتاريخ التضحيات الكبيرة للحشد الشعبي والقوات الأمنية. والذين تواصلوا مع الخط الأمامي.. هؤلاء الأبطال الذين واصلوا جهادهم على مدى معاركنا ضد العدو الداعشي، وتشرّفوا بتوثيق هذه التضحيات للتاريخ وحتى لا تسرق هذه الثورة كما سرقت انتصارات ثورة العشرين، ولذا أقول بصراحة أنّ الإعلاميين الحربيين أرّخوا بدمائهم وأقلامهم وكاميراتهم هذا التاريخ الحافل من النجاحات والانتصارات الكبيرة على العصابات الإرهابية، رغم محاولات الإعلام المضلّل من تشويه الحقائق وإظهار الحشد الشعبي بالصورة السيئة.. ولكن أنّى لهم ذلك؟!".

الأب وابنه أسوةٌ حسَنة

جمعت فتوى التطوع للدفاع عن العراق الآباء وأبنائهم سوياً، وشبكت أيديهم نحو طريق العز والنصر، وهذا ما وثّقته مئات القصص والروايات التي قد يعجز الواقع عن وصفها كونها وصلت حد الخيال من التفاني والتضحية والولاء...

يقول عبد الله فرحان الصالحي من مواليد 1969 ناحية صفوان بمحافظة البصرة" بعد ان أعلنت المرجعية الدينية العليا فتوى الجهاد الكفائي تركتُ عملي وأسرتي التي تتكون من عشر أفراد في رعاية الله وسارعت للالتحاق أنا وابني عبد الكريم وهو من مواليد (1993) وانضممنا الى أبطال لواء علي الأكبر عليه السلام لمقاتلة كيان داعش الارهابي".

ويتابع الصالحي حديثه" شاركتُ في المعارك التي خاضها اللواء ابتداءً من تحرير ناحية جرف النصر (جرف الصخر سابقا) وبعد أن أتممنا مهمتنا بنجاح تحركنا الى قضاء بلد في سامراء وخضنا معارك شرسة مع الدواعش، حيث كان لواء علي الاكبر في خطوط الصد للعدو ثم انتقلنا الى تحرير بقية مناطق محافظة صلاح الدين، حيث خضنا معارك شرسة في قضاء الدور والعوجة وقدمنا شهداء ومصابين فداء للعراق ومقدساته، وبعد أن تم الاعلان عن تحرير اغلب أراضي محافظة صلاح الدين اتجهنا الى قضاء بيجي لتحريرها وفي عملية اقتحام احد المنازل انفجرت عبوة كانت موضوعة على جدار المنزل وأصبتُ بشظايا في رأسي وأنا أردد (لبيك يا حسين ـ يا حسين) وفي وقتها فقدتُ النظر، وأنا بهذه الحالة شعرت بان شخص أسعفني ولم اعرفه قلت مع نفسي أعرفُ ان الدواعش يكرهون كلمة (لبيك يا زهراء- لبيك يا حسين) ولذا كررت نداء لبيك يا حسين فسمعتُ صوتاً يقول أحسنت يا بطل رفعتَ رؤوسنا فأدركتُ بأنهم أبطالنا ومنهم ولدي كريم، الذي كان يقاتل معنا فقال لي في تلك الأثناء (عفيه يا بطل رفعت راسي واعطيتني قوة لمواصلة قتال الدواعش الانذال) وعلمتُ فيما بعد أن عملية الاقتحام التي قُمنا بها ادت الى قتل 7 دواعش منهم قناصين".