اختلاف النمط الاجتماعي والثقافي بين الريف والمدينة وتأثيره على الأبناء

 

الباحثة: غانيا درغام

تختلف الحياة الاجتماعية بين شرائح وأخرى، ويرتبط هذا الاختلاف بمناحي متعددة، أما أن تكون جغرافيّة، أو اقتصادية أو تعليمية أو غيرها مما يؤثر على سلوك الفرد أو مجموعة من الأفراد، ويعتبر الفرق البيئي والاجتماعي بين القرية والمدينة من أبرز ما قد يؤثر على الحياة لدى الفرد والأسرة في حال تغير مناطق السكن، أما ما يخص الانتقال الجزئي لأبناء القرى إلى المدن بهدف الدراسة او العمل في سن البلوغ فإن بعض الأسر تخشى على أبنائهم من سلبيات مجتمع المدينة على الأبناء.

ضوابط ومحددات اجتماعية

السيدة ردينة ريا، مديرة مدرسة الجنديرية في اللاذقية، قالت خلال حديث خاص لمركز الاعلام الدولي في العراق: "نحن في القرية ننتمي إلى بيئة اجتماعية محافظة، ونواظب على توريث أبنائنا ذات العادات والتقاليد التي ورثناها عن أجدانا، طبعا مثلنا مثل أي شريحة اجتماعية تسعى للبقاء الكريم، أيضا إننا في مدارس قريتنا نصقل الطلاب بالتربية الصحيحة، لكن ما أريد التنويه له أننا في القرية جميع الاسر تعرف بعضها، وجميعنا لدينا ذات الصبغة الاجتماعية من تشجيع الى الامور الصحيحة ونبذ الامور الخاطئة، ولأننا قليلين العدد والجميع يعرف بعضه فإن هذا يعتبر اهم رادع للتصرفات السيئة، فمن سيقوم بفعل غير مألوف يعلم حتما أنه سيصبح منبوذا فيما بعد، وهذا ما يجعلنا نخشى على أبنائنا مع مرحلة انتقالهم إلى الجامعات في المدن، فهناك عدد سكاني أكبر، وعادات وتقاليد مختلفة، أيضا مع تطور التكنلوجيا و الانفتاح الاجتماعي على عادات الغرب السلبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالتالي دائرة الخوف تتضخم، فمثلا أنا لدي ولدان وأخشى عليهما مثل غيري من الاهالي الذين يخشون على ابنائهم من مرحلة توجههم الى الجامعة والخروج الى بيئة المدينة التي أتمنى أن يواكبوا فيها سبل الحياة التعليمية والعلمية والثقافية والاجتماعية الصحيحة، لكن خوفي مرتبط بمخالطتهم أصدقاء ليسوا صحيحين اجتماعياً ولديهم سلوك خاطئ كتعاطي المخدرات، واهمال دروسهم، واتباع اولادي لعادات لم يتربوا عليها بسبب تأثرهم بالأصدقاء غير الجيدين، وأنا كأم أولاً وكمديرة مدرسة تعليمية وتربوية أتمنى أن ينال هذا الموضوع اهتمام وحرص الاعلام في مهمته بالتوجيه العلمي والثقافي للموضوع".

وتبيّن لنا، من خلال دراسة الوضع النفسي والاجتماعي للحالة المطروحة أن مهمة الاهل في تنمية الفكر القيادي والثقة بالنفس إضافة إلى توسيع دائرة الملاحظات البديهية للأبناء هو من أهم ما يعالج المشكلة وكل ذلك مرتبط بتعزيز قوة الشخصية للأطفال، حيث إن الثقة بالنفس تنمو مع الفرد ويتواكب نموها مع نموه العقلي والجسدي، ويرتبط ذلك بالبيئة التي ينشأ فيها، فالطفل يكتسب الثقة بالنفس خلال الأعوام الأولى من حياته، وقد ذكرت الإحصائيات أن 90% من قيم كل شخص فينا تتكون قبل سن 7 سنوات، فالثقة تتكون عن طريق التفاعل الاجتماعي الحاصل بين أفراد الأسرة والمجتمع، بالتالي يجب على الأسرة أن تركز على تنمية هذه الثقة في نفوس أبنائهم من البيت وليس من المجتمع، حتى لا يأخذ ثقته بنفسه عن طريق أصحاب السوء.

ومن أهم فنون تربية الأبناء بناء الثقة بالذات، فالثقة بالنفس هي إيمان الإنسان بأهدافه وقراراته وبقدراته وإمكاناته، أي الإيمان بذاته، والإنسان الواثق من نفسه هو الشخص الذي يحترم ويقدر ويثق بقدراته على اتخاذ القرارات الصائبة ويدرك كفاءاته، كما يتسم بالاطمئنان والتفاؤل والقدرة على تحقيق الأهداف، وتقييم الأشخاص والعلاقات بشكل صحيح، بناءً على نظرته لنفسه وتقديره لذاته، حيث إن بناء الثقة هي أهم مهارة يمكن منحها للطفل، لأنه إذا اكتسب ثقته بنفسه كان قادراً على إبراز مهارته وتكوين صداقات وعلاقات اجتماعية صحيحة، بحيث يكون سعيداً في حياته وقادراً على اتخاذ قرارته في وقت غياب الوالدين.

دور الثقة في بناء التفكير الايجابي

كما تساعد الثقة على التفكير الإيجابي في التعامل مع الأخطاء، وهذا يشجعه على التفكير الإيجابي بنفسه وعدم إحباطه عند الفشل في أي محاولة، لأنه سيكون مدركاً أن هذه ليست إلا مجرد عقبة تقوّي من شخصيته، أيضاً تمنح الثقة مستوىً عالياً من الطاقة لممارسة الأنشطة الصحية، فالطفل الواثق بذاته يكون قادراً على بذل الجهد في ممارسة الرياضة بشكل سليم وتحقيق نجاحات كبيرة، وتقي ثقةُ الطفل من تدني مستوى الإيمان بذاته، حيث يكون لهذا تأثير ايجابي بعدم سعيه وراء إرضاء الآخرين خصوصا السلبين منهم.

وعن جعل الفكر القيادي خلاق لدى الأبناء بما تعززه الثقة بالنفس فهناك طرق فعالة للوصول إلى نتائج حقيقية وصحيحة، حيث يتكون الفكر القيادي الغير منصاع لرغبات الاخرين المنبوذة أو الغريبة عن طريق نوعية التنشئة الاجتماعية، فعندما ينشأ الطفل في بيئة مملوءة بالثقة بالنفس يكون واثقاً من نفسه معتمداً عليها لا يتخوف من مجابهة المواقف الاجتماعية أيّاً كان نوعها، ويحاول أن يخلق مواقف جديدة، كما يتعامل مع الآخرين من مختلف الأعمار والأجناس، ومن الطرق الصحيحة المتبعة في هذا السياق:

- التذكير أن الكمال ليس هدفاً: لا يجب أن يركز الاهل على كل صغيرة وكبيرة عند الطفل، بل يجب منحه المساحة الكافية للتعلم وعدم التدخل إلا إذا كان الأمر في امر مهم.

-عدم الانزعاج من الأخطاء: الأخطاء تقوي الطفل وتجعله قادراً على التعلم منها خطوة بخطوة، وكيف يزيل العوائق من طريق نجاحه وعدم تكرارها، فيجب الحرص على تشجيعه ومساعدته على رؤية من يرتكبون الأخطاء.

- تشجيع الطفل على تجربة أشياء جديدة: لأن التجديد يساعد الطفل على التفكير خارج الصندوق والتعامل مع المواقف التي يتعرض لها، ويكتسب خبرات في مجالات وأفق عديدة.

- تعليم الطفل التشجيع الذاتي: اي يجب أن يكون الوالدان قدوة له وتكرير عبارات تحفيزية تساعده على استخدامها في النهوض على قدميه عندما لا يكونان معه.

- مساعدة الطفل في تحديد أهدافه: فتحديد الأهداف يعزز ثقة الابن بنفسه ويخلق لديه فكر قيادي، لأنه يريد أن يحقق نجاحات ذاتية يفتخر بها، والحرص على تعليمه ترتيب الأولويات من حيث "المهم والعاجل، المهم وغير العاجل، غير المهم وعاجل، غير مهم وغير عاجل".

- اظهار حب الوالدان واحتفالهما بإنجازات الأبناء: يجب الاحتفال بإنجازات الأبن صغيرة كانت أو كبيرة ويجب أن يعرف أن والداه فخورين به "بغض النظر عن النتيجة" فهذا يساعده على معرفة حب الأهل له كما يساعده أيضاً في الحفاظ على قيمته تجاه نفسه.

كما يعتبر تقدير النفس عند الأبناء في أول مراحلهم العمرية مهم جدا من أجل بناء طاقة سلوكية صحيحة وقوية لمواجهة سلبيات اختلاف المجتمعات ومواجهة التصرفات والآراء السلبية من الغير، ويبدأ بناء تقدير النفس عند الأبناء في مرحلة عمرية مبكرة جدًا، ومن الخطأ الذي يقع فيه البعض هو عندما يظنون أن الطفل غير مدرك لبعض الأشياء، مثل التشجيع أو التقدير أو الإطراء، في المراحل العمرية المبكرة، ولكن في الحقيقة أنه يجب العمل على تعزيز تقدير الأطفال لأنفسهم من السنوات الأولى، فعندما يرى الطفل انتباه الوالدين لإنجازاته الصغيرة وتقديرهم لها، سيشجعه هذا على فعل المزيد والشعور بأن ما يفعله محل تقدير، بالإضافة إلى أن تشجيع الأطفال على تجرِبة أشياء جديدة أو التعرف على آخرين من ثقافات مختلفة، سيعمل بشكل إيجابي على تعزيز تقدير النفس وتقدير الآخرين، بجانب احترام الاختلاف وتقبله بالطبع، وهو ما سينعكس أيضا على ثقة الطفل وتقديره لذاته.

وتتعدد فرص نمو تقدير الذات عند الأطفال في المراحل العمرية المبكرة، فمثلًا في البداية يجب على الأهل أن يقتنعوا تمام الاقتناع أن كل طفل يختلف عن الآخر، وقد يكون هذا الاختلاف في بعض الأمور أو اختلاف كلي، وهو ما يعني أنه يمكن تعزيز تقدير طفل لذاته بسهولة، وقد تصعب هذه المهمة عند التعامل مع طفل آخر، بالإضافة، وهذا أمر مهم، ستبعد هذه القناعة الاهل عن أسوأ أمر قد يفعلوه خلال تربيتهم لأبنائهم، وهو "مقارنته بغيره"، لذا على الاهل العمل بلا كلل أو ملل، فما يفعلوه الآن سيكون له عظيم الأثر على الابن في المستقبل، سواء بالإيجاب أو السلب.

 خطوات تساعد على تعزيز ثقة الطفل في ذاته

- الدعم والمساعدة: يجب مساعدة الابناء في المراحل الأولى من تعلم المهارة الجديدة، وفي الوقت نفسه اتاحة لهم فرصة التجربة بأنفسهم ومتابعة تقدمهم، وفي حال وقوعهم في الخطأ، يمكن البدء في الإرشاد والتصحيح، ويمكنك فعل هذا من طريق بعض الخطوات، مثل الحرص على التوازن عند تخطيط مهمة ما للطفل، فلا يجعلها الاهل بسيطة جدا تحت مستوى قدراته، أو صعبة جدًا، ولكن يجب أن يكون تحديا يهدف إلى تطوير قدرات الطفل وليس دخوله في حالة إحباط، بالإضافة إلى تجنب الإطراء الزائد أو الذي في غير محله، فلا يمدح الطفل بعد مباراة ما وهو نفسه يعلم أنه لم يكن جيدًا بالشكل الكافي، وأخيرا يجب على دعمه وقت الخسارة أو الإخفاق في أمر ما، وعدم لومه بشكل يضعه في حالة إحباط، بل الإطراء ومدح "جهوده" وليس النتيجة، مثل أن يعلم الاهل أن طفلهم اجتهد في التدريب واللعب في هذه المباراة لكن الفريق خسرها، فيجب عليك تقدير جهوده وجهود الفريق ومناقشة أسباب الخسارة والتأكيد على أن هذه الخسارة فرصة جيدة للتصحيح والبدء من جديد.

- أن يكون الاهل قدوة حسنة لأبنائهم: يجب أن يجعلوا أطفالهم يرون جهود الأهل في الأمور اليومية، بداية من ترتيب المنزل حتى عمل كل من الوالدين، فلا يظهر الأهل تكاسل أو يبدون ضجر أو ملل أو تذمر مما يفعلوه لخدمة بيتهم وعائلتهم، بل يجب على الاهل إضفاء المرح والإيجابية على هذه المهام، فعندما يرى الابن ذلك سيتعلم أنه يجب عليه بذل مجهود حقيقي إذا أراد تحقيق أمر ما، وأن خدمة من يحبهم أمر محمود، يجب عليه الافتخار به.

إن كثيراً من الأمهات والآباء يريدون رؤية أنفسهم وتطوير نقصهم في أطفالهم، سواء من الناحية الشكلية أو من الناحية السلوكية، كما أن كثيراً منهم يجدون صعوبة شديدة في تربية أطفالهم إذا كانت شخصياتهم مختلفة عنهم، فالكثير من الآباء يحاولون جعل أطفالهم يتبعون نفس طريقتهم إيماناً منهم بأن هذه هي الطريقة المثلى في الحياة إلا أن هذا الاعتقاد له عواقبه الوخيمة التي يجب الحذر منها، ومن أشد هذه العواقب فقدان الطفل لثقته بنفسه عن طريق فقدانه لذاته وإجباره على اتباع شخصية معينة.

اهمية توعية الابناء المراهقين

اخصائية الإرشاد الاجتماعي زينب عبد الله، أوضحت في حديث خاص لمركز الاعلام الدولي في العراق عن اهمية توعية الأبناء المراهقين بقولها: "عندما نتحدث عن تغير بيئة لدى الفرد فهذا لا يخص بالمعنى الكامل فقط تغير البيئة، بل يجب ان نراعي المرحلة العمرية التي ترافقه في هذا التغير بالتالي لابد من تسليط الضوء على مرحلة الطفولة والمراهقة أيضاً، لأنها تماما تواكب الفترة الزمنية التي يعيشها الفرد من مرحلة الوجود في بيئة بسيطة محافظة الى بيئة اكبر واكثر عمقا بالمعرفة، هنا ستنتج مجموعة من العوامل السيكولوجية والفيزيولجية التي تشكل صراع داخلي مقارنة مع تغير البيئة، والجدير ذكره ان العامل الاقوى الذي يساعد في هذا التغير والتخبط هما الوالدان في المرحلة الاولى من الدائرة الاجتماعية القريبة في المرحلة الثانية، ففي مرحلة المراهقة يتسارع لدة المراهق النزوع للانفصال عن الاسرة وتزداد المشاركة في الانشطة مع الاقران، كما يعد التخلي عن طراز الاسرة من ناحية اللباس مثلا والميل لتفضل لباس مجموعة الاقران الموحد، وتؤدي مثل هذا التغيرات الاسلوبية عادة الى تضاربات وخلافات تكون في الحقيقة حول التاثير والسلطة او صعوبة تقبل الانفصال".

وأضافت عبد الله: "فلا يمكن عد جميع المراهقين متمردين ولا جميع الاباء رافضين لقبول الانفصال وفي هذه الفترة يتطلب الموضوع تقييم الذات وتقييم الفرص المتاحة فيكون وجود او غياب مثل اعلى واقعي موثوق لكل منهم امراً حاسماً، ومن هذا المنطلق هناك بعض البديهيات في التربية، يجب ان يمارسها الاهالي من وجهة نظري بالتعامل مع هذه المرحلة الحساسة وهي:

- متابعة الاهالي لأولادهم والاستماع لهم خاصة ان فترة المراهقة بالتحديد فترة انتقالية صعبة، بالإضافة الى صعوبة مرحلة الانتقال الى بيئة جديدة لذلك فان المراهق في هذه الفترة يكون بحاجة لوالديه بان يسمعوا رأيه وتوجيهه نحو الصواب والغلط دون ان يفرضوا عليه اي شيء.

- منح الثقة والتي تعتبر من اهم الاساليب المتبعة في منح الفكر القيادي، فمن المفروض ان يثق الاهالي في اولادهم وتربيتهم لهم فمثلا عندما يطلب المراهق ان يذهب مع اصدقاءه من المفترض ان يشجعه الوالدين ويمنحوه الاحساس انهم يثقون به، بالتالي عند غياب الاهل عنه سوف يعيد تدوير المبادئ والاخلاق التي حثوه عليها ويحرص على العمل بها من اجل الحفاظ على الثقة التي منحها اياه والداه، ومع الممارسة الدائمة لهذا الاسلوب سيتكون في العقل الباطن لدى الابن دائرة وعي حتى خارج ما اكتنزه من الوالدين.

- تحمل المسؤولية حيث يجب ان نعلم الفرد طفلا كان أم مراهقا تحمل المسؤولية ويجب ان يكون ذلك في مرحلة عمرية مبكرة.

- ان نعامل الطفل باحترام وان يكون له رأي حتى في التفاصيل الصغيرة وعدم مقارنته بغيره وتشجيعه دائما نحو الافضل ومواكبة ذات المعاملة حتى سن المراهقة والاعتماد على الذات.

- عدم استخدام اسلوب التدليل الزائد، والعكس صحيح، فيجب ان يكون هناك توازن في التعامل مع الابن.

وأكدت عبد الله أن: "كل هذه الاساليب هي اساسيات مهمة ومعروفة في التربية ولكن يجب استعمالها وتطبيقها وليس فقط معرفتها، اما بالنسبة للمجتمع وهو الدائرة الاجتماعية القريبة للمراهق، فالمعلمين في المدرسة والمشرفين عليه والاقران لهم تأثير كبير عليه، من وجهة نظري يجب تسليط الضوء على اهمية هذا الموضوع من خلال بعض الجلسات التوعوية او الندوات وان تعقد في مجالس اولياء الامور لتهيئة الاهالي والابناء معا لهذا المرحلة، وهذا من مهام وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع مؤسسات التنمية البشرية ووزارة الثقافة، لإطلاق حملات تثقيفية في المحافظات كافة".

اختلاف تأثير النظُم والتشريعات بين القرية والمدينة

وللتوضيح، يجب التفريق بين مجتمعَي القرية والمدينة من حيث العلاقات الاجتماعية حيث يعرف المجتمع الريفي بعلاقاته الاجتماعية القوية بين أفراده، ويرجع سبب ذلك لوجود صلة القرابة، وكذلك وجود التشاركية والتعاون الكبير بين أفراده، لذلك تكون الخصوصية والاستقلالية الشخصية قليلة، ويكون الفرد أكثر تضحية من أجل أفراد عائلته وأقاربه، من جهة أخرى فإن المجتمع المدني تضعف فيه العلاقات الاجتماعية والأواصر الأسرية بين أفراده، وهنا تتميز الخصوصية والاستقلالية الفردية فيمتلك كل فرد المسؤولية الكاملة عن قراراته، وعن الفرق بين القرية والمدينة من حيث القوانين، حسب كتاب جغرافية المدن، فإن المدينة لها نظام وتشريعات إدارية محددة على عكس القرية التي يكون النظام العشائري هو النظام السائد فيها، هنا تجد المدينة أكثر تنظيما من القرية لأن لها قوانين ثابتة وراسخة تنظّم أمور الحياة فيها، أما القرية فتحكمها غالبًا العادات والتقاليد في أغلب أمور الحياة.

وبسبب هذه الفروقات فإن الفرق الاجتماعي واضح بين الطرفين، ومجالات الخطأ في ممارسة الحياة الاجتماعية بالمدينة بالنسبة لأبناء القرى المستجدين أيضاً تكون واردة، لأنهم سيصادفون توسّع ثقافي وسلوكي غير مألوف بالنسبة لهم، ومنه ما يكون سلبي، وهذا ما يجعل لدى الوالدان مهمة التوعية التربوية ونبذ الخطأ والتآلف مع الصح.