قراءة في.. أضواء على الحضارة العراقية
صباح محسن كاظم
وطن الحضارات المتعاقبة، وطن الأنبياء والأولياء، يقر بذلك جميع الأنثروبولوجيا والمؤرخين، فلقد أثرت الحضارة السومرية بالإنسانية وهي من أقدم الحضارات من خلال منجزها في الكتابة.. والموسيقي.. والشعر.. والملاحم الخالدة كملحمة كلكامش، والقضاء والطب والرياضيات والجبر.
ولا زالت الحضارة الإنسانية تؤثر بكتابات ومدونات ومؤلفات من خلال علماء الأنثروبولوجيا والتاريخ الذين يؤكدون إبداع سكان (سومر) ومنجزها الحضاري الشاخص إلى الآن.
فالحضارة بوادي الرافدين من السومريين والأكديين والبابليين والآشوريين لها بصمتها في الحضارات الأخرى، وقد أثبت السومريون من خلال آثارهم الشاخصة بمدينة أور على إبداع سكان هذه الأرض، فقد قدموا للإنسانية عطاءً حضارياً شاخصاً ابتدأ بولادة النبي إبراهيم الخليل عليه السلام، وهذا ما أكده البابا بزيارته الاخيرة للعراق وكلمته التي ألقاها في مدينة أور.
والكتاب الذي بين أيدينا اصدار جديد، عن الحضارة العربية بمصر 2022، وكان ضمن إهداءات العلامة المؤرخ الدكتور محمد فتحي محمد فوزي، بعد فوز مؤَلَّفنا موسوعة الفنارات، بمؤسسة النيل والفرات، ضمن إهداءات من علماء وأدباء وأديبات مصر.. والكتاب يحمل عنوان أضواء على الحضارة العراقية / الدكتور محمد فتحي فوزي/ دار ببلونياما.. يؤكد المؤرخ بمقدمته ص5:
((الحضارة عندما نُعرفها هي: تقدم الشعوب في فترة زمنية معينة في الجوانب المدنية والثقافية والمناحي المدنية وتعني المنشآت والمعمار وتشييد المعابد والأبراج ونحت التماثيل وغيرها من أبنية وقصور، والنواحي الثقافية يُقصد بها بروز الكتابة والتفوق فيها كالكتابة المسمارية وخلافها، وكتابة الأدب بجميع أنواعه من أساطير وقصص وروايات وأشعار ورسوم فنية على جدران الكهوف والمعابد...)).
في فصول شيّقة يستعرض المؤلف دور الحضارة العربية بمحيطها الإقليمي والعالمي. لاريب إني لمست محبة المؤرخين بمصر للحضارة العراقية، ومعظم الآثاريين والعلماء بالوطن العربي خلال حضور المؤتمرات الدولية بالعواصم العربية، وهذا يعكس تأثير الحضارة العراقية بالعقل العربي، حيث يؤكد المؤرخ الدكتور محمد فتحي محمد فوزي في فصوله الأولى ص9:
((فقد قامت في منطقة سومر بجنوب العراق منذ عام 4000 ق - م في منطقة شط العرب بالجنوب حتى بغداد حول نهري دجلة والفرات...)) ويستمر بشرح الحضارة السومرية والبابلية والأشورية وما قدمته للبشرية من إنجازات حضارية وينتقل للعصر الإسلامي ومكانة العراق الحضاري بعد الرسالة.. بالطبع اختيار العراق من أئمة الهدى والتقى والطهر والعلم من آل المصطفى صلى الله عليه وآله لقيمة بلاد ما بين النهرين وما يمتلكه من مؤهلات حضارية وسجايا الجود والكرم والفروسية والعلم والأدب ويستعرض عديد من الأدباء وتأثيرهم بالتاريخ العربي.. ويستمر العلامة المؤرخ الدكتور محمد فتحي بالفصل الخامس والى التاسع بموضوعات تاريخية متنوعة منها العراق في التاريخ الوسيط ص74:
((بدأ القائد المغولي هولاكو خان سنة 1257 بتجميع عدد ضخم من جيوش الإمبراطورية المغولية بغية احتلال بغداد. وعند وصوله لعاصمة الخلافة الإسلامية طلب هولاكو من الخليفة العباسي المستعصم بالله الاستسلام ولكن الخليفة رفض الاستسلام، مما أثار غضب هولاكو فأمر بتدمير العاصمة...)) ويستطرد بعد ذلك غزو الدولة العثمانية للعراق، فيما ركز بالفصل السادس على الحضارة العراقية ومظاهرها ص79:
((السومريون اهتموا بإنشاء المدن الكبرى وشيّدوا القصور الفخمة والمعابد النادرة المحاطة بالمنازل الصغيرة في الحجم للأهالي...)) إن تأثير الحضارة العراقية يقر به جميع المؤرخين، مع إن متاحفنا الوطنية تزدان بجمال آثار حضارتنا، كذلك ما يوجد في متاحف العتبات المقدسات من المقتنيات الآثارية والهدايا المتنوعة من الملوك والسلاطين الزائرين لتلك العتبات في كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء..