النبي (صلى الله عليه وآله) ومشكلة الحجر الأسود

النبي (صلى الله عليه وآله) ومشكلة الحجر الأسود

ويحدثنا التاريخ عن موقف عبقري ملهم للنبيّ (صلى الله عليه وآله) قبل أن يبعث للناس نبياً، كان قد وقف كحكم بين قبائل قريش، فنال إعجابها واحترامها. فمن المعروف تاريخياً أن العرب كانت تعظم الكعبة، وتعتني بها في الجاهلية، وتحج إليها، وقبل البعثة النبوية بخمسة أعوام، انحدر سيل جارف باتجاه الكعبة فهدمها وخرب بناءها فاجتمعت قريش وقررت بناء الكعبة وتوسعتها، وطلبت من نجار قبطي في مكة أن يصنع سقفاً من الخشب حصلت عليه قريش من حطام سفينة على شاطئ البحر.

باشرت القبائل البناء بعد ان تقاسمت جوانب الكعبة فيما بينها وراحت تواصله حتى بلغ

 موضع الحجر الأسود، فاختلفوا فيما بينهم  على رفعه ووضعه في موضعه، فكل قبيلة تريد أن تختص بشرف رفع الحجر الأسود ووضعه في موضعه من الكعبة الشريفة، واستمر النزاع بينهم أربعة أو خمسة أيام حتى تواعدوا بالقتال، وكادوا يقتتلون، ثم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا  واتفقوا على أن يكون أول داخل على الاجتماع هو الحكم بينهم، وتعاهدوا على الالتزام بحكمه، فكان أول داخل عليهم هو محمد (صلى الله عليه وآله) فقالوا:

(هذا الأمين قد رضينا به، هذا محمد).

قام النبي بالتحكيم بينهم، فكان قضاؤه أن يوضع الحجر الأسود في رداء، فتأخذ كل قبيلة من القبائل المشتركة في البناء بطرف من الرداء، ثم يحمل الحجر الأسود بهذه الطريقة، ويقرب الى موضعه من الكعبة، فرضوا بحكمه، واستجابوا له. وحين أوصلوا الحجر الأسود محمولاً بهذه الكيفية، رفع محمد (صلى الله عليه وآله) الحجر الأسود بيده الشريفة ووضعه في موضعه، ثم بنى عليه.

وهكذا حسم النزاع برجاحة عقله، وسمو مقامه.

وقد كان لهذا الموقف أثر كبير في نفوس تلك القبائل، وتعميق مكانة الرسول ودوره القيادي؛ وتركيز للثقة بشخصيته وحكمته وأمانته.

المصدر كتاب محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله)/ مؤسسة البلاغ