التداول السلمي للسلطة

بحث: م م صباح محمد الجبوري – م م فراس عيسى الحميري

تتجه اغلب الدول في العالم الى النص صراحة أو ضمناً على مبدأ أساس في الانظمة الدستورية التي تبتعد عن الظلم والاستبداد, الا وهو مبدأ التداول السلمي للسلطة, فالسلطة منذ وجودها تشكل قيداً ثقيلا على حرية الانسان فضلا من ان السلطة ان لم تكن عادلة فأنها تكون مستبدة وظالمة للمجتمع الذي تحكمه, ومن هنا فأن موضوع التداول السلمي للسلطة يشكل هدف جماهيري للحد من تعسفها واستبدادها.

وتبرز اهمية ذلك المبدأ في كونه يمثل الركن الاساسي في النظم الديمقراطية التي تعني بحقوق الانسان وتصون كرامته فهو يمثل النمط المدني للسلطة ضد النمط العسكري أو الدكتاتوري المستبد , ورغم ذلك فأن هناك اشكاليات في بحث هذا الموضوع تكمن في نقص النصوص القانونية التي عالجت ذلك المفهوم (مفهوم التداول السلمي للسلطة ) مع وجود معوقات كبيره في تطبيق ذلك المفهوم تتمثل بقلة الوعي والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية , فضلا عن قلة الوعي لدى الشعوب في اختيار حكامهم وبناء دولتهم مع قلة وجود التوازن القانوني بين سلطات الدولة.

وبهدف الخوض في هذا الموضوع فقد اعتمدنا منهجية هذه الدراسة بالتحليل والتطبيق والمقارنة  إذ اخترنا دستور جمهورية العراق لعام 2005 النافذ ومقارنته  مع دستور الولايات المتحدة الامريكية ومصر للوقوف على ضمانات ذلك المبدأ ومعوقاته , اما فيما يتعلق بخطة البحث فقد قسمنا موضوع التداول السلمي للسلطة في ضوء دستور جمهورية العراق لعام 2005 على مبحثين خصصنا المبحث الأول لبيان مفهوم التداول السلمي للسلطة في دستور 2005 ووسائله , إما في المبحث الثاني فسنتناول فيه ضمانات ومعوقات التداول السلمي في دستور العراق لعام 2005.

وفي الخاتمة سوف يتم التطرق الى اهم النتائج والتوصيات التي تم التوصل اليها .

المبحث الأول

ماهية التداول السلمي للسلطة في دستور 2005 ووسائله

أن وجود السلطة اصبح من الضروريات التي تحكم المجتمعات البشرية وتنظم شؤونها , فهي ظاهر اجتماعية في الاصل , وهذه الظاهرة تكون ايجابية ان كانت تحافظ على الحقوق والحريات وبالعكس تكون تلك الظاهرة سلبية ان كانت تنتهك تلك الحقوق والحريات , وهنا اصبح من الواضح جدا ان التداول السلمي للسلطة هو المقوم الاساس الذي يصون تلك الحريات ويحافظ على تلك الحقوق وهو يمثل اليوم مطلبا جماهيريا على المستوى الوطني والدولي , وبهدف الوقوف على هذا المفهوم سنقسم هذا المبحث على مطلبين نتناول في الاول  مفهوم التداول السلمي للسلطة واقراره في دستور 2005, غما في المطلب الثاني فسنتناول فيه موقف دستور العراق لعام 2005 من التداول السلمي للسلطة.

المطلب الأول

مفهوم التداول السلمي للسلطة واقراره في دستور 2005

لبيان مفهوم التداول السلمي للسلطة في ضوء دستور جمهورية العراق لعام 2005 يتطلب منا تقسيم هذا المطلب على فرعين نتناول في الفرع الأول التعريف بالتداول السلمي للسلطة وشروطه , إما في الفرع الثاني فسنتناول فيه وسائل التداول السلمي للسلطة وفق التفصيل الاتي:

الفرع الأول

التعريف بالتداول السلمي للسلطة وشروطه

أولاً: تعريف التداول السلمي للسلطة

وضع فقهاء القانون معاني متعددة لمبدأ التداول السلمي للسلطة استند كل منهما الى مرجعية قانونية أو اجتماعية أو سياسية , إذ بين البعض بأن "التداول على السلطة مبدأ ديمقراطي لا يمكن وقفه لأي حزب سياسي أن يبقى في السلطة الى ما لا نهاية , بل يجب أن يعوض بتيار سياسي اخر ضمن احترام النظام السياسي القائم , والتداول على السلطة يدخل تغييراً في الادوار بين قوى سياسية تختلف بشكل طرفي عن السلطة لكي تدخل في المعارضة "(1), واضاف البعض  الاخر بأن التداول السلمي للسلطة هي " حركة متأرجحة بين حزبين رئيسيين يمر كل حزب منهما من المعارضة الى الحكم ثم من الحكم الى المعارضة " (2) , إما السلطة فتعني " القدرة على جعل المحكوم يعمل أو لا يعمل اشياء معينه سواء ارادها المحكوم ام لم يردها " (3).

ومما تقدم يمكن القول أن التداول السلمي للسلطة هو احد اركان النظم الديمقراطية التي تركز على عملية انتقال وتداول السلطة من شخص الى اخر أو من جماعة سياسية الى اخرى وفقاً لمدة محدده في الدستور ووفقاً لاطار ديمقراطي بعيداً عن الصراعات والانقلابات , إذ ينفذ من خلالها كل شخص أو كل حزب سياسي من الحكم الى المعارضة أو العكس .

ثانياً: شروط التداول السلمي للسلطة

1-التعددية الحزبية

تلعب التعددية الحزبية دوراً مهماً في تجاوز الاختلافات السياسية التي تحدث داخل النظام السياسي الواحد , ووجود التعددية الحزبية يؤمن التوازن بين التيارات السياسية ويحقق التوازن والاستقرار فيها . إذ تخلق جواً ديمقراطياً قائماً على قبول التنوع في الأراء والقوى السياسية  , على خلاف نظام الحزب الواحد الذي يحتكر السلطة ويصادر حرية الاخرين في اختيار الحاكم لصالحة , فالتعددية الحزبية تعكس معالم النظام الديمقراطي وتساهم في تفعيل مبدأ التناوب السلمي للسلطة (4).

2-اشراك الشعب في عملية التداول السلمي للسلطة

أن ارادة الشعب هي اساس شرعية سلطة الحكم (5) , إذ تتجلى تلك الارادة السليمة في الحق للأفراد باختيار حكومتهم (6) , إذ يختار المواطنون من بين المرشحين للسلطة من يرونه مناسبا وقادراً على ادارة شؤون البلاد ورعاية مصالحهم , وان احتكار السلطة بيد شخص الحاكم لمدة طويلة يعني الاستبداد بالسلطة مما يستدعي تغيير نظام الحاكم , وهذا هو محور العملية السياسية المبنية على اساس التداول السلمي للسلطة المستند الى ارادة الشعب الحقيقية (7).

3-تحديد النطاق الزماني للسلطة

أن من اهم الضمانات لمبدأ التداول السلمي للسلطة في الانظمة الديمقراطية هو تحديد النطاق الزماني لتولي السلطة ويتجلى ذلك بما يأتي :-

أ-الولايات المتحدة الامريكية

  • منصب الرئيس : تضمن الدستور الأمريكي لعام 1789 المعدل في المادة (2) فقرة (1) على " تناط السلطة التنفيذية برئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويشغل الرئيس منصبه لمدة اربع سنوات " , إما فيما يتعلق بتحديد عدد مرات تولى السلطة في منصب الرئاسة فقد نصت المادة (22/1) من الدستور اعلاه على " لا يجوز اعاده اي شخص لمنصب الرئيس لأكثر من دورتين ".

ومما تقدم يتضح لنا أن الدستور الامريكي المعدل لعام 1789 قد حدد مرة واحدة لتولى السلطة في منصب الرئيس وهي لمدة اربع سنوات وكذلك قد حدد عدد مراتها لدورتين فقط بشرط الفوز , مما يضمن عدم الاستئثار بالسلطة.

  • الكونغرس :- نصت الفقرة الأولى من المادة الأولى من دستور الولايات المتحدة الأمريكية لعام 1789المعدل على " جميع السلطات التشريعية تناط الى كونغرس الولايات المتحدة الأمريكية الذي يتألف من مجلس الشيوخ ومجلس النواب "
  • مجلس الشيوخ :- نصت المادة الأولى الفقرة الثالثة من الدستور الامريكي لعام 1789 المعدل على " يتألف مجلس الشيوخ من شخصين عن كل ولاية , تختارهما السلطة التشريعية في تلك الولاية لمدة ست سنوات " . من خلال نص هذه المادة نجد ان المشرع الأمريكي قد ساير اغلب دساتير العالم وحدد مده تولي السلطة في مجلس الشيوخ بست سنوات ولكن قد اغفل عن تحديد عدد مراتها وهذا مرهون بالفوز بالانتخاب .
  • مجلس النواب :- نصت المادة الأولى الفقرة الثانية من دستور الولايات المتحدة الأمريكية لعام 1789المعدل على " يتألف مجلس النواب من اعضاء يختارون كل سنتين من قبل الشعب من مختلف الولايات " وما يمكن ملاحظته على هذا النص ان المشرع الامريكي ايضا قد حدد مدة العضوية في مجلس النواب بسنتين دون ان يحدد عدد مرات تولى العضوية وجعلها مشروطة بالفوز (8).

ب- جمهورية مصر العربية

  • منصب الرئيس:- نصت المادة (140) من الدستور المصري لعام 2014 على " ينتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه ولا يجوز اعادة انتخابه الا لمره واحده " كذلك نجد ان المشرع المصري قد اتجه مع اغلب دساتير العالم بتحديد مدة تولي السلطة بأربع سنوات مع عدم جواز انتخابه لأكثر من دورتين .
  • مجلس النواب:- نص الدستور المصري لعام 2014 في المادة  (106) على " مدة عضوية مجلس النواب خمس سنوات ميلادية , تبدأ من تاريخ أول اجتماع له . ويجري انتخاب المجلس الجديد خلال الستين يوما السابقة على انتهاء مدته ". كذلك نجد ان المشرع المصري في هذا النص قد حدد مدة تولي العضوية في مجلس النواب وهي خمس سنوات ولم يحدد عدد مرات تولي في المجلس باستثناء ما ورد في المادة (117) والتي تضمنت ما يلي أن منصب رئيس المجلس أو وكيله لا يجوز انتخابهم لأكثر من فصلين تشريعين متتاليين (9) .

الفرع الثاني

وسائل التداول السلمي للسلطة

من اجل تحقيق التداول السلمي للسلطة لابد من ممارسته بإحدى الوسائل السلمية المنصوص عليها وفق الدستور , وهذه الوسائل تتمثل بالانتخاب , والاستفتاء:

أولاً: الانتخاب ودورة في تداول السلطة سلمياً

لا وجود للديمقراطية الحقيقية بدون وجود انتخابات حرة نزيهة , إذ تعد الانتخابات هي من اهم الوسائل التي يمكن من خلالها  تداول السلطة سلمياً واختيار الحكام وهي الوسيلة الاساسية للديمقراطية النيابية ويمكن اعطاء معنى الانتخاب بصور مختلفة فمنهم من عرفه بأنه " الوسيلة الاساسية لأسناد وتداول السلطة في النظم الديمقراطية النيابية , إذ يقوم الناخبين بممارسة حقهم في اختيار من يمثلهم في المؤسسات الحاكمة " هذا من الناحية الموضوعية , إما من الناحية الشكلية فقد عرفه البعض الاخر بانه " مجموعة القواعد التي تحدد الاشخاص الذين يملكون حق الاشتراك في تكوين الهيئات الحاكمة في الدولة , وكذلك كيفية اجراء الاقتراع واقرار نتائجه " , وهذه الناحية تمثل البعد الابرز في العملية الانتخابية , إذ يغلب عليها الطابع الاجرائي بشكل كبير في حين ركز جانب من الفقه على الجمع بين البعدين العضوي (الشكلي) والموضوعي (المادي) للانتخاب فعرفه بأنه " الوسيلة الاساسية الوحيدة لأسناد السلطة في النظم الديمقراطية المعاصرة من ناحية , ولتحقيق حق المشاركة في الحياة السياسية من جانب افراد الشعب من ناحية اخرى " (11) .

ومما تقدم يمكن القول بأن الانتخاب هو عبارة عن وسيلة اساسية لتداول السلطة سلميا في الانظمة الديمقراطية النيابية ويكون بموجب تلك الوسيلة الشعب مصدر السلطات.

فضلاً عن ذلك نجد , انه لا تجري الانتخابات بطريقة واحدة في جميع الدول , بل توجد انظمة انتخابية مختلفة , وهنا تكتسب دراسة نوعية النظم الانتخابية وصلاحياتها اهمية كبيره في ايجاد تداول سلمي حقيقي للسلطة إذ نجد ان اهم النظم الانتخابية المعروفة في العالم هي الاولى في الانتخاب المباشر وغير المباشر , إذ اختلف الفقه في تقديره فمنهم من امتدح نظام الانتخاب المباشر كون الشعب يمارسه دون وساطة احد , واعتبروا الاقتراع غير المباشر اقل ديمقراطية من الاقتراع المباشر كونه يقصر دور المحكومين على انتخاب فئه محدودة تكون بيدهم مهمة اختيار اعضاء البرلمان .

أما النظام الثاني فهو الانتخاب الفردي والانتخاب بالقائمة , مكان تقدير الفقه لمزايا وعيوب هذين النظامين على اساس صغر المنطقة الانتخابية في الانتخاب الفردي وكبرها في الانتخاب بالقائمة , فصغر الدائرة الانتخابية يجعل الناخبين على دراية كاملة بالمرشحين مما يؤثر في اختيار الافضل , كذلك يضمن نوعا من التمثيل للأحزاب الصغيرة وبالتالي يوسع دائرة التداول السلمي للسلطة , في حين نظام الانتخاب بالقائمة يضعف تمثيل الاحزاب الصغيرة ويؤهل الأحزاب القوية مما يؤدي الى استئثارهم بالسلطة وتعويق عملية التداول السلمي.

أما فيما يتعلق بالنظام الانتخابي الثالث فهو الانتخاب بالأغلبية والانتخاب بالتمثيل النسبي , فقد انتقد جانب من الفقه نظام الاغلبية على اساس انه يؤدي الى ظلم حزب الاقلية ويحابي حزب الاكثرية , وبالمقابل امتدح نظام التمثيل النسبي كونه اكثر الانظمة الانتخابية تحقيقا للعدالة , كذلك من مقومات النظام الانتخابي الصالح هي عمومية الانتخاب والترشيح الذي لا يستبعد اي شخص من الاقتراع بسبب ثروته أو دينه أو شهادته أو اصله أو حرفته مع  الفرض في المساواة من اختيار المرشحين الذي يعطي الحق في الترشيح لجميع المواطنين مع ضمان حرية الانتخابات ونزاهتها(11).

اضافة إلى ذلك نجد , ان الانتخاب يلعب دورا مهما واساسيا في تداول السلطة سلميا , كون تلك الوسيلة تعد سلاحا بيد الشعب ضد الاستبداد والدكتاتورية والاستئثار بالسلطة , كونه لا يمثل اختيار شخص فحسب , وانما يمثل اختيار برنامج معين واتجاه معين واهداف معينه , وبما ان النظام الانتخابي له علاقة تكاملية مع النظام السياسي فأنه بالضرورة يؤثر على الاحزاب السياسية سلبا ام ايجابا , ومن حيث الزيادة بتوزيعها أو عددها أو من حيث تضييقها يخرج باستنتاجات مشتركة ورؤية واحدة في اقامة حكم ديمقراطي قائم على مبدأ التداول السلمي للسلطة هذا من جهة , ومن جهة اخرى يعد الانتخاب الطريق الامثل لتأكيد سيادة الشعب في ظل تعذر ممارسته للسلطة بنفسه , لذا عد الانتخاب عمود الديمقراطية النيابية فليس بإمكان الشعب ممارسة السلطة بشكل مستمر الا عن طريق نواب وممثلين عنه , وليس بإمكان هؤلاء النواب والممثلين تولي الحكم الا عن طريق اختيار الشعب لهم , إذن فان الانتخاب هو وسيلة الشعب لممارسة السلطة وسبيل الحكام لتوليها (12).

ثانياُ: الاستفتاء ودورة في تداول السلطة سلمياً

يمثل الاستفتاء ممارسة ديمقراطية يمكن من خلالها ان يمارس الشعب ادوار مختلفة كونه صاحب السيادة في الاصل فيكون اخذ رأي الشعب في انشاء دستور جديد للبلاد يسمى (بالاستفتاء الدستوري) , إما موضوع اخذ رأي الشعب حول قانون معين يسمى ( بالاستفتاء التشريعي) , كذلك هناك استفتاء اخر يسمى ( بالاستفتاء السياسي ) ويتعلق بالمواضيع السياسية فمثلا يصوت الشعب في حل النزاع بين الحكومة والبرلمان , فضلا عن ذلك فأن هناك استفتاء يتعلق بتقرير مصير الاقليم الذي يقطن عليه الشعب المستفتي بالضم أو الانفصال , أو يكون موضوعه يتعلق بشخص الرئيس أو الحاكم وهو ما يسمى بالاستفتاء (الرئاسي أو الشخصي) (13) , فالاستفتاء في معناه الاصطلاحي هو عرض موضوع عام على الشعب لأخذ رأيه فيه  بالموافقة أو الرفض , أو هو طلب الرأي من المواطنين في شأن من الشؤون العامة المتصلة بالسلطة أو الحكم (14) , أو هو عرض موضوع على الشعب بمفهومة السياسي لغرض معرفه وجه النظر فيه (15).

ومما تقدم يمكن القول أن الاستفتاء هو احد الوسائل الديمقراطية التي يتم من خلالها الرجوع الى الشعب واخذ رأيه في اي شأن من الشؤون العامة المهمة في الدولة.

ولكي يكون الاستفتاء  صحيحاً هناك جملة من المقومات يجب توافرها في الاستفتاء منها عامة واخرى خاصة , فالأولى تتمثل بكفالة حرية الافراد بالقدر الكافي من الحريات السياسية في الاستفتاء في جو من الديمقراطية السلمية بعيداً عن الدكتاتورية , كذلك من مقومات الاستفتاء بشكل عام وجود الوعي الشعبي فالاستفتاء الحقيقي يلزم وجود شعب واعي وعارف ما يحققه , مع وجوب ضمان حرية ونزاهة عملية الاستفتاء , إما عن المقومات الخاصة للاستفتاء فتتمثل بإقرار حق الترشيح لجميع المواطنين , إذ لا يمكن الاعتراف بالاستفتاء كوسيلة للتداول السلمي للسلطة ما لم يكن للشعب دوراً في اسنادها , كذلك وجوب اقتران الاستفتاء بمدة تولي السلطة كونها شرطاً ضرورياً لتداول السلطة سلمياً , وقد سبق الحديث عنها مع ضرورة خضوع الاستفتاء للرقابة لكي تكون نتائجه مقبولة (17).

وقد لعب الاستفتاء دوراً مهماً في عملية تولي السلطة من جهة وانهاء ولاية القابضين عليها من جهة اخرى , كونه يتفق مع الفكرة الديمقراطية , ولعل ابرز صوره لتولي السلطة عن طريق الاستفتاء وهو منصب رئاسة الدولة وهذا ما يطلق عليه الفقه بالاستفتاء الشخصي , وبرز هذا الاستفاء لأول مره في فرنسا عام 1804 واعتمد فيها عندما طرح اسم نابليون ليكون امبراطوراً فتم موافقه الشعب على ذلك , وتلا ذلك الاستفتاء استفتاء اخر سنه 1852 , إذ تم اختيار نابليون الثالث امبراطوراً على فرنسا . فالاستفتاء الشخصي لعب دوراً مهماً منذ عام 1799 , إذ جرى استفتاء الشعب الفرنسي على مشروع دستور السنه الثامنة والذي كان ينص في المادة (39) منه على تكوين الحكومة من ثلاث قناصل , وتلاه استفتاء سنه 1852 , واستفتاء 1804 , إما في المنطقة العربية فقد شهدت كذلك دوراً مهماً للاستفتاء وذلك في اسناد السلطة لرئيس الدولة وبتنظيم اكثر وضوحاً , فقد شهدت مصر منذ عام 1956 وحتى عام 2005, والعراق في ظل دستور 1970 بعد تعديله عام 1995, وسوريا بموجب دستورها المؤقت عام 1971 , وتونس بموجب دستورها1951 , إما على مستوى البرلمانات كذلك لعب الاستفتاء دوراً في تكوين بعض المجالس النيابية  ابان النظام الفاشي في ايطاليا عام 1928 وعام 1938(18) .

ومما تقدم يمكن القول أن الاستفتاء قد لعب دوراً مهماً في ابراز صورة التداول السلمي للسلطة سواء من جهة تولي المناصب أو انهائها وهو يأتي بالمرتبة الثانية بعد الانتخاب كوجه اخر للتداول السلمي للسلطة.

المطلب الثاني

موقف دستور العراق لعام 2005 من التداول السلمي للسلطة

لبيان موقف دستور جمهورية العراق لعام 2005 من التداول السلمي للسلطة يتطلب منا الوقوف على معرفة موقف ديباجة الدستور في الفرع الأول , ومن ثم موقف متن الدستور في الفرع الثاني وفق التفصيل الاتي:

الفرع الأول

موقف ديباجة دستور العراق لعام 2005

يقسم فقهاء القانون الدستوري الوثيقة الدستورية الى قسمين , المقدمة (الديباجة) و (المتن) , وفي الوقت الذي يتضمن فيه متن الدستور على الاحكام والمواد الخاصة بالحقوق والحريات , وتنظيم سلطات الدولة , وتحديد العلاقة بينهما , فمقدمة الدستور تبنى على اساس احتواء المبادئ والاسس التي يقوم عليها النظام السياسي , والاهداف التي يسعى المجتمع لتحقيقها , وبالرغم من الاتجاهات الفقهية في تحديد طبيعة مقدمة الدستور ومدى الزاميته ما تتضمنه من اسس ومبادئ , فأن الرأي الراجح يذهب الى ان مقدمة الدستور هي جزء من الدستور وبالتالي تتمتع بالقوة الالزامية نفسها التي يتمتع بها بقيه اجزاء الدستور , ومن ثم فأن ما يرد في المقدمة من مبادئ واسس واحكام تعد ملزمة لسلطات الدولة خاصة السلطات التشريعية التي يجب أن لا تخالف مبادئ الدستور فيما تصدره من تشريعات (19), وبالرجوع الى ديباجة دستور جمهورية العراق لعام 2005, نجد ان المشرع العراقي قد اقر صراحة مبدأ التداول السلمي للسلطة , إذ جاء على النحو الاتي" نحن ابناء وادي الرافدين... لم توقفنا الطائفية والعنصرية من ان نسير معاً لتعزيز الوحدة الوطنية وانتهاج سبل التداول السلمي " (20).

ويتضح مما تقدم أن المشرع الدستوري قد اقر مفهوم التداول السلمي للسلطة بشكل واسع وشامل , ويرجع سبب رغبة المشرع في ذلك المفهوم الى رفض التاريخ السياسي العراقي الذي احتكر السلطة على طائفة معينه وفرد معين , أو قومية أو عشيرة واحدة , والقضاء على الاستئثار بالسلطة والتأكيد على مبدأ الشراكة الوطنية وتعزيزها . كذلك نجد ان المشرع الدستوري العراقي قد سلك مسلك الدساتير المعاصرة الحديثة التي نصت في تشريعاتها على مبدأ التداول السلمي للسلطة واعتناق مبادئ الدولة القانونية الديمقراطية , والحفاظ عليها من خلال النص عليها في قواعد الدستور.

الفرع الثاني

موقف متن دستور العراق لعام 2005

فضلا عن الاقرار الصريح لمبدأ التداول السلمي للسلطة , في ديباجة دستور جمهورية العراق لعام 2005 , فقد تضمن الدستور في مواده تأكيداً على مبدأ التداول السلمي للسلطة , إذ نصت المادة (49/أولاً) على " يتكون مجلس النواب من عدد من الاعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي باكمله , يتم انتخابهم بطريقة الاقتراع العام السري المباشر , ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه" .

من خلال هذه المادة نجد انها قد حصرت عملية تولي السلطة التشريعية عن طريق الانتخاب الذي يعد الوسيلة الاساسية للتداول السلمي للسلطة , وهذا يشير ضمنا لمبدأ التداول السلمي للسلطة , كذلك نصت المادة (61/ثالثاً) على " يختص مجلس النواب /ثالثا/ انتخاب رئيس الجمهورية". كذلك نجد ان تولي منصب رئيس الجمهورية ايضا بيد ممثلي الشعب وهو اختصاص حصري لهم , وبدورهم يمثلون ارادة  فترجع زمام الامور الى الشعب في اسناد منصب رئيس الجمهورية  . كذلك نصت المادة (70/ أولاً) من الدستور على " ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيسا للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد اعضاءه " وهنا تأكيد على اختيار رئيس الجمهورية وتولي سلطته بيد ممثلي الشعب فهو سبيله في الوصول اليها , إما ما يخص تولي منصب رئيس مجلس الوزراء فقد نصت المادة (76/أولاً) على " يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية".

كذلك نصت الفقرة الثالثة من نفس المادة على" يكلف رئيس الجمهورية مرشحا جديداً لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوم عند اخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة خلال المدة المنصوص عليها في البند ثانياً من هذه المادة", فضلا عن ذلك فقد اشترط الدستور ان يكون مجلس الوزراء حائزاً على ثقة مجلس النواب بالفقرة الرابعة من المادة اعلاه بقولها " يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف اعضاء وزارته والمنهاج الوزاري على مجلس النواب ويعد حائزاً ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة".

ومما تقدم يمكن القول ان مبدأ التداول السلمي للسلطة ورد ضمنا في المواد (49/اولا , و61/ثالثا , و70/اولا , 76/أولا , وثالثا ورابعاً) , إذ نجد في ذلك ان تولي السلطة التشريعية بيد الشعب وكذلك تولي السلطة التنفيذية بيد ممثلي الشعب وهذا يعطي للدستور الوجه الاكمل للديمقراطية السليمة , فضلا عن ذلك نشر الى ان دستور 2005 في المادة (144) نص على " ويعد هذا الدستور نافذاً بعد موافقه الشعب عليه بالاستفتاء العام ونشره في الجريدة الرسمية وتشكيل لحكومة بموجبه ", وهذا ما يدل ايضاً ان شكل الدولة ونظام الحكم فيها المتمثلة في دستور 2005 قد تم اخذ رأي الشعب فيه كنظام سياسي مما يعزز دور الشعب وارادته في عملية ادارة الدولة , وقد اضافه الدستور بالمادة (142/ ثالثا ) " تطرح المواد المعدلة من قبل مجلس النواب وفقاً لما ورد في البند (ثانياً) من هذه المادة على الشعب للاستفتاء عليها خلال مدة لا تزيد على شهرين من تاريخ اقرار التعديل في مجلس النواب " , كذلك اكدت الفقرة الرابعة من المادة المذكورة انفا على " يكون الاستفتاء على المواد المعدلة ناجحاً بموافقة اغلبية المصوتين , وإذا لم يرفضه ثلثي المصوتين في ثلاث محافظات أو اكثر " ومن هنا نجد مبادئ تكميلية لحماية مبدأ التداول السلمي وهذا ما يدل ان طريقتي الانتخاب والاستفتاء قد وردتا في صلب الدستور لتعزيز النظام الديمقراطي والذي يعد التداول السلمي للسلطة الركن الاساس فيها.

المبحث الثاني

ضمانات ومعوقات التداول السلمي في دستور العراق لعام 2005

اعتمد دستور العراق لعام 2005 النظام الجمهوري البرلماني رسمياً , وذلك في المادة الأولى منه ,إذ نصت على " جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كامله ,نظام الحكم فيها جمهوري نيابي برلماني ديمقراطي, وهذا الدستور ضامن لوحدة العراق".

وكون مبدأ التداول السلمي للسلطة هو احد المبادئ والاركان الاساسية للنظام الجمهوري البرلماني فالدستور العراقي لعام 2005 قد تضمن العديد من الضمانات التي تكفل حمايته , لكن ما جرت عليه الممارسة السياسية وتأثيرها على مبدأ التداول السلمي جعلت هناك العديد من المعوقات التي ادت الى عرقله ذلك المبدأ , وللوقوف على تلك الضمانات والمعوقات سوف نقسم هذا المبحث على مطلبين نتناول في الأول الضمانات , إما في الثاني فسنخصصه لبيان المعوقات وفق التفصيل الاتي:

المطلب الأول

الضمانات

الى جانب ما ذكرنا من ضمانات في بحثنا هذا والمشار اليها في المبحث الأول المطلب الثاني الواردة في ديباجة الدستور ومتنه , فهناك ضمانات اخرى يمكن تقسيمها على ثلاث فروع , الأول يتناول الضمانات القانونية , والثاني تناول الضمانات السياسية , والثالث خصص لبيان الضمانات الاخرى.

الفرع الأول

الضمانات القانونية

ان دستور جمهورية العراق لعام 2005 قد اقر جملة من الضمانات القانونية من اجل حماية التداول السلمي للسلطة وتتمثل هذه الضمانات بالاتي:

أولاً: اقرار مبادئ حماية التداول السلمي للسلطة في الدستور

أن بمجرد الاقرار الصريح والضمني لمبدأ التداول السلمي في قواعد الدستور, هو ضمانه قانونية كلياً كون تلك القواعد تكون في قمة الهرم القانوني في الدولة, إذ تشكل هذه القواعد سداً منيعاً بوجه السلطتين التشريعية والتنفيذية من سن اي قانون, أو اي عمل تنفيذي يتعارض مع المبادئ التي اكدها الدستور واهمها مبدأ التداول السلمي للسلطة, فنجد اول الضمانات القانونية التي يضمنها الدستور, وفق ما اشار اليه المادة الأولى منه المذكورة انفاً بأن جمهورية العراق دولة اتحادية نظام الحكم فيها جمهوري نيابي ديمقراطي, كذلك ما نصت عليه المادة الثانية (أولاً/ب) بقولها" لا يجوز سن اي قانون يتعارض مع مبدأ الديمقراطية" فهذا النص يؤكد على المنع بأي شكل من الاشكال من اصدار اي قانون ينتهك مبدأ التداول السلمي للسلطة, فضلا عن ذلك نجد ان الدستور في المادة الخامسة منه قد اكد على" ان السيادة للقانون والشعب مصدر السلطات وشرعيتها ويمارس الاقتراع السري العام المباشر".

ومن خلال هذا النص يتضح لنا ان الشعب هو مصدر السلطة والتداول السلمي حصراً بيده وسيمارس ذلك عن طريق الوسيلة الاساسية له وهي الانتخاب , اضافه الى ذلك نجد ان الدستور قد اورد في المادة (50) منه على تأدية اليمين الدستوري لأعضاء السلطة الاتحادية في العراق للحفاظ على سلامة النظام الديمقراطي الاتحادي في العراق (21) .

ثانياً: تحديد النطاق الزماني لتداول السلطة

1 – تحديد النطاق الزماني لتداول السلطة التشريعية

أن المادة (48) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 قد اشارة الى ان السلطة التشريعية الاتحادية تتكون من مجلسين هما مجلس النواب ومجلس الاتحاد, إذ نجد ان الدستور قد حدد في المادة (56) منه المدة الزمنية لتولي السلطة التشريعية, إذ تضمن بان تكون الدورة الانتخابية لمجلس النواب اربع سنوات تقويمية تبدأ بأول جلسه وتنتهي نهاية السنه الربعة, فنجد ان النص المذكور جاء منسجماً مع اغلب الدساتير الديمقراطية التي حددت مده تولي السلطة التشريعية وهو ما يؤكد ضمانه مبدأ التداول السلمي للسلطة.

أما ما يخص بعدد مرات تولي السلطة التشريعية فقد جعلها الدستور مطلقه بشرط الفوز, أي عدم تحديد عدد مراتها, ونجد ان عدم تحديد عدد مرات تولي السلطة هو امراً طبيعيا يجعل من يتولى السلطة التشريعية يعمل بكامل امكانياته لكي يكسب ثقة الشعب مجدداً كونه سوف ترجع زمام الامور الى الشعب كل اربع سنوات لتقرير مصيره بالفوز بدوره اخرى من عدمها.

أما ما يخص مجلس الاتحاد فلم يوضح المشرع الدستوري في تشكيله وتحديد صلاحياته باستثناء ما ذكر بالمادة.

2- تحديد النطاق الزماني لتولي السلطة التنفيذية

أن السلطة التنفيذية في الانظمة البرلمانية تتكون من منصب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء, إذ اشارة المادة (72/1) من الدستور العراقي لعام 2005على تحديد مدة تولي السلطة في منصب رئيس الجمهورية هي اربع سنوات بقولها " تحدد ولاية رئيس الجمهورية بأربع سنوات ويجوز اعادة انتخابه لمرة ثانية فحسب".

وكذلك نجد ان المشرع الدستوري حدد دورات رئيس الجمهورية يجب ان لا تتجاوز دورتين, وهنا نجد ضمانه اخرى لمبدأ التداول السلمي في منصب رئيس الجمهورية بتقيده بمدة توليه السلطة وهي بأربع سنوات وتحدد عدد مراتها بدورتين فحسب بشرط الفوز, إما في حال خلو منصب رئيس الجمهورية لأي سبب كان فأضفه المدة المذكورة بالفقرة (2) بأنه يتم انتخاب رئيس جديد لإكمال المدة المتبقية لولاية الرئيس المنتخب لكن لم تشرح المادة ماهي المدة التي يقضيها الرئيس الجديد, وبهذا نجد ان هناك نقصا تشريعيا يجب معالجته مستقبلاً من قبل المشرع الدستوري.

أما فيما يتعلق بالنطاق الزماني لتولي منصب رئيس مجلس الوزراء فقد اشار ضمنا الى ان المدة الزمنية لرئيس الوزراء هي اربع سنوات , إذ نجد ذلك في المادة (76) التي تضمنت بانه يكلف رئيس الجمهورية الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية , وهنا يتضح بأن مدة تولي رئاسة مجلس الوزراء هي ذاتها مدة تولي رئاسة الجمهورية , والسبب هو موجود ضمنا ويفهم من خلال تقييد تشكيل مجلس الوزراء بتكليف من رئيس الجمهورية.

أما فيما يخص تحديد عدد مرات تولي السلطة في منصب رئيس مجلس الوزراء فلم نجد نص يشير الى ذلك , الا ان هناك قانون سنه مجلس النواب رقم 8 لسنة 2013 يتضمن تحديد عدد مرات تولي رئيس مجلس الوزراء للسلطة, لكنه لم يبصر النور بعد (23), على الرغم من نشره في الجريدة الرسمية (24) ,إذ تم الطعن به امام المحكمة الاتحادية العليا وقررت المحكمة عدم دستوريته (25) , وبقي منصب رئيس مجلس الوزراء غير محدد عدد مرّاته .

الفرع الثاني

الضمانات السياسية

إلى جانب الضمانات القانونية التي وضعها الدستور لحماية مبدأ التداول السلمي للسلطة توجد ايضا ضمانات سياسية وهي تتمثل بالآتي:

أولاً: التعددية السياسية

تتباين انظمة الحكم تبعا لتباين اراء وافكار المجتمع , فبعضهم يعتقد انه بالإمكان توحيد الاختلاف وحل التناقضات والتغلب عليها , ومن ثم , لا حاجه بأي نوع من انواع التعددية , بينما يذهب البعض الاخر الى القول أن هذه الخلافات والتناقضات لا تحل , وان حلها قد يولد تناقضات جديدة تتجدد وتتبدل باستمرار وفي مثل هذه الحالة يقبل بالمجتمع التعددية بكل ما تفرضه في المجال السياسي (26) فمثلاً النظام السياسي في الفكر الشيوعي يركز على فلسفه مادية معينه يحمي بها الطبقة العاملة ويقيد انفاس الرأسمالية  تبعا لظروف المجتمع في حينها عندما قبض على مقاليد الحكم (27) , ولوضوح ضعف الموقف الذي تبنته النظم الماركسية الشيوعية لكن يعترف بأن طريق مواجهة التناقضات الموجودة في المجتمع خاصة في المجال السياسي هو اقرار للتعددية السياسية في اطار منظم .

ومن هنا يمكن ان نرصد  وجود التعددية السياسية بشكل عام والتعددية الحزبية بشكل خاص بمبدأ  تداول السلطة سلمياً وتأثيرها في جوانب متعددة(28), منها ان اقرار التعددية السياسية وقبول تعدد الاتجاهات السياسية يستدعي الاعتراف بحق تلك الاتجاهات في الوصول الى السلطة وتداولها مع الاخرين وفقاً لإحكام الدستور , ومن ثم , فأن التعددية ليس لها معنى اذا لم يكفل الدستور تداول السلطة سلمياً , ومنها ان وجود تعددية حزبية حقيقية من شأنه ان يسمح بتنافس فعلي بين الاحزاب ذات التوجيهات المتباينة ,فإذا ما وضع هذا التنافس في الاطار القانوني الديمقراطي المتمثل بصيغ الانتخابات , فأن تجربته الاساسية ستكون تداولاً سلمياً من حزب الى اخر أو من زعيم الى اخر , وهو ما يظهر ارتباطا وثيقا بين ظاهرة المجتمع التعددي وبين الانتخابات التنافسية من جهة اخرى (28) , وهنا نجد ان الضمانة السياسية الاساسية هي التعددية الحزبية بمفهوم التنافس السياسي الحقيقي وفي الاطار الديمقراطي الذي يبرز فيه مبدأ التداول السلمي بمفهومه السليم وهذا يجتمع على وجود شعب سياسي واعي يؤمن بالمبدأ المذكور ويؤمن بالمعارضة السياسية الحقيقية.

وبتبادل السلطة والمعارضة بشكل تنافسي متأرجح فتاره يكون في جانب السلطة وتاره اخرى يكون بجانب المعارضة حسب الهدف المرسوم له , اضافه الى ذلك فأن الضمانات السياسية لمبدأ التداول السلمي هو الاعتراف بالحقوق السياسية التي يراد بها اتاحة فرصة المشاركة لمن تتوافر فيه شروط الناخب في الانتخاب والاستفتاء وكذلك حق الترشيح لتولي السلطة , فضلا عن ذلك فقد كفل دستور العراق لعام 2005 حرية تأييد الاحزاب والجمعيات السياسية وحرية الانضمام اليها , وكذلك حق المشاركة للمواطنين رجالاً ونساء في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح (29) .

ثانياً: الرقابة السياسية

تتعدد الوسائل السياسية التي تسهم في حماية مبدأ التداول السلمي واهمها تتمثل بالأحزاب السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني , ثم الرأي العام , إذ ان النظم الديمقراطية في العالم تقوم على مبدأين اساسيين هي مبدأ تعدد الاحزاب ومبدأ تداول السلطة سلمياً, و المبدأ الأول هو ضامن للمبدأ الثاني كشرط من شروط التداول السلمي , إما دور الاحزاب السياسية المعارضة التي تقع خارج المجالس النيابية فلها دوراً رقابيا مؤثراً في مسائلة هيئات السلطة لا يقل اهمية عن دورها داخل المجالس النيابية , إذ تستطيع عن طريق وسائل الاعلام المختلفة تسليط الضوء على الاعمال والتصرفات التي من شأنها ان تعيق من عملية تداول السلطة سلمياً أو الانتقاص منها , ومن ثم , اثارت الرأي العام ضد تلك التصرفات , مما يجعلها ادارة رادعة وضاغطه لتقويم وتسديد العملية الديمقراطية من الصعوبة تجاهلها. وهذا بالتأكيد سيؤدي الى الحد من طغيان السلطة واستبدادها.

لذلك فأن الحزب يحظى بهذه الاهمية وهو في المعارضة فان وجوده في الحكم لا ينفي أو يلغي تأثيره على من يباشرون السلطة وان كانوا من قادة الحزب أو من انصاره , لأنه يعلم وعلى يقين ان بقاؤه اطول مده ممكن في الحكم مرهون بحسن اداة الحكومة وصدق تنفيذها للبرنامج الحكومي والذي عرضة اثناء الحملات الانتخابية هذا من جانب , ومن جانب اخر هناك دور لمنظمات المجتمع المدني المختصة بحماية حقوق الانسان ومبادئ الديمقراطية والتي تقوم بالدور الاساس بالدفاع ضد اي انتهاك للمبادئ الدستورية ومنها مبدأ التداول السلمي , إذ يقع على كاهل تلك المنظمات توعية الرأي العام وتبصير الافراد بالحقوق القانونية المكفولة والوقوف بوجه كل من يتعرض لها .

فضلا عن ذلك فهناك دوراً اخر له قوة وتأثير في النظام السياسي بصورة عامة وعملية التداول السلمي بصورة خاصة , خاصة في النظم الديمقراطية ,إذ يقف الرأي العام بوجه الاستبداد بالسلطة وطغيانها ويقوم بوضع اي انتهاك أو انحراف في عمليتها ونظامها الديمقراطي , ومن المعروف ان الرأي العام يعبر عنه بوسائل متعددة مثل وسائل الاعلام المختلفة , كالصحف , والتلفزيون , والراديو , والسينما والمسرح , كما يعطي دافعاً كبيراً على معالجة انحراف السلطة وخاصة الوقوف ضد الاستئثار بها ودعم عملية التداول السلمي لها (30) .

 

الفرع الثالث

الضمانات الاخرى

تقوم معظم الانظمة الحديثة على الفصل بين السلطة المدنية والسلطة الحكومية  واخضاع الاخر للأول , وقد تحقق الفصل بينهما بحصر المؤسسة العسكرية في اماكن معينه وكذلك تنظيمها وتشييدها بواسطة قوانين خاصة , إذ درجة العادة على اللجوء الى الجيش في بعض الحالات الاستثنائية كحالة الطوارئ والحصار (31) , وهنا نجد ان فصل المؤسسة المدنية عن المؤسسة العسكرية جاء بهدف حماية النظام الديمقراطي والابتعاد عن التجارب السابقة التي سادة التاريخ السياسي بتولي السلطة حكام عسكريين استبدوا بها , فبالنسبة لموقف المشرع العراقي كان موفقاً بالنص بشكل صريح على خضوع المؤسسة العسكرية لسيطرة السلطة المدنية ,إذ اشار الى ان القوات المسلحة العراقية والاجهزة الامنية تخضع لقيادة السلطة المدنية (32) , الى جانب ذلك فقد اكد دستور العراق لعام 2005 في المادة (9/أولاً/ج) على منع العسكريين من التدخل في شؤون السلطة وذلك بالقول " لا يجوز للقوات المسلحة العراقية وافرادها , وبضمنهم العسكريون العاملون في وزارة الدفاع أو اي دوائر ومنظمات تابعة لها , الترشيح في انتخابات لأشغال مراكز سياسية , ولا يجوز لهم القيام بحملات انتخابية لصالح مشحين فيها ولا المشاركة في غير ذلك من الاعمال التي تمنعها انظمة وزارة الدفاع ويشمل عدم الجواز هذا انشطة الافراد المذكورين انفاً التي يقومون بها بصفتهم الشخصية أو الوظيفية دون ان يشمل ذلك حقهم بالتصويت بالانتخابات".

مما تقدم نجد ان هذا النص قد صر لمنع العسكريين من الانتماء للأحزاب السياسية ومنعهم من اشغال مناصب سياسية وكذلك الترشيح لها , اضافه الى ذلك فقد منعهم من التدخل في شؤون الانتخابات , وهذا المنع يأتي من اجل المحافظة على النظام السياسي من مخاوف العسكريين وتاريخهم في الوصول الى السلطة وكذلك للمحافظة على المؤسسات العسكرية وجعلها فوق الميول والاتجاهات ومنع الاحزاب السياسية من استقلال امكانيات تلك المؤسسات لصالحها , ومن ثم , يحقق هدفين الأول الحفاظ على تداول السلطة سلمياُ , والثاني الحفاظ على المؤسسة العسكرية.

المطلب الثاني

معوقات التداول السلمي في دستور 2005

هناك مجموعه عوامل تقف عائقاً في عملية التداول السلمي في النظام الدستوري العراقي منها ما يتعلق بالأمور القانونية , ومنها ما يتعلق بالأمور السياسية وهناك عوامل اخرى تتعلق بالأمور الاقتصادية والاجتماعية والطائفية , وكل هه العوامل تكون بالغة الاهمية في الانظمة السياسية التي تتبنى عملية التداول السلمي , فلها دوراً سلبياً قد يقف عائقا في تداول السلطة في العراق ,إذ تعاقبت على العراق ازمان متتالية من استشراء الفساد الذي نجد صورته واضحة في مؤسسات الدولة والبيئة والمجتمع , والذي انعكس سلباً على الوضع الامني وسوء الخدمات مع ارتفاع الاسعار وبطالة متفشية , وسوء توزيع الموازنة العامة وتنظيم ابوابها ادى الى تفاوت في توزيع الثروة بين الناس , فكل هذه الابعاد وغيرها من شأنها ان تكون عملية التداول السلمي في العراق .

وللوقوف بشكل تفصيلي على ذلك سنقسم هذا المطلب على ثلاثة فروع يتناول الأول بيان المعوقات القانونية , والثاني المعوقات السياسية , إما الفرع الثالث سنخصصه لبيان المعوقات الاخرى وفق التفصيل الآتي:

الفرع الأول

المعوقات القانونية

ان المعوقات القانونية للتداول السلمي للسلطة تتمثل بجانبين الأول يتمثل بضعف التوازن بين السلطات , والثاني يتعلق بضعف النظام الانتخابي:

 

 

أولاً: ضعف التوازن بين السلطات

ان التوازن بين السلطات يقوم على اساس مسؤولية السلطة التنفيذية امام السلطة التشريعية , وصلاحية سحب الثقة عن الحكومة يقابلها حق السلطة التنفيذية بحل البرلمان والدعوة الى انتخابات بصورة استثنائية (33), وقد جرت العادة في النظام البرلماني هو ان تولد الحكومة من رحم البرلمان , ويعد هذا النظام هو النموذج الامثل للكلام عن توازن السلطات (34) , وقد فسر نظام التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بأنه تبادل للوظائف والرقابة , ففي احيان كثيرة تعطي الدساتير البرلمانية لكلا السلطتين مجموعة من الوظائف والتي بموجبها تهدف الى تحقيق التوازن بينهما اي ان الدساتير تمنح السلطة التشريعية حق الرقابة على السلطة التنفيذية في حالة تعسف الاخير أو مخالفة الدستور , فمن حق السلطة الأولى (التشريعية) تقرير مسؤولية السلطة الثانية (التنفيذية)  وسحب الثقة عنها , وفي المقابل فأن منح السلطة التنفيذية حل السلطة التشريعية في حالة تعسفها أو تعنتها ازاء السلطة التنفيذية (35) , وتتجلى العلاقة بين توازن السلطات وعملية التداول السلمي في صلب النظام البرلماني الذي يتخذ من مبدأ الفصل بين السلطات وهو يعد ركيزة اساسية لتحقيق اهدافه (36) , وطبقاً لأحكام الدستور العراقي لعام 2005 فقد اشار الى مبدأ الفصل بين السلطات كخطوة للتخلص من مبدأ وحدة السلطات ذات الوظائف الثلاثة التي كرست الاستبداد السياسي (37).

 اضافة الى ذلك نجد ان الدستور قد نص على تكوين السلطة التشريعية من مجلسين وهما مجلس النواب ومجلس الاتحاد (38), ومن هنا نجد في هذا المبدأ انسجاماً داخل السلطة التشريعية , لكن المشرع الدستوري ترك عملية تشكيل مجلس الاتحاد امر مرهون بقانون يسنه مجلس النواب بأغلبية ثلثي اعضائه وهنا دلالة واضحة على عدم التوازن داخل السلطة التشريعية فضلاً عن ذلك فقد اجل المشرع الدستوري العمل بتشريع قانون مجلس الاتحاد بعد انتهاء الدورة الانتخابية (2005-2009) ولحد الان لم يشرع القانون الخاص بمجلس الاتحاد (39), إما ما يخص التوازن في السلطة التنفيذية فله مدلولان , الأول القدرة على التصدي للأزمات التي تقع في الأقاليم , والثاني هو وقوفها على قدم المساواة مع البرلمان الاتحادي (40)فنجد اشارة الدستور العراقي لعام 2005 الى " حل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد اعضاءه بناء على طلب من قبل ثلث اعضاءه أو طلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقه رئيس الجمهورية ..." (41).

ومما تقدم يمكن القول أن تقوية السلطة التشريعية على حساب السلطة التنفيذية بحل مجلس النواب يؤدي الى حصول اختلال في التوازن بين السلطتين مما يؤدي الى تقويض عملية التداول السلمي كون تلك العملية من اهدافها ومقوماتها التوازن بين السلطات وهذا ما يقودنا الى القول بعدم وجود توازن بين السلطات في دستور 2005 وهذا يتعارض مع النظام الديمقراطي .

ثانياً :- ضعف النظام الانتخابي

ادى ضعف النظام الانتخابي في العراق المعروف بطريقة سانت ليغو الى تعددية حزبية واسعة النطاق اثرت سلباً على عمل المجالس النيابية وفاعلية ادائها , وتفاقم هذا الامر عندما لا نجد نسبه محددة تكون معيار قانوني لاستبعاد الكيانات التي لم تحصل عليها النسبة المحددة من التنافس على مقاعد الدائرة النيابية عندما توزعها على القوائم الفائزة وذلك للقضاء على التعددية السياسية المضرة بالنظام العام البرلماني التي بموجبها قد تؤخذ اصوات المواطنين دون موافقتهم من المرشح فيعد ذلك خرقاً للنظام الدستوري وبنفس الوقت معوقاً لعملية التداول السلمي الذي يعد فيها صلاحية النظام الانتخابي شرطاً اساسياً لها . وهذا ما حدث في العراق حين وصلوا اشخاص الى السلطة بطريقة نقل اصوات عدد من الناخبين لهم دون ان ينتخبوهم وادى ذلك الى تشويه العملية الديمقراطية في العراق (42).

الفرع الثاني

المعوقات السياسية

تتمثل المعوقات السياسية للتداول السلمي للسلطة بضعف التنظيم الحزبي , وضعف المعارضة الحزبية:

أولاً: ضعف التنظيم الحزبي

لاشك ان اي دولة من دول العالم  لا بد لها من وجود تنظيم يطلق عليه اسم الحزب يكون بمثابة الواجهة التي يمكن من خلالها التعرف على شكل النظام السياسي في تلك الدولة , فالتنظيم الحزبي هو الاطار أو المنهج الذي يتخذه الحزب في تحقيق الاهداف التي ينشدها (43) , وبالرجوع الى اهم عناصر الحزب السياسي , نجده يتمحور في عنصر التنظيم وهو البرنامج الذي يرتبط بسياسات الحزب وهدفه في الوصول الى السلطة وتنفيذ برنامجه السياسي (44) ,إذ ان اهم العوامل التي تؤثر في التنظيم الحزبي هي درجه وعي الشعب ودرجة تطور الحزب عن المراحل السابقة (45), فضلاً عن وجود ايدلوجية تجسد مشروعه السياسي ,إذ يتطلب ذلك تعريف الاشخاص بأفكار الحزب وتفاصيل المشروع السياسي من خلال اقامة الندوات والمظاهرات وتوزيع المنشورات (46) , ويسعى اعضاءه للوصول الى السلطة من خلال العملية الانتخابية حتى ينفذ برنامجه الذي يتبناه (47) ,فلا يتحقق التداول السلمي للسلطة إذا كان تنظيم الحزب تنظيماً ضعيفاً لا يقوم على اساس الايمان بذلك المبدأ وكذلك الايمان بالمبادئ الديمقراطية الاخرى داخل الحزب كاختيار رئيس الحزب والاعضاء وتنوع الاهداف وعدم تهميش المرأة والشباب في المشاركة فيه واحتكار السلطة , إذ ان ضعف التنظيم الحزبي له تأثير فعال في عرقله مبدأ التداول السلمي للسلطة , إذ ادى ذلك الضعف الى عدم تمكين الحزب من العمل بفعالية من اجل تحقيق اهدافه بالوصول الى السلطة وتنفيذ برنامجه السياسي (48)هذا من ناحية , ومن ناحية اخرى فأن الحزب يعكس ما يدور داخله من اهداف ومبادئ فاذا غابت اهداف الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة على المستوى الداخلي للحزب فأن ذلك الحزب لا يستطيع تحقيق مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة , فكيف يحقق ذلك وهو قائم على التهميش والاقصاء (49).

أما فيما يتعلق بالعراق وبعد صدور قانون الاحزاب السياسية رقم 36 لسنه 20015 وتأكيده على تجنب الميل العنصري والطائفي والقومي , وكذلك تأكيده على اعتماد الاساليب والاليات الديمقراطية في اختيار القيادات الحزبية (50) , الا ان الواقع يشير عكس ما تتبناه هذه الاحزاب في انظمتها الداخلية , إذ نجد ان الزعامة في هذه الاحزاب دائمة والوجود القيادية متكررة , ووجود عجز واضح لهذه الاحزاب في استقطاب مختلف الشرائح والمكونات , وتغليب المصالح الشخصية على حساب الاهداف , وهذا ما نجده قد يؤثر سلباً على عملية التداول السلمي للسلطة , فضلاً عن عدم وجود قواعد مستقرة للعملية الديمقراطية .

ثانياً: ضعف المعارضة السياسية

أن من بين اهم المعوقات التي تعدم التداول السلمي للسلطة , هو عدم الاعتراف بوجود معارضة سياسية تحقق التوازن السياسي وتقف بوجه الاستبداد بالموقف المضاد , وتؤمن بعملية التداول السلمي للسلطة (51), فضلاً عن ذلك فأن المعارضة السياسية تعمل على الوصول الى السلطة عبر الانتخابات (52) , فهي لا تكتفي بتوجيه الانتقادات الى الحكومة , بل تتعداها الى اعداد وصياغه هذه الانتقادات ضمن خطة متكاملة واضحة في برنامجها السياسي لأجل الوصول الى هذا الهدف واقناع المواطنين بها , وان تكون بديلاً للسياسة المتبعة من قبل السلطة الحاكمة , ولكي يحوز برنامج المعارضة ثقة الشعب لا بد من ان يكون ذلك البرنامج قابل للتحقيق ومتصف بالواقعة والطموح نحو تحقيق التغيير الذي يرغب فيه المواطنون (53) , إما في العراق فالوضع مختلف , إذ تكون المعارضة السياسية ضعيفة نسبياً , وذلك لان الكتل البرلمانية الكبيرة قد استحوذت على المناصب السيادية في مؤسسة الرئاسة ومؤسسة البرلمان , ومن ثم , بقيت الكتل البرلمانية الصغيرة التي لا تملك الاغلبية المطلقة في مجلس النواب لا تستطيع في اعماله ومواقفه , وبقيت السيطرة للكتل الكبيرة وحدها (54) .

ومما تقدم يمكن القول أن انعدام المعارضة السياسية على ارض الواقع ادى الى ضعف التداول السلمي للسلطة وبقية الاحزاب السياسية الكبيرة نفسها والوجوه تكررت ذاتها ووصول اشخاص الى السلطة ليس لهم ثقل سياسي وشعبي وهذا ما يبنى بسلطة التوافقات السياسية والاتفاقات الجانبية وهو مالا يحقق لمبادئ الديمقراطية وعملية التداول السلمي .

 

الفرع الثالث

المعوقات الاخرى

قد يعترى التداول السلمي للسلطة إلى جانب المعوقات القانونية والسياسية معوقات اخرى تتعلق بضعف العوامل الاجتماعية والاقتصادية هذا من جانب, ومن جانب اخر تتعلق بالطائفية:

أولاً: ضعف العوامل الاجتماعية والاقتصادية

للعوامل الاجتماعية والاقتصادية اثر بالغ في النهوض في البلدان من شتى انواع الظلم والاضطهاد والتخلص من الانتهاكات المستمرة للحقوق والحريات , فقد اشار دستور العراق لعام 2005 الى تركيبة المجتمع العراقي من القوميات المتعددة والمذاهب والاديان والعشائر والقبائل , واقر بأن الاسرة هي اساس المجتمع والزم الدولة بالحفاظ على كيانها ,إذ تعتبر هذه العوامل هي تركيبة المجتمع الاجتماعية (55), إذ ان توزيع الولاءات على اساس الانتماء الذاتي بعيداً عن الانتماء الوطني ادى الى ضعف هيكلية المجتمع العراقي , ومن ثم , يؤثر ذلك على عملية التداول السلمي (56) , كذلك نجد ان العوامل الاقتصادية قد لعبت دوراً في التأثير على ارادة الناخبين, فانتشار البطالة وعدم وتوفير فرص العمل واهمال القطاع الخاص , وارهاق القطاع الحكومي بكم من الموظفين واستغلال الوظائف من قبل الاحزاب وفرض الرسوم والضرائب بصورة مضاعفة كل ذلك اثر تأثيراً مباشراً على ارادة الناخب في تغيير الحكم (57) , إذ نجد تردي الواقع الخدمي من سوء الكهرباء وازمة السكن ادى الى حصول مظاهرات كبيرة في اغلب المحافظات العراقية للمطالبة بتحسين الواقع الخدمي وذلك في عام 2015, إذ نرى ان تلك المظاهرات تكاد تكون قد افقدت شرعية الحكومة ,لأن الشعب مصدر السلطات وشرعيتها (58) .

وخلاصة ما تقدم يمكن القول ان العوامل الاقتصادية والاجتماعية لها تأثيراً في عملية التداول السلمي للسلطة وعدم الاهتمام بها يؤدي الى تعويق هذا المبدأ.

ثانياً: الطائفية

بدأت بذور الطائفية في العراق عندما قام الحاكم المدني بعد عام 2003 بول بريمر بتقسيم السلطة على اساس طائفي ومناطقي , وزج التفرقة السياسية بشكل تكتلات تمثلت بأن تكون رئاسة المجلس التشريعي للطائفة السنية , ورئاسة السلطة التنفيذية للطائفة الشيعية , ورئاسة الجمهورية للأكراد , ومن هنا بدأت الصورة المشوهة للعملية الديمقراطية في العراق , إذ حصلت تشوهات في دستور العراق لعام 2005 , فأصبح ملغماً بالعصبية الفئوية التي تتحكم بمشاعر الافراد وسلوكهم بعيداً عن الوطنية والمصالح المشتركة العامة للأفراد , وتبعاً لذلك اخذت التيارات الحربية السياسية تنحرف بالعملية الديمقراطية وخاصة عندما اصبحت تمتلك وتحتضن فصائل عسكرية مسلحة تؤمن بالمحاصصة الطائفية والوحدوية والفئوية (59).

مما تقدم يمكن القول أن الصراعات الطائفية ادت الى تشكيل حكومات توافقية انشغلت بتقسيم المناصب والسيطرة عليها , مما ادى الى خروج حكومات غير منسجمة واصبحت العملية الديمقراطية تجانب الصواب , ومن ثم , ادى ذلك الى جعل الطائفية معوقاً في تداول السلطة .

الخاتمة

أوضحنا في بحث مفهوم التداول السلمي للسلطة بين المعوقات والضمانات وموقف دستور جمهورية العراق لعام 2005 بأن هذا الموضوع له اهمية كبيرة في وقتنا الحالي كونه يمثل ضمانا اساسيا ضد الاستبداد والطغيان وضد الفكر الدكتاتوري الذي دائما يخلف الدمار في المجتمعات بصورة عامة ويمثل انتهاكا كبيرا لحقوق الانسان وحرياته إذ يمكن تلخيص ابرز النتائج والتوصيات وفق الآتي:

أولاً: النتائج

1-أوضحت الدراسة ان مبدأ التداول السلمي للسلطة هو الركن الاساسي في الانظمة الديمقراطية.

2- اوضحت الدراسة ان ضمان هذا المبدأ هو ضمان لحقوق الانسان وحرياته ضد التعسف في استعمال السلطة وطغيانها ضد الشعوب.

3- اتضح لنا ان ضمانات هذا المبدأ هو التعددية الحزبية واشراك الشعب في عملية اختيار حكامهم وتأقيت مدة تولي السلطة وتحديد عدد مراتها .

4- ان دستور جمهورية العراق لعام 2005 يفتقر الى التوازن داخل السلطة التنفيذية وكذلك داخل السلطة التشريعية وبين السلطتين .

5- اتضح لنا ان التعددية الحزبية المفرطة تمثل معوقا من معوقات التداول السلمي للسلطة .

6- اتضح لنا في دستور جمهورية العراق لعام 2005 انه قد تبنى مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال النص عليه صراحا وضمنا في ديباجة الدستور ومواده.

ثانياً: التوصيات

1-نقترح على المشرع العراقي بضرورة اقرار مجلس الاتحاد وجعلة متوازنا مع مجلس النواب بهدف تحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة بصورة صحيحة.

2- نوصي المشرع العراقي بضرورة اقرار قانون الاحزاب للابتعاد عن التعددية الحزبية المفرطة التي تشكل معوقا للتداول السلمي.

3- نوصي بتقرير مسؤولية رئيس السلطة التنفيذية بقرار من المحكمة الاتحادية العليا بدلا من مجلس النواب للحفاظ على التوازن القانوني والابتعاد عن الخلافات السياسية.

4- نوصي بضرورة تعريف مصطلح القوات المسلحة والاجهزة الامنية كونه جاء بصورة واسعه في المادة التاسعة من. الدستور والتشديد على موضوع عدم جواز انتماء افراد تلك المؤسسات الى الاحزاب والجمعيات السياسية.

الهوامش

1 – احمد  ايمن السنوسي , مبدأ التداول على السلطة في التشريعات الجزائرية , رسالة ماجستير , كلية الحقوق والعلوم السياسية , الجزائر , 2016, ص11.

2- د. عبد الغني بسيوني , الانظمة السياسية , منشأة المعارف , الاسكندرية , بلا سنه طبع , ص50.

3- د. وليد بيطار , المدخل الى علم السياسة , ج1, المؤسسة الحديثة للكتاب , بيروت , 2014, ص73.

4- د. رفعت عبد سعيد , تداول السلطة داخل الاحزاب السياسية ( دراسة تطبيقية على بعض الاحزاب المصرية ) , دار النهضة العربية , القاهرة ,2005, ص30.

5- ينظر : الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948.

6-د. هادي نعيم المالكي , المدخل لدراسة القانون الدولي لحقوق الانسان ,ط1, منشورات زين الحقوقية , بيروت ,2011, 79.

7- د. محمد رفعت عبد الوهاب , الانظمة السياسية , منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2005, ص266.

8- ينظر : المواد (1, 2, 22) من دستور الولايات المتحدة الامريكية المعدل عام 1789.

9- ينظر : المواد (106, 117, 140) من دستور جمهورية مصر العربية لعام 2014.

10- د. رائد حمدان المالكي , التداول السلمي للسلطة في الانظمة الدستورية الوضعية ,ط1, دار السنهوري , لبنان –بيروت , 2016, ص140 وما بعدها.

11- المصدر السابق , ص146وما بعدها.

12- المصدر السابق , ص174.

13- د. ماجد راغب الحلو , الاستفتاء الشعبي والشريعة الاسلامية , دار الجامعة للطباعة , بيروت , 2005, ص10.

14- د. رائد حمدان المالكي , مصدر سابق , ص179.

15- د. حميد حنون , الانظمة السياسية , مؤسسة العاتك لصناعة الكتاب , القاهرة , بلا سنه طبع , ص34.

16- د. رائد حمدان المالكي , المصدر السابق , ص185 وما بعدها.

17- د. شمران حمادي , النظم السياسية , ط4, مطبعة الارشاد , بغداد , 1975, ص113.

18- د. رائد حمدان المالكي , المصدر السابق , ص178.

19- المصدر السابق , ص102.

20- ينظر :- ديباجة دستور جمهورية العراق لعام 2005.

21- ينظر :- المواد (1, 2, 5) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

22- ينظر :- المواد ( 48 , 56 ,65 , 72 , 76) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

23- ينظر :- قانون تحديد ولاية رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء رقم 8لسنه 2013.

24- ينظر : جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4278في 8/4/2013.

25- ينظر : قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 64/ اتحادية / 2013 في 26/ 8/2013.

26- د. رائد حمدان المالكي , مصدر سابق , ص115.

27- محمد باقر الصدر , فلسفتنا , ط1, مؤسسة الصادق للطباعة والنشر , طهران – ايران , 2012, ص26 وما بعدها .

28- د. رائد حمدان المالكي , المصدر السابق , ص116 وما بعدها.

29- ينظر : المواد ( 20 ,30 ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

30- د. حميد حنون خالد , حقوق الانسان , دار السنهوري , بيروت , 2015, ص268 وما بعدها.

31- د. رائد حمدان , مصدر سابق , ص124.

32- ينظر : المادة (9/ أولاً /أ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

33- د. عصام سليمان , الانظمة البرلمانية بين النظرية والتطبيق (دراسة مقارنه ) , ط1, منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2010, ص31.

34- د. علي يوسف الشكري  , اختلال التوازن لصالح السلطة التنفيذية في العراق , ط1, الذاكرة للتوزيع والنشر , بغداد , 2016,ص27.

35- د. علي سعد عمران , الحدود الدستورية لحل البرلمان ,ط1 , دار الرضوان للنشر والتوزيع , بغداد , 2016, ص11-12.

36- د. عدنان عاجل عبيد , ماًل النظام الاتحادي في العراق , بحث منشور في مجلة القانون المقارن , العدد 25 , 2008 , ص16.

37- ينظر : المادة (47) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

38- ينظر: المادة (48) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

39- ينظر : المواد (65 , 137) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

40- د. ساجد محمد الزاملي , القانون الدستوري والنظام السياسي , ط1, دار نيبور للطباعة والنشر والتوزيع , بغداد, 2014, ص448.

41- ينظر : المادة ( 64/أولاً ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

42-د. شمران حمادي , الاحزاب السياسية والنظم الحزبية , ط1 , دار السلام , بغداد , 1972, ص60.

43- ينظر : المصدر السابق , ص60.

44- د. ناجي عبد النور , المدخل الى علم السياسة , دار العلوم للنشر والتوزيع , الجزائر , 2000, ص163.

45- د. اسماعيل الغزال , الدساتير والمؤسسات السياسية , مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر , بيروت , 1996, ص222.

46- د. جواد الهنداوي , القانون الدستوري والنظم السياسية ,ط1, مؤسسة العرف للطباعة والنشر , 2010 , ص89.

47- د. عامر فاخوري , الاحزاب السياسية ودورها في الحياة الديمقراطية , بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية والسياسية , العدد التجريبي , 2004,ص90.

48- د. سعاد الشرقاوي , الاحزاب السياسية ( اهميتها , نشأتها , نشاطها) , بلا مكان نشر , 2005, ص15.

49- د. فوزي حسين سلمان , مبدأ التداول للسلطة وافاق وتطبيقه في العراق , المجلة الأكاديمية العراقية (مجلة جامعة تكريت ) , 2006, ص50.

50- ينظر : المادة (5/ أولاً) والمادة (6) من قانون الاحزاب رقم 36 لسنه 2015.

51- حسين ظاهر , معجم المصلحات السياسية الدولية ( عربي , انكليزي , فرنسي) , مجلة المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع , بيروت, 2013, ص357.

52- ورقاء محمد كريم , دور المعارضة السياسية في النظام السياسي العربي , رسالة ماجستير , كلية العلوم السياسية , جامعة بغداد, 2008 , ص17.

53- سربست مصطفى رشيد , المعارضة السياسية والضمانات الدستورية لعملها ( دراسة قانونية سياسية تحليليه مقارنه) , ط1, مطبعة خاني , دهوك , 2011, ص71.

54- د. علي هادي الشكراوي , النظم السياسية المعاصرة , مكتبه دار السلام القانونية , النجف الاشرف , 2014, ص304.

55- ينظر : المواد (2 ,3, 9 , 45/ ثانياً ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

56- عبد العظيم جبر حافظ , الفيدرالية في العراق المعوقات والمحكمات , رسالة ماجستير , جامعة بغداد , 2017, ص40.

57- د. احمد فاضل باسم , التحولات السياسية في البلدان العربية (دراسة تحليله ) , بحث منشور في مجلة العلوم السياسية , جامعة بغداد , العدد 47 , 2013, ص75 وما بعدها .

58- ينظر : المادة ( 5) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.

59- فلاح مطرود مزعل , توازن السلطة وفاعلية النظام السياسي في دستور العراق لعام 2005 , رسالة ماجستير , بغداد , 2017, ص197 وما بعدها .

المصادر

أولاً : الكتب

  1.  اسماعيل الغزال , الدساتير والمؤسسات السياسية , مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر , بيروت , 1996, ص222.
  2.  جواد الهنداوي , القانون الدستوري والنظم السياسية ,ط1, مؤسسة العرف للطباعة والنشر , 2010 .
  3.  حميد حنون , الانظمة السياسية , مؤسسة العاتك لصناعة الكتاب , القاهرة , بلا سنه طبع .
  4.  حميد حنون خالد , حقوق الانسان , دار السنهوري , بيروت , 2015.
  5.  رائد حمدان المالكي , التداول السلمي للسلطة في الانظمة الدستورية الوضعية ,ط1, دار السنهوري , لبنان –بيروت , 2016.
  6.  رفعت عبد سعيد , تداول السلطة داخل الاحزاب السياسية ( دراسة تطبيقية على بعض الاحزاب المصرية ) , دار النهضة العربية , القاهرة ,2005.
  7.  ساجد محمد الزاملي , القانون الدستوري والنظام السياسي , ط1, دار نيبور للطباعة والنشر والتوزيع , بغداد, 2014.
  8. سربست مصطفى رشيد , المعارضة السياسية والضمانات الدستورية لعملها ( دراسة قانونية سياسية تحليليه مقارنه) , ط1, مطبعة خاني , دهوك , 2011.
  9.  شمران حمادي , الاحزاب السياسية والنظم الحزبية , ط1 , دار السلام , بغداد , 1972.
  10.  شمران حمادي , النظم السياسية , ط4, مطبعة الارشاد , بغداد , 1975.
  11.  عبد الغني بسيوني , الانظمة السياسية , منشأة المعارف , الاسكندرية , بلا سنه طبع.
  12.  عصام سليمان , الانظمة البرلمانية بين النظرية والتطبيق (دراسة مقارنه ) , ط1, منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2010.
  13.  علي سعد عمران , الحدود الدستورية لحل البرلمان ,ط1 , دار الرضوان للنشر والتوزيع , بغداد , 2016.
  14.  علي هادي الشكراوي , النظم السياسية المعاصرة , مكتبه دار السلام القانونية , النجف الاشرف , 2014.
  15.  علي يوسف الشكري  , اختلال التوازن لصالح السلطة التنفيذية في العراق , ط1, الذاكرة للتوزيع والنشر , بغداد , 2016.
  16.  ماجد راغب الحلو , الاستفتاء الشعبي والشريعة الاسلامية , دار الجامعة للطباعة , بيروت , 2005.
  17. محمد باقر الصدر , فلسفتنا , ط1, مؤسسة الصادق للطباعة والنشر , طهران – ايران , 2012.
  18.  محمد رفعت عبد الوهاب , الانظمة السياسية , منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2005.
  19.  ناجي عبد النور , المدخل الى علم السياسة   , دار العلوم للنشر والتوزيع , الجزائر , 2000.
  20.  هادي نعيم المالكي , المدخل لدراسة القانون الدولي لحقوق الانسان ,ط1, منشورات زين الحقوقية , بيروت ,2011.
  21.  وليد بيطار , المدخل الى علم السياسة , ج1, المؤسسة الحديثة للكتاب , بيروت , 2014.

ثانياً: البحوث والدوريات

  1.  احمد فاضل باسم , التحولات السياسية في البلدان العربية (دراسة تحليله ) , بحث منشور في مجلة العلوم السياسية , جامعة بغداد , العدد 47 , 2013.
  2. حسين ظاهر , معجم المصلحات السياسية الدولية ( عربي , انكليزي , فرنسي) , مجلة المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع , بيروت, 2013.
  3. عامر فاخوري , الاحزاب السياسية ودورها في الحياة الديمقراطية , بحث منشور في مجلة الدراسات القانونية والسياسية , العدد التجريبي , 2004.
  4. عدنان عاجل عبيد , ماًل النظام الاتحادي في العراق , بحث منشور في مجلة القانون المقارن , العدد 25 , 2008.
  5. فوزي حسين سلمان , مبدأ التداول للسلطة وافاق وتطبيقه في العراق , المجلة الأكاديمية العراقية (مجلة جامعة تكريت ) , 2006.

ثالثاً: الرسائل والاطاريح

  1. احمد  ايمن السنوسي , مبدأ التداول على السلطة في التشريعات الجزائرية , رسالة ماجستير , كلية الحقوق والعلوم السياسية , الجزائر , 2016.
  2. عبد العظيم جبر حافظ , الفيدرالية في العراق المعوقات والمحكمات , رسالة ماجستير , جامعة بغداد , 2017.
  3. فلاح مطرود مزعل , توازن السلطة وفاعلية النظام السياسي في دستور العراق لعام 2005 , رسالة ماجستير , بغداد , 2017.
  4. ورقاء محمد كريم , دور المعارضة السياسية في النظام السياسي العربي , رسالة ماجستير , كلية العلوم السياسية , جامعة بغداد, 2008.

رابعاً: الدساتير

  1. دستور الولايات المتحدة الامريكية المعدل عام 1789.
  2. دستور جمهورية العراق لعام 2005.
  3. دستور جمهورية مصر العربية لعام 2014.

خامساً: القوانين

  1. قانون الاحزاب العراقي رقم 36 لسنه 2015.
  2. قانون تحديد ولاية رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء رقم 8لسنه 2013.

سادسا : الاعلانات والمواثيق الدولية

  1. الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948