الحسين عليه السلام في المزامير

الكاتب: ثوماس ميكلون*

ترجمة: حيدر المنكوشي

أشارت عديد من النصوص العبرية لكلمة الحسين، حيث وجدت مكتوبة بهذا الشكل "Hoosen" ولا توجد كلمة أخرى مستخدمة في الأسفار العبرية من نفس الجذر على الإطلاق لذلك فإن الكلمة مختلفة تمامًا عن ما يذهب اليه البعض.

كما تشير طبيعة الزي الذي يرتديه رئيس الكهنة ايضا الى اثني عشر حجرًا منقوشة بأسماء القبائل الاثني عشر كما يدعون الى بعض الاشارات المرتبطة بالأئمة، وعلي الذي يظهر اسمه الاول بوضوح كإسم ولي لنبي في الكتاب المقدس العبري، كما تُرجمت على أنها تشير أحيانًا إلى إنسان معين من الله، وتم استخدام الكلمة للإشارة إلى رمز حمل الكاهن وهنالك اشارات عديدة فيما يتعلق بحفيد النبي الإمام الحسين عليه السلام وهي عميقة المعنى لكنها مقنعة للباحث أو المتشكك. ويجب على المرء أن يعترف بالنقص التام في الأدلة اللغوية لـأسماء حسن وحسين (كلاهما من نفس الجذر) في الكتب العبرية المقدسة.

علاوة على ذلك، فإن المراجع العديدة التي تتحدث إلى المسلم العاقل بخصوص الحسين (عليه السلام) تم احتواؤها بالفعل من قبل المسيحيين في إشارة إلى اليسوع (عليه السلام)، أو من قبل اليهود في إشارة إلى المسيح المنتظر (ع).

من بين هؤلاء نجد إشعياء 53 الشهير الذي يستخدمه المسيحيون كثيرا كنبوّة عن الصَلب، ولكن يبدو من الواضح جدًا أنها متوازية مع ما مر به الشهيد الحسين عليه السلام.

هناك نصوص أخرى، قلّما يلاحظ فيها غير المسلمين، أنها يمكن تطبيق محتواها على الإمام (عليه السلام). من بين وأشهر هؤلاء هو إرميا 46: 6 ، 10.

" الخفيفُ لا يَهرُبُ، والبَطَلُ لا يَنجو!

في الشِّمالِ عِندَ نهرِ الفُراتِ عَثَروا وسَقَطوا.

…. هذا اليومُ يومُ السَّيِّدِ القديرِ،

يومُ ا‏نتقامٍ مِنْ أعدائِهِ.

فيَأكُلُ السَّيفُ ويَشبَعُ

ويُروَى مِنْ دِمائِهِم،

لأنَّ لِلسَّيدِ الرّبِّ القديرِ

ذَبـيحَةً في أرضِ الشِّمالِ‌

عِندَ نهرِ الفُراتِ.

والمعنى الضمني، من وجهة النظر الإسلامية، أن هذا هو الوعد الذي أشار له الله للاعتداء على حبيبه الحسين (عليه السلام) وأصحابه في كربلاء على نهر الفرات. على الرغم من التشابه اللافت للنظر في الأحداث، فهناك العديد من الإشكالات التي تحول دون قبولهم هذا كدليل على دعم الكتاب المقدس لفكر الدين الإسلامي وهو إنكار النبوة الليبرالي مع النظر عن المقاومة النفسية لمثل هذا التفسير.

أما ما يجب أن يتم فحصه فهو سلسلة الاثني عشر الموجودة في الكتاب المقدس والخصائص المتضمنة فيها وما إذا كانت هذه الخصائص موازية لخصائص الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) وبالمقابل الإمام الحسين (عليه السلام) في جوهر هذه السلسلة وعلى وجه التحديد البطاركة الاثني عشر الحاكمة من سفر التكوين، أبناء إسماعيل عليه السلام الاثني عشر، والاثني عشر بنو يعقوب عليه السلام والاثني عشر قاضيًا في سفر القضاة والاثني عشر ملوك يهوذا الصالحين، ورسل يسوع الاثني عشر(عليه السلام).

فهناك العديد من السلاسل من الاثني عشر وجدت في الكتاب المقدس مثل سفر المزامير، وأبرزها سلسلة المزامير الاثني عشر بعنوان مزامير آصف. وبمقارنة دقيقة لمزامير آصف الاثني عشر تتجلى الإشارة إلى أسماء أبناء إسماعيل الاثني عشر.

ويتبين أن هذه المزامير تعكس شخصية كل من الأئمة الاثني عشر. وسنركز بشكل خاص على السفر 74 ، الذي هو ضمن هذا المخطط النبوي لاستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) علما أنها تمثل ثلث مزامير آصف.

1 - يا الله لماذا رفضتنا إلى الأبد.

لماذا يظهر غضبك على غنم مرعاك.

وهو من الاسفار التعليمية وهو ليس بالضرورة ان يحتوي على نوع من الحكمة، ولا حتى كقانون الهي و يمكن ان يكون كعلامات للنبوة بمعنى الأحداث المستقبلية. فالمحتوى من هذا السِفر يُعد غريباً كموضوع تعليمي، لأنه كذلك مُصاغ بكلمات مناشدة الله أن يتدخل في موقف صعب.

في الواقع، إن هذا النداء للتدخل هو الألم الذي يشعر به المرتل والذي يفكر في الحدث المستقبلي، كما كان النبي يتأمل مأساة كربلاء ويصيح هذه الكلمات في (كرب). من الممكن أن يكون داود (عليه السلام) قد كتب هذا المزمور، رغم أن العديد من الباحثين يقترحون أنه كتب بواسطة آصف. والتعبير العبري لا يعني أن الله هو منشئ المأساة أو أنها عقاب.

2- اذْكُرْ جَمَاعَتَكَ الَّتِي اقْتَنَيْتَهَا مُنْذُ الْقِدَمِ، وَفَدَيْتَهَا سِبْطَ مِيرَاثِكَ.

تبدأ الآيات 2 و 3 بإعطاء سياق لما قبل الإسلام. والنداء هو لله،والحدث في كربلاء،إذ يذكر العظيم أشياء قام بها في العصور القديمة لخلاص شعبه الأمين.

من الناحية التعليمية، يستخدم لغة الدعاء للإصرار على الحاجة والى الخلاص الإلهي، حيث أن عصا الميراث توحي للإمام الحسين (عليه السلام) وقد يكون الشخص المعني محبوبًا بشكل خاص من الله فمن الأرجح أننا يجب أن نرى هنا فكرة أن مكان استشهاد الإمام الحسين يكتسب قدسية، على الأقل بمعنى ما، مثل بيت الله الذي كان في زمن داود "أورشليم" بيت المقدس.

3 - ارفع خطواتك إلى الخرب الأبدية. الكل قد حطم العدو في المقدس.

 ان عبارة "ارفع قدميك" هي مرة أخرى نداء للحفظ، ولكن كمزمور تعليمي، فإن أهميته تكمن في وصف الوضع على أنه ميؤوس منه بدون تدخل إلهي. التعبير "دائم الخراب" يصف مأساة كربلاء على نحو ملائم.

4 - قد زمجر مقاوموك في وسط معهدك، جعلوا آياتهم آيات.

تشير الآية الرابعة إلى الهدير الكبير الذي عاشه أصحاب الحسين (عليه السلام).

5 - يتبين كأنه رافع فؤوس على الأشجار المشتبكة

6 - والآن منقوشاته معا بالفؤوس والمعاول يكسرون

الآيات الخامسة والسادسة تشير بيانيا إلى تشويه جثث في كربلاء.

7 - ألقوا نارا في مقدسك نجسوا وهدموا مسكن اسمك الى الأرض.

الآية السابعة هي وصف بياني لتخريب مخيم الحسين عليه السلام.

8 - قالوا في قلوبهم: «لنفنينهم معا!». أحرقوا كل معاهد الله في الأرض

الآية الثامنة هي نبوءة حقيقية ان أعداء الإمام (عليه السلام) يريدون بحزمأن يهلكوه هو وأصحابه. وتستمر النبوءة بقولهم أنهم فعلوا ذلك بشكل فعال وقد دمروا كل مكان للصلاة على الأرض.

9 - لا نرى آياتنا، لا نبي بعد، ولا من بيننا من يعرف حتى متى

والآية العاشرة عبارة عن رثاء يشير إلى ثلاثة جوانب لكربلاء. في تلك النقطة لم تكن رايات الإمام (عليه السلام) تظهر. ثانياً، لم يكن هناك نبي. ثالثًا، لم يكن بيننا أحد يعرف حتى متى."وأي رجل علم وهو الإمام الذي استشهد.

وتبدأ الآية بحقيقة أن الآيات كانت كذلك ولا يتم تطبيقها، ثم يذهب بحزن إلى حقيقة أن النبي (عليه السلام) كان غير موجود. علاوة على ذلك، فإن آخر من عاش في البيت المقدس كان النبي وقد تلفلف بعباءته ومات ولم يعد هناك أي شخص يعلم ما يجري.

.........................

ثوماس ميكلون: بروفيسور أمريكي في فلسفة اللاهوت وعلم الأديان المقارن. وهو محاضر في جامعة توركو بفنلندا.