نساء في ذاكرة الخلد.. القنواء بنت رشيد الهجري

 

بقلم: الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

 

 امرأة جليلة القدر عظيمة المعرفة عدّها الشيخ الطوسي من أصحاب الامام الصادق (عليه السلام)[1]، روت عن أبيها عن أمير المؤمنين (عليه السلام).

 كان أبوها من خُلّص أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد كان ممن علمهم أمير المؤمنين (عليه السلام) علم المنايا والبلايا، فكانت هي تلميذة نجيبة لذلك العالم، وامتداداً للخط الرسالي الذي آمن به أبوها.

 كانت أمينة في حفظ الإسرار وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام) فقد أوصاها أبوها فقال: (يا بنية أميتي الحديث بالكتمان واجعلي القلب مسكن الأمانة).[2]

 تعلمت من أبيها أن البصيرة في الدين أهم من الاجتهاد في العمل، وأن الوعي أساس الإيمان، ذلك عندما رأت شدة اجتهاد أبيها وعِظَم عبادته فقالت له: ما أشد اجتهادك ! فقال يا بنية : سيجيء قوم بعدنا بصائرهم في دينهم أفضل من اجتهاد أوليهم.[3]

وفي رواية: أفضل من اجتهادنا.[4]

رأت ما مرّ على أبيها من جور بني أمية، وروت حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) لأبيها: (يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟) فما ذهبت الأيام حتّى رأت ذلك بأمُّ عينيها، حين أرسل الدّعي ابن زياد إلى أبيها وفعل به ما أخبره به أمير المؤمنين (عليه السلام).

- زاد يقينها بأنها على الحق المبين عندما رأت صدق نبوءة أمير المؤمنين (عليه السلام) بأبيها وشدّة صبر أبيها رغم ما به من ألم قطع أطرافه، ذلك حين سألته: يا أبه، كيف تجد ألماً لما أصابك؟ فقال: لا يا بنية، إلا كالزحام بين الناس! [5]

 اجتمعت فيها عناصر كثيرة من الإيمان والبصيرة والصبر والعلم، مما أهّلها لتكون ممن يرجعنّ مع الإمام القائم (عليه السلام) كما في رواية المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام).[6]

 

 


[1] - الأبواب (رجال الطوسي) الشيخ الطوسي ص 327 رقم: [ 4914 ] 6.

[2] - الاختصاص للشيخ المفيد ص 78.

[3] - المحاسن للبرقي ج1 ص 251 ح 267.

[4] - الاختصاص للشيخ المفيد ص 78.

[5] - في الاختصاص للشيخ المفيد ص 77 – 78: عن أبي حسان العجلي، عن قنوا بنت رشيد الهجري قال : قلت لها : أخبريني بما سمعت من أبيك ، قالت : سمعت من أبي يقول : قال : حدثني أمير المؤمنين عليه السلام فقال : يا رشيد كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين آخر ذلك الجنة ؟ قال : بلى يا رشيد أنت معي في الدنيا والآخرة ، قالت : فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه الدعي عبيد الله بن زياد فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين عليه السلام فأبى أن يتبرأ منه فقال له الدعي : فبأي ميتة قال لك تموت ؟ قال : أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرء منه فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني ، فقال : والله لأكذبن قوله فيك ، قدموه فاقطعوا يديه ورجليه واتركوا لسانه فحملت طوائفه [أي جمعت أطراف يديه ورجليه لما قطعت]  لما قطعت يداه و رجلاه فقلت له : يا أبه كيف تجد ألما " لما أصابك ؟ فقال : لا يا بنية إلا كالزحام بين الناس فلما حملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله فقال : ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم ما يكون إلى أن تقوم الساعة فإن للقوم بقية لم يأخذوها مني بعد فأتوه بصحيفة فكتب الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم . وذهب لعين فأخبره أنه يكتب للناس ما يكون إلى أن تقوم الساعة فأرسل إليه الحجام حتى قطع لسانه فمات في ليلته تلك وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسميه رشيد البلايا وكان قد ألقى إليه علم البلايا والمنايا فكان في حياته إذا ألقى الرجل قال له : يا فلان تموت بميتة كذا وكذا وتقتل أنت يا فلان بقتلة كذا وكذا فيكون كما يقول الرشيد ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول له : أنت رشيد البلايا أنك تقتل بهذه القتلة فكان كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه

[6] - في دلائل الإمامة للطبري الشيعي (ص 484: 480 / 84 ) عن المفضل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : يكر مع القائم ( عليه السلام ) ثلاث عشرة امرأة. قلت : وما يصنع بهن ؟ قال : يداوين الجرحى ، ويقمن على المرضى ، كما كان مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . قلت : فسمهن لي . فقال القنواء بنت رشيد ، وأم أيمن ، وحبابة الوالبية ، وسمية أم عمار بن ياسر ، وزبيدة ، وأم خالد الأحمسية ، وأم سعيد الحنفية ، وصبانة الماشطة ، وأم خالد الجهنية.