الكفّان مقامان يرويان قصة ظمأ واستشهاد

الكفان الايمن والايسر مقامان يرويان قصة ظمأ واستشهاد ساقي العطاشى في واقعة الطف

هو صاحب القوة البدنية والشجاعة الفريدة والرقة والرحمة الذي يشعر عيال الحسين (ع) بالأمان، هو ساقي الاطفال الذين حرمهم المعسكر الاموي من الماء، هو الذاب عن حرم رسول الله (ص) هو الاخ المدافع عن أخيه الإمام الحسين (ع) الذي نصبه الله عز وجل خليفة للمسلمين، ذاك هو الإمام العباس (ع) الذي استشهد في واقعة الطف الأليمة مقطوع الكفين والرأس.

مقام الكفين

كف العباس أو مقام كف العباس، يطلق على مكانين؛ قيل أنه قطعت فيهما كفّا أبي الفضل العباس عليه السلام، وقد عرف المكانان بمقام كف العباس الأيمن ومقام كف العباس الأيسر، وهما يقعان في الشمال الشرقي والجنوب الغربي خارج حرم العباس عليه السلام في مدخل زقاق السوق الذي يقرب من المرقد. تحوّل هذان المكانان إلى مزارين شيدا بصورة رمزية.

المعروف أنّ مقام الكف الأيمن شُيّد في أواسط القرن الثالث عشر الهجري على بقايا نهر كان يُعرف في حينه بنهر مقبرة العباس، وقد يكون من بقايا نهر العلقمي.

وقيل أن مقام الكف الأيسر شيد على إثر منام تخليداً لموقع سقوط الساعد، وذلك سنة 1327 هـ.

وأقدم مصدر ذكر تفصيل نزول العباس إلی الفرات لطلب الماء وقطع يديه إنما هو كتاب «مناقب آل أبي طالب» لابن شهر آشوب –556- م في أواخر القرن السادس الهجري بلا أن يُسنده إلى مصدر ولا يوجد في مصدر قبل ذلك أيضاً. وإنما تقدّم قبلَه خبرُ الصدوق عن السجاد عليه السلام متضمنا الإشارة إلی قطع اليدين بلا تفصيل وتحديد مكان سقوط اليدين. ولذا ذكر المؤرخون أن المقامين إنما شيدا بصورة رمزية للإشارة إلى قطع كفي العباس عليه السلام.

قصة استشهاده

تذكر المصادر انه "لمّا اشتدّ العطش بالحسين (ع) و أصحابه؛ أمر أخاه العبّاس فسار في عشرين راجلاً يحملون القرب، فحمل العبّاس و أصحابه على جيش عمر بن

سعد فكشفوهم و أقبلوا بالماء، فعاد جيش عمر بن سعد بقيادة عمرو بن الحجّاج و أرادوا أن يقطعوا عليهم الطريق، فقاتلهم العبّاس و أصحابه حتّى

ردّوهم و جاءوا بالماء إلى الحسين (ع).

و لمّا نشبت الحرب يوم عاشوراء تقدّم أربعة من أصحاب الحسين (ع)، و هم الذين جاءوا من الكوفة و معهم فرس نافع بن هلال، فشدّوا على الناس

 

بأسيافهم، فلمّا وغلوا فيها عطف عليهم الناس و اقتطعوهم عن أصحابهم، فندب الحسين (ع) لهم أخاه العبّاس، فحمل على القوم فضرب فيهم بسيفه

حتّى فرّقهم عن أصحابه، و وصل إليهم فسلّموا عليه و أتى بهم، و لكنّهم كانوا جرحى فأبوا عليه أن يستنقذهم سالمين، فعاودوا القتال و هو يدفع عنهم

 

حتّى قتلوا في مكان واحد، فعاد العبّاس إلى أخيه و أخبره بخبرهم.

و لمّا اشتدّ العطش بالحسين (ع) و أهل بيته و أصحابه يوم العاشر من المحرّم و سمع عويل النساء و الأطفال يشكون العطش؛ طلب من أخيه

 

الإمام الحسين السماح له بالبراز لجلب الماء، فأذن له الحسين عليه السلام، فحمل على القوم فأحاطوا به من كلّ جانب فقتل و جرح عدداً كبيراً منهم و

 

كشفهم و هو يقول:

لا أرهب الموت إذا الموت رقا

حتى أواري في المصاليت لقى

نفسي لنفس المصطفى الطُّهر وقـا

إنّي أنا العبّاس أغدو بالسقا

و لا أخاف الشرّ يوم الملتقى

و وصل إلى ماء الفرات فغرف منه غرفة ليطفئ لظى عطشه فتذكّر عطش الحسين عليه السلام و رمى بالماء و هو يرتجز و يقول:

يا نفس من بعد الحسين هوني

من بعده لا كنتِ أن تكوني

هــذا الحسين وارد المـنـون

و تـشـربـيـن بــارد الـمعـين

تالله ما هاذي فعال ديني

فملأ القربة و عاد فحمل على القوم و قتل و جرح عدداً منهم فكمن له زيد بن ورقاء من وراء نخلة و عاونه حكيم بن الطفيل السنبسيّ فضربه على يمينه

 

فقطعها فأخذ السيف بشماله و حمل و هو يرتجز:

والله إن قطعتم يمـيني

إنـّي أحـامي أبـداً عـن ديني

و عن إمام صادق اليقين

نجل النبيّ الطاهر الأمين

فقاتل حتّى ضعف فكمن له حكيم بن الطفيل الطائيّ من وراء نخلة فضربه على شماله فقطعها، فقال (ع):

يا نفس لا تخشي من الكفّارِ

و أبشري برحمة الجبّار

مـع النـبيّ السـيّد المختار

قـد قطـعوا ببغيهم يسـاري

فأصلهم يا ربّ حرّ النار

فأخذ القربة بفمه، و بينما هو جاهد أن يوصلها إلى المخيّم، إذ صُوّب نحوه سهمان، أحدهما أصاب عينه عليه السلام فسالت ونبت السهم فيها، وأمّا

 

الآخر فقد أصاب القربة فأريق ماؤها، وعندها انقطع أمله عليه السلام من إيصال الماء؛ فحاول أن يخرج السهم الذي في عينه فضربه ملعون بعمود من

 

حديد على رأسه فقتله، فلمّا رآه الحسين عليه السلام صريعاً على شاطئ الفرات بكى و أنشأ يقول:

تعدّيتُمُ يا شرّ قوم ببغيكم

و خالفتُمُ دين النبيّ محمّد

أما كان خير الرسْل أوصاكم بنا

أما نحن من نجل النبيّ المسدّد

أما كانت الزهراء أمّي دونكم

أما كان من خير البريّة أحمد

لُعنتم و اُخزيتم بما قد جنيتمُ

فسوف تلاقوا حرّ نار توقّد

و قد قال الإمام الحسين عليه السلام حين قتل أخوه العبّاس عليه السلام: «الآن انكسر ظهري، و قلّت حيلتي».

المصادر: مواقع اليكترونية ومراجع اسلامية

إعداد: فضل الشريفي