مؤسّسة الدليل للدراسات والبحوث العقديّة: برامج ودورات وفعاليات متعددة لمحاربة التحديات المعرفية الأخطر في تاريخ البشرية

فاطمة عبد الحميد

من أجل نشر الفكر الإنساني والوعي الإسلامي، وبهدف صناعة الأجيال وتزكيتها على أساس الأخلاق والثقافة والإيمان، تنتشر في الكثير من الدول والمدن الإسلامية، المؤسسات التابعة للأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة.

في مدينة السيدة فاطمة المعصومة (ع)، مدينة قم المقدسة، إحدى حاضرات العلم والفكر الديني، تنشط العديد من المؤسسات ومن بينها مؤسسة "الدليل" للدراسات والبحوث العقدية، ويؤكد مديرها الشيخ صالح الوائلي أن إنشاءها جاء بعد دراسة وبحث يلحظ الواقع الثقافي والتحديات العقائدية والفكرية التي يتعرض لها المجتمع ولا سيما الشريحة الشبابية، فكان تأسيس"هذه المؤسّسة الفكريّة العقديّة انطلاقًا من المسؤولية والواجب الدينيّ"، من خلال النشاطات والمنشورات التي تصدر عنها، لتأخذ مساحتها في داخل العراق وخارجه.

وفي هذا السياق أشارت إدارة المؤسسة إلى العديد من الفعاليات الثقافية والفكرية التي تجري بالتعاون مع المؤسسات الثقافية الصديقة.

حيث شاركت مؤسسة الدليل إلى جانب "أكاديمية الوارث للتنمية البشرية والدراسات الاستراتيجية" في إنشاء برنامج تدريبي دولي لإعداد "قيادة الصف للكوادر التعليمية" والذي يهدف إلى تنمية مواهب وقدرات الكوادر التعليمية، ولا سيما التي تنشط في المؤسسات التعليمية للجاليات العربية، وضم البرنامج العشرات من المتدربين من العراق وإيران وسوريا ولبنان ودول أخرى، من الذين يمارسون التعليم والتدريس في عدد من المدارس والجامعات، ومنها جامعة المصطفى ومدارس الإمام الصادق الدولية ومعهد طريق النجاح وغيرها، ويفيد الاستاذ علي الهاشمي، وهو مدرب دولي معتمد أن البرنامج سعى إلى تبيين "مفهوم القيادة الصفيّة، والتعرف على النماذج القيادية والمهارات الأساسية لتمكين المعلمين من قيادة الصف ومعرفة السلوكيات الخاصة بالإدارة، والتطبيق العملي" لأهدافها.

ويشرح الدكتور سعد الغري عن عمل المؤسسة التعليمي من خلال التعاون مع المؤسسات الأخرى، بقوله: "لمسنا تعاونا ايجابيا أدى الى كسب ثقة الجماهير عن طريق انتمائها للإمام الحسين (عليه السلام)، وكادرها الرسالي المؤمن بأهدافه".

وإلى جانب دورها التعليمي، فإن لمؤسسة الدليل العديد من الإصدارات الفصلية والموضوعية، ومن بينها "مجلة الدليل"، والتي احتفت مؤخرا باعتمادها من قبل وزارة التعلیم العالي والبحث العلمي، كمجلة رصينة لنشر البحوث والترقیة العلمیة، ما اعتبر انجازا للمؤسسة والمجلة.

ويوضح الشیخ فلاح سبتي مدیر شعبة البحوث أن مجلة الدليل تعدّ "مجلة علمیة رصینة تصدر عن مؤسسة تابعة للعتبة الحسینیة المقدسة، ومتخصصة في الجانب الفکري والعقدي" إذ تمکنت المؤسسة من تحصیل إجازة التحکیم، إضافة إلی ترجمة أهم الأبحاث التي تطرح فیها للعدید من اللغات وأهمها اللغة الإنکلیزیة".

وتشارك المؤسسة أيضا في الفعاليات والمسابقات فمؤخرا فاز كتابان من إصداراتها بجوائز مهرجان كتاب الحوزة السنوي الثالث والعشرين، في مدينة قم المقدسة، وهما: ترجمة كتاب "رؤيوية الوحي، دراسة ونقد" وكتاب "شرح أنوار الملكوت في شرح الياقوت".

ومن الإصدارات البارزة للمؤسسة والتي نالت اهتماما خاصا، كتاب: الاجتهاد والتجديد في قراءة النص الديني، للدكتور علي الأسدي، حيث يهتم بمناقشة بعض الدعوات الّتي تنادي بالتجديد في فهم النصوص الدينيّة، بالاعتماد على مناهج مستوحاةٍ من الفكر الغربيّ، وقد تعرّض الباحث لمختلف المناهج والأفكار في هذا المجال.

وتحظى مؤسسة الدليل بعلاقات تعاون وتفاهم مع أهم المؤسسات الثقافية والتعليمية في الجمهورية الإسلامية، وتجتهد من خلالها في توحيد الجهود لصدّ التحديات الثقافية الذي تستهدف الشباب ومحاربة الإلحاد واللادينية التي تحولت إلى ظاهرة تتفشى في المجتمع.

وفي المجال الاكاديمي منح "المجلس الأعلى للثورة الثقافية" مؤسسة "الدليل" إدارة الكرسي العلمي، لتكون مركزًا لإقامة المحافل الثقافية، وذلك للشمول والاستيعاب المعرفي الذي تتميّز به، وقدرتها على التنوّع الفكري والاستجابة للمتطلّبات المتجدّدة.

وتستهدف "الدليل" بفعالياتها ودورتها مختلف الفئات العمرية، حيث بادرت إلى إقامة دورة في التربية الفكرية والتأهيل العقدي، وتتضمن دروسا في القرآن الكريم ومجال ميزان الفكر ومناهج التفكير والعقائد والأخلاق، وذلك بالتعاون مع مؤسسة الخلق العظيم ومركز التبليغ القرآني الدولي وجميعها مؤسسات تابعة للعتبة الحسينية.

وفي السياق تستثمر المؤسسة الفضاء الافتراضي لإقامة دورات بلغات متعددة، ومن بينها إطلاق شعبة التعليم دورة باللغة الفرنسية في مجال التربية الفكرية والتأهيل العقدي بمشاركة طلابية واسعة، ومن مختلف دول العالم.

يشار إلى أن المؤسسة وضعت خطة سنوية للدورات المستقبلية، ويشير مسؤول شعبة التعليم الدكتور سعد الغري إلى أن "أكثر من جهة رسمية تقدمت بطلب للمؤسسة بإقامة دورات فكرية لكوادرها داخل العراق"، كما تلقت طلبات مماثلة من "مؤسسات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية" ما استدعى وضع برنامج مكثف لاستيعابها.

وفي هذا الصدد يرى رئيس المؤسّسة الدكتور صالح الوائلي أن "المتتبّع للوضع الفكريّ والثقافيّ القائم في العالم العربيّ عمومًا، والعراق خصوصًا، يلحظ وجود فوضى معرفيّةً، والوضع يتطلب منا الجدية وتحمل المسؤولية لنكون قادرين على الخوض في هذا الصراع الذي يعد الأخطر في تاريخ البشرية"، ونظرا لجديّة الوضع يرى الشيخ الوائلي أن الأمر لا يقتصر على المؤسسات وإنما "كلّ شخص منا يجب أن يكون مؤسسة لمواجهة التحديات الفكرية الراهنة".