مرجعية الشيخ الاكبر صاحب (جواهر الكلام) الحلقة الثانية

 

مؤلفاته وآثاره

أبقى لنا الشيخ الأكبر ثروة طائلة من الآثار العلمية في طليعتها بالطبع جواهر الكلام الذي حصل بجدارة واستحقاق على هذه الشهرة في شرق البلاد وغربها.

وله كتاب معروف، وهو رسالته العلمية (نجاة العباد) وعليها شروح وتعاليق من قبل تلامذته في القرن الثالث عشر حتى عصر السيد محسن الحكيم الذي سأل الميرزا النائيني (قدس سره) عن بعض مطالبها، وأجابه عنها استدلالياً  كما في كتابنا (قادة الفكر الديني  والسياسي في  النجف الاشرف).

ولصاحب الجواهر كتب، فيها يأتي أشهرها:

1ـ رسالة في الزكاة

2ـ رسالة في الخمس

3ـ رسالة في أحكام المواريث

4ــ رسالة في المواريث فرغ منها سنة(1264هـ) وهي آخر مؤلفاته

5ـ رسالة (هداية الناسكين) في مناسك الحج

6ـ رسالة في الدماء الثلاثة: الحيض/ الاستحاضة/ النفاس

7ـ كتاب في الاصول تلفت نسخته الوحيدة التي هي بخط المؤلف

مآثره

للشيخ الأكبر مآثر كبرى أوجزها بما يلي:

1ـ مشروع ارواء النجف الاشرف بالماء بكري النهر المعروف باسمه الواقع على يسار الذاهب الى الكوفة، وهو يتصل بمنبعه  بأراضي بني حسن، وقد إندرس أثره، وأنطمست أعلامه، بعد ان نعمت به النجف مدة طويلة حتى عام (1288 هـ) على يد تلميذه السيد أسد الله الاصفهاني، والمرجع الديني في أصفهان، والذي بذل أموالاً طائلة حتى تكامل جري الماء.

2ـ كان الشيخ الاكبر هو الذي أمر تلامذته ومحبيه ومقلديه أن تكون ليلة الاربعاء ليلة استجارة في مسجد السهلة، وكان يخرج بهم ويهيئ لهم مستلزمات السفر والاقامة والمبيت تلك الليلة من الطبخ والفراش والمأكل والمشرب، والمتعة العبادية  وترويح النفس، وقد رويت أحاديث طريفة (عن اجتماعات تلك الليالي وإحيائها نوادر وطرائف تعطي صورة لذيذة عما كان يجري فيها، وتشهد على ما كان يتمتع به الشيخ من روح عالية، ونفس كبيرة وأبوة شفيقة على طلاب العلم).

3ـ بناؤه مأذنة مسجد الكوفة وضريح مسلم بن عقيل عليه السلام وصحنه وسوره ومرافقه على نفقة أحد ملوك الهند (أمجد علي شاه) وقد أرخ بناء مأذنة المسجد والضريح الشيخ إبراهيم آل صادق العاملي بقوله:

واستنار الأفق في مأذنة              أذن الله بأن ترقى زحل

لهج الذاكر في تأريخها              علناً حي على خير العمل

وله مآثر لا تعد ولا تحصى (قدس سره).

4ـ ويبقى الأثر الخالد الجواهر الذي نقل عن تكملة آمل الآمل للسيد حسن الصدر الكاظمي نقلاً عن تلميذه، ومرجع عصره في الكاظمية المشرفة الشيخ محمد حسن آل ياسين أنه ( صاحب الجواهر) قال له: (والله يا ولدي ما كتبته على أن، يكون كتاباً يرجع اليه الناس، وإنما كتبته لنفسي حين أخرج الى (العذارات) وهناك أسئل عن المسائل وليس عندي كتب أحملها لأني فقير، فعزمت أن أكتب كتاباً يكون لي مرجعاً في الحاجة..).

وقد ألف هذا الكتاب ابتداء وعمره (25 عاماً) وأنتهى منه عام (1257 هـ).

بقي أن أقول إن أسرة آل الجواهري أسرة عربية في الصميم ولا أستبعد أن تكون ذات أصول لبنانية وهاجروا الى أصفهان نتيجة الضغوط العثمانية في حكوماتها المتغطرسة ضد أهل العلم من أتباع أهل البيت عليهم السلام في لبنان وعادوا الى النجف، وسجلوا بالتبعية الايرانية وهم عرب أقحاح، حذار الجندية في قصة طويلة بعد ارغام الحكومة العثمانية على الموافقة، وقد ذكرها الشيخ المظفر في مقدمته للجواهر.

ونشير الى ان رسالة للدكتوراه سجلت في جامعة القادسية في قسم التاريخ منذ عشر سنوات تقريباً عن الشيخ صاحب الجواهر، على أن مصادر دراسته متوافرة في مستدرك الوسائل، والكنى والألقاب، ونخبة المقال وأعلام الشيعة، والذريعة والحصون المنيعة ونظم اللئالي، وماضي النجف وحاضرها، والفكر الإمامي من النص حتى المرجعية ورجال الفكر في النجف وسواهما من المصادر الكثيرة.

وينبغي الاشارة الى ان هذه الاسرة ببركة جدها الاكبر صاحب الجواهر قد انجبت الفقهاء والعلماء والمحققين والأساتيذ المقدسين والشعراء.

وكان أكبر أولاد الشيخ هو الشيخ محمد كانت تعقد عليه الآمال وتوفي في حياة أبيه، وكان ولده الشيخ عبد الحسين يقيم الجماعة في مسجد آل الجواهري، بينما كان الشيخ الاكبر نفسه في مسجد الطوسي، وكان حفيده الشيخ شريف من العلماء الابرار وكان أبنه الشيخ عبد الرسول من المقدسين الأعاظم ، ومن المجتهدين العظام وولده الشيخ محمد تقي من أعلام الحوزة العلمية، وقد أستشهد على يد نظام الطاغية ولم يعثر له على  أثر وولدا الشيخ محمد تقي هما: الشيخ حسن والشيخ محمد وكل منهما من العلماء الأعلام، والشيخ محسن الجواهري صاحب شرح  آمالي السيد المرتضى من العلماء المحققين والمؤلفين وهو والد العبد الصالح الشيخ محمد حسن الجواهري العالم/ الاديب/ الورع/ المقدس، وكان من أعز الناس لدي. 

والشيخ علي باقر بن الشيخ الأكبر كان من أعاظم المجتهدين، وهو أستاذ الإمام السيد محسن الحكيم.

والشيخ جواد صاحب الجواهر كان زعيم الأسرة في القرن الثالث والرابع عشر الهجري، وعنوانها في المجد والجهاد والتضحية وحامل راية أمير المؤمنين عليه السلام في الجهاد  ضد الانكليز (1914 م)  في جبهة الكوت وقد توفي (1352 هـ) وقد رثاه الاستاذ محمد مهدي الجواهري بقصيدة عصماء مطلعها:

هتفوا فأسندت اليدان ضلوعي     فشرقت بالحسرات قبل دموعي

ورثاه والدنا الشيخ علي الصغير بقصيدة مطلعها:

على رغم يؤبئك اليراع          فليس رثاك مما يستطاع

ومنهم الشيخ باقر الجواهري، وقد خلف الشيخ جواد بزعامة البيت اجتماعيا، ورثاه الجواهري (ت 1950 م) وكنت حاضر التأبين والإمام كاشف الغطاء يستعيد والمطلع:

بقلبي ام بنعشك حين مادوا    ودمعي أم رثاؤك يستعادوا

وبقية شبابهم فيهم الدكاترة والاساتذة والأطباء والمثقفون كثر الله من أمثالهم وقد اضطرتهم الحياة الاقتصادية الصعبة للوظائف والدراسة العصرية ومن أمثالهم في هذا الشيخ رؤوف والشيخ يحيى والشيخ عبد الغفار، ووجههم الاجتماعي المحبوب في النجف اليوم الشيخ إحسان حفيد الشيخ محسن الجواهري صاحب اللئالي ومدير مؤسسة آل البيت لإحياء التراث في النجف الاشرف.

المصدر: المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف مسيرة ألف عام للأستاذ الأول المتمرس في جامعة الكوفة الدكتور محمد حسين علي الصغير

متابعات: فضل الشريفي