التصحّر خطر يهدد العالم والعراق الاكثر تضرراً من بين الدول العربية

تقرير: ابراهيم العويني

تعد ظاهرة التصحر من الأخطار الكبرى التي تهدد بلدان العالم، وتحديدًا العربية، وعلى رأسها العراق، الذي يعد من الدول الخمس الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر في العالم

وتكررت في الشهرين الأخيرين العواصف الترابية بشكل غير مسبوق في بعض الدول العربية؛ ويعزو الخبراء ذلك إلى التغير المناخي وقلة الأمطار والتصحر، وكذلك تقلص المساحات الزراعية نتيجة شح المياه في نهري دجلة والفرات.

وأدخلت هذه العواصف آلاف الأشخاص إلى المستشفيات ناهيك عن حالات وفاة في العراق، إضافة إلى 10 حالات وفاة مؤكدة في البادية السورية.

وقد تأثرت جميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والزراعية والتعليمية بالعواصف الرملية والترابية، حيث تغلق المطارات والموانئ والمدارس والمحلات التجارية لأيام أحيانًا، جراء فقدان الرؤيا والهواء النظيف.

ويبدو أن التصحر وتعرية التربة هما النتيجتان الرئيسيتان لتغير المناخ التي تجسد العواصف الرملية إحدى ملامحه الرئيسية.

وبحسب بيانات رسمية عراقية، يؤثر التصحر على ما يقارب 40% من مساحة البلاد، فيما تتعرض أكثر من نصف أراضيه الزراعية الخصبة للخطر جراء التعرية والملوحة.

وتشير التوقعات البيئية إلى أن العراق في السنوات المقبلة، سيشهد زيادة في العواصف الترابية بما قد يصل إلى 300 عاصفة سنويًا.

ما هي أسباب وآثار العواصف الترابية؟

وأوضح الخبير البيئي علي اللامي أن الجفاف الناتج عن قلة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة والتبخر، يُعد أحد أخطار التغير المناخي.

ولفت إلى أن بعض الدول سجلت في السنوات الماضية أعلى درجات حرارة على مستوى العالم، مما سيكون له تداعيات سلبية على البيئة والقطاعات المختلفة خاصة الزراعة والصحة.

وأضاف اللامي، أن حبس المياه وإقامة السدود في دول المنبع، يشكل عامل ضغط إضافي على التغير المناخي، خاصة للدول التي تأتيها المياه من خارج نطاق الدول العربية ومن ضمنها العراق.

وشدد على ضرورة أن تستقر المنطقة العربية سياسيًا وأمنيا ومن حيث مكافحة الفساد والانفجار السكاني قبل البحث عن أية حلول للتغير المناخي.

وأكد أن هناك العديد من الخطط لمواجهة التغير المناخي منها زيادة التشجير والأحزمة الخضراء، وتنمية الغطاء الطبيعي في البوادي وإعادة تأهيلها.

وحذّر من أن استمرار التغيرات المناخية قد يتسبب بزيادة مساحات التصحر، واندلاع صراعات على موارد المياه وفقدان الأمن الغذائي.

ونصح الخبير البيئي علي اللامي بترشيد استخدام المياه وتقنينها وتطويرها، بالإضافة إلى تطوير الزراعة، لمواجهة تداعيات التغير المناخي

وبحسب المدير العام للدائرة الفنية في الوزارة عيسى الفياض، فإن أهم الأسباب التي أدت إلى تأخر تنفيذ الحزام الأخضر حول المدن هو قلة التخصيصات المالية اللازمة، بالإضافة إلى قلة الموارد المائية التي يجب أن توفر لهذه المساحات الشاسعة بسبب الشح المائي الذي يعاني منه البلد خلال العقد الأخير.

وقال الفياض " إن التغيرات المناخية عامل أساسي في زيادة موجات الغبار، وبحسب الإحصائيات المسجلة من قبل الهيئة العامة للأنواء الجوية، ارتفع عدد الأيام المغبرة من 243 يوما إلى 272 يوما في السنة لفترة عقدين من الزمن، ومن المتوقع أن تصل إلى 300 يوم مغبر في السنة عام 2050، مشيرا إلى أن نحو 70% من الأراضي الزراعية في العراق متدهورة أو مهددة بالتدهور، نتيجة التغيرات المناخية، وبالتالي فقدان الغطاء النباتي الذي يعتبر العامل الرئيس لتثبيت التربة.

وأوضح الفياض أن الأخطار البيئية نتيجة موجات الغبار تؤثر على الجانب الصحي للإنسان، ويعتبر مرضى الجهاز التنفسي مثل مرضى الربو والتحسس وضيق التنفس من أكثر الفئات تأثرا، فضلا عن التأثيرات الاقتصادية على الدولة نفسها من حيث انقطاع الطرق وانعدام الرؤية وحظر الطيران وارتفاع تكاليف الصيانة، خصوصا فيما يتعلق بالخلايا الشمسية.

ومن جهته يعرّف خبير البيئة المهندس ثائر يوسف، التصحر، بأنه ضعف في قدرة التربة على توفير المياه اللازمة لحياة النباتات بسبب قلة الأمطار أو انعدامها وارتفاع درجات الحرارة، خاصة الغطاء النباتي مثل الأعشاب والشجيرات الصغيرة التي تعمل على تبريد سطح التربة ومسك حبيباتها بواسطة جذور هذه النباتات، لأن موتها يؤدي إلى انجراف حبيبات التربة وتصاعدها مع الرياح لتكون العواصف الترابية.
جهود استثنائية ودعم تحسين الواقع البيئي من قبل العتبة الحسينية في كربلاء

فيما اعلنت إدارة العتبة الحسينية المقدسة في وقت سابق عن تواصل عملها بإدامة وإعادة تأهيل زراعة عدد كبير من النخيل والأشجار في منطقة الحزام الاخضر الشمالي لمدينة كربلاء، بمساحة صحراوية تبلغ أكثر من (20) كيلو متر، وبعرض (100) متر وذلك للمساهمة بالقضاء على ظاهرة التصحر في كربلاء.

وقال المشرف على المشروع المهندس رزاق الطائي “بتوجيه من قبل ممثل المرجعية الدينية العليا، والمتولي الشرعي للعتبة الحسينية، تمت المباشرة بإعادة هيكلة وتأهيل منطقة الحزام الاخضر الشمالي، والعمل على إدارة هذا الحزام لوجود أرض صحراوية شاسعة من الصعب زراعتها كونها تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة".

وأضاف انه تم وضع خطط لنصب منظومات متعددة للري وسقي النخيل والأشجار التي تم زراعتها، مؤكدا ان العمل متواصل على مدار (12) ساعة يومياً، وأنه يتم على مرحلتين كل مرحلة بمساحة أكثر من (10كم) وبعرض (100) متر. لافتاً الى" ان المشروع يشهد حاليا ادامة واعادة تأهيل زراعة الأشجار، واهمها النخيل بعدد يتجاوز (16.000) نخلة، وأكثر من (30.000) شجرة زيتون، وأكثر من (50.000) شجرة كالبتوز.