الحرب الروسية الأوكرانية وأثرها على الاقتصاد العالمي

 

تقرير : إبراهيم العويني

منذ اليوم الاول لاعلان روسيا الحرب على أوكرانيا دخلت الاسواق العالمية في حالة اضطرابات كبيرة تسببت في تفاقم أزمة الطاقة، وتوسع أزمة الغذاء وانهيار سلاسل الإمداد، ودخول العالم في موجة جديدة من التضخم.

وقد حذرت مؤسسات دولية وخبراء من تداعيات الأزمة على الاقتصاديات العالمية، حيث سيكون للصراع الجاري "تأثير جسيم" على الأسواق المالية العالمية، التي لم تصل الى هذه المرحلة حتى في فترة التداعيات السلبية  لجائحة كورونا.

قلق بشأن المستقبل

ويقول آميد شكري، المختص  بأمن الطاقة والسياسة الخارجية في مركز "تحليلات دول الخليج "إنه "بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا، تغيرت العديد من المؤشرات الاقتصادية العالمية وأصبحت الأسواق متشككة إلى حد ما وقلقة بشأن المستقبل".

وأضاف شكري ان "تأثير الحرب سيكون محسوسا في جميع أنحاء العالم النقطة المهمة هي أن شدة تأثيرها السلبي تعتمد على مدة الحرب وستحددها ما إذا كانت التطورات الأخيرة في الأسواق ستكون صدمة مؤقتة أو شيء أكثر ديمومة وإن العواقب الاقتصادية للحرب ستكون كبيرة بالنسبة لروسيا وأوكرانيا، ولكنها ستكون مختلفة لكل منطقة في العالم".

وتابع أن "بولندا وتركيا، على سبيل المثال، لديهما علاقات تجارية مهمة مع روسيا ما يجعلهما أكثر عرضة لتأثيرات الحرب حيث تستورد بولندا أكثر من نصف وقودها من روسيا، بينما تستورد تركيا أكثر من الثلث، لكن التجارة الأميركية مع روسيا لا تمثل سوى 0.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهي 2.5 بالمائة بالنسبة للصين، لذا فإن تأثير الأزمة على تلك البلدان سيكون أكثر محدودية".

وأشار إلى أنه "من المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى زيادة التضخم في البلدان الناشئة بنسبة كبيرة وفي بعض البلدان التي تصارع حاليا مع التضخم، لا سيما في أوروبا الوسطى وأميركا اللاتينية، حيث تحاول البنوك المركزية محاربة التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة".

وقال: "روسيا تعد مُصدّرا رئيسيا للأسمدة المستخدمة لحماية المحاصيل، وسيكون للحرب تأثير سلبي على الأمن الغذائي حيث سترتفع أسعار المواد الغذائية كون روسيا وأوكرانيا من منتجي الغذاء الرئيسيين".

يذكر أن روسيا وأوكرانيا تنتجان 14 بالمائة من القمح العالمي و 29 بالمائة من الصادرات العالمية، بالإضافة إلى ذلك، يعد كلا البلدين منتجين رئيسيين للذرة وزيت عباد الشمس.

عواقب بالغة الخطورة

ووفق بيان لصندوق النقد الدولي، فإن "العواقب الاقتصادية للحرب في أوكرانيا بالغة الخطورة بالفعل. فقد حدثت طفرة في أسعار الطاقة والسلع الأولية مما زاد من الضغوط التضخمية الناشئة عن انقطاعات سلاسل الإمداد والتعافي من جائحة كوفيد-19".

وأظهرت البيانات الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن أسعار المواد الغذائية سجلت ارتفاعا قياسيا في فبراير، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل في فبراير 2011.

وتوقع أن تكون أوروبا الأكثر تضررا من النزاع الجاري، نظرا لطبيعة التشابكات التجارية بين "طرفي  النزاع من جانب وبين سائر دول القارة، وأن تكون الاقتصادات الناشئة أقل تأثرا بتداعيات الحرب من الاقتصادات المتقدمة".

وأشار الى أن" هناك عاملا آخر مهما للغاية يجب مراعاته، وهو التأثير على أسعار النفط، والذي سبب فعلياً اضطرابات في الأسواق. فوفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تعد روسيا ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والسعودية، مبينا أن " روسيا انتجت 10.5 مليون برميل نفط يومياً في عام 2020 وصدّرت ما بين خمسة إلى ستة ملايين برميل، كانت نصف صادراتها إلى أوروبا.

وبيّن  " سعر نفط برنت الخام الذي يستخرج من بحر الشمالفي ارتفع في السابع من مارس/ آذار،  إلى مستوى قياسي تقريباً، بعد أن قالت الولايات المتحدة وأوروبا أنهما تدرسان حظر واردات النفط الروسي، بعد أن قفز بنسبة 21 في المئة في الأسبوع السابق، قفز بنسبة 18 في المئة أخرى ليصل سعر البرميل إلى ما يقرب من 140 دولاراً قبل أن يتراجع قليلاً.