المخرج والممثل المسرحي التونسي حافظ خليفة: المسرح العربي تختلف معاييره من بلد الى آخر

حاوره: أمير الموسوي

على هامش مهرجان الحسيني الصغير الدولي لمسرح الطفل بدورتهِ السادسة اجرى مركز الاعلام الدولي حوارا مع المخرج والمنتج والممثل المسرحي حافظ خليفة، من تونس، حول ماهية المسرح والمعرقلات التي تعيق العمل المسرحي.

حافظ خليفة حاصل على شهادة الماجستير في العلوم الثقافية والمسرحية ومؤسس فرقة تأنيت المشارِكة في مهرجان الحسيني الصغير بنسختهِ الثالثة، والحاصل على عديد من الجوائز في العالم الاسيوي و أوربا، وهو ونائب رئيس النقابة الوطنية المستقلة لمحترفي المهن الدرامية في تونس.

ما هو المسرح؟ وأين تكمن اهميته للمجتمع؟

لن اقول أن المسرح هو مرآة للحياة والمجتمع مثل تلك التعريفات الجوفاء المستهلكة، المسرح هو الحياة اصلاً وليس المرآة فهو كان ولا زال وسيبقى نبيلاً تاماً مثل ما عرف به ارسطو، فالمسرح هو فعل حي بإمكانه أن يكون بِجدارة أبي الفنون رغم التقدم التكنولوجي واستحواذ المعلوماتية والجانب الافتراضي على حياتنا، لكن المسرح يظل هاجس وهوية وضمير الانسانية والشعوب فهذا الفن المتجدد النابض والعميق يرينا حقيقة انفسنا, وهو مهم للشعوب كما قال "موليير" اعطني مسرح اعطيك شعباً عظيماً, فالمسرح هو معيار عظمة الشعوب وسيظل ميزان ثقافة المجتمعات وهاجسها وكاشفا لهويات الشعوب.

كيف ترى مستوى الفن المسرحي الحالي، وهل يعدّ فناً هادفاً؟

اعتقد أن هذا الانفجار على مستوى استعمال العالم الافتراضي وبُعد الانسان عن كل ما هو حسّي أدى أيضا الى تراجع اعتناء الجماهير بالمسرح بل ان الآليات تراجعت لدى بعض الشعوب التي لا تعرف  استعمال الحياء والحضارة بزعم أن العلاقات اصبحت منفردة بانحسار هذهِ العوالم الافتراضية  الامر الذي أدى الى أن نعيش في عزلة ثقافية ونفسية.

وعلى المستوى المحلي فإن الفن المسرحي لازال في حالة تطور لان هناك مختبرات وتجارب ومجربين في البلدان المتقدمة وهي تعرف قيمة هذا الفن وتراهن وتستثمر في الانسان وتقدّر وتقيّم كل مجال.

ما هي الاركان الاساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في المسرح؟

اهم ركن من اركان الفن المسرحي هو الممثل ولا شيء غير الممثل الذي لا نستطيع التخلي عنه مهما كانت السينوغرافيا، وإني سينوغراف واعمل حتى على الصورة ومهما كانت الحكاية والنص والاخراج بقوة، ولكن العناصر الاساسية لابد أن تكتمل في الممثل، وفي تواجد الممثل، فمهما كان المكان والزمان ومهما كانت الاشخاص سيبقى هو العنصر المهم جداً الا وهو الممثل.

هنالك آراء ترى أن المسرح في العالم العربي لم يعد فناً جاذباً. برأيك كفنان ومخرج مسرحي، ما مدى صحة ذلك؟

المسرح العربي تختلف معاييره من بلد الى آخر، ففي تونس مثلا المسرح يعتمد على الانتاج و التوزيع لذلك لا يسقط في عملية الارتزاق والاستعراضية والتجارية، بينما نرى في بلدان اخرى ان المسرح لا يُدعم فيتخذ الفنانون سياسة اخرى وهي الاكثار من الرواتب والموظفين من دون فائدة، ففي دائرة السينما والمسرح هناك ثلاثة الاف موظف ولكن منهم قرابة مائة ممثل هم الذين يقومون بالعملية المسرحية، اما البقية فيقومون فقط بأخذ الرواتب دون تقديم أية فائدة، وفي مصر وفي بعض البلدان الاخرى جعلت الرواتب من المسرح يتراجع، فبلا دعم سيعتمد المسرح على الشباك الذي يعتمد على مزاج الشعوب، وشعوبنا للأسف ليست جاهزة وليست حضارية فتراها تسير خلف كل ما هو سهل واستعراضي وتجاري، والسقوط بالتجارية في هذه الحال نتيجة حتمية لعدم دعم الدولة للمسرح فالدعم هو سبيل مهم من سبل المحافظة على قيمة و رُقي المسرح  في اختيار المواضيع وهذا يرجع الى السياسة الثقافية لكل بلد من البلدان وهي تختلف من بلد الى اخر.

كفنان مسرحي ما هي أبرز المشاكل التي تعيق العمل المسرحي؟

اعتقد ان المسرحيين في حد ذاتهم من اهم المشاكل التي تعيق العمل المسرحي، فلا بد ان يقتنع المسرحي ان عمله متجدد وجدّي ومن الممكن أن نعيش منه ونعيش له ونضحي من اجله، أما عندما يتخلى المسرحيون عن هذا الفن فسيكون كاليتيم وسيموت وسيحتضر ولا ننتظر من الشعب احياء هذا الفن، ورهان وجود المسرح وديمومته مرتبطة بالمسرحيين ومدى مثابرتهم وتجددهم وعدم استسهال هذا الفن المعقد السهل الممتنع سواء في مسرح الطفل او مسرح الكهول في كل اشكاله التجريبية والعبثية والاستعراضية والواقعية، واعتقد ان هناك مشكلة او عقماً وأعني بالعقم ان المسرح ولّاد ويتجدد والخوف كل الخوف ان يتخلى المسرحيون عن هذا الفن الراقي لإحباط او تعب او يأس، لكنه يبقى فناً حياً مجدداً نابضاً بالحياة ولابد من الحفاظ عليه لا نه يعطي قيمة للحياة والانسانية، وهو جزء من النسيج الثقافي والحضاري لهوية كل امة وشعب، فاعتقد ان المسرح دوره ريادي وأساسي  لنهضة الشعوب والثقافات.