اطلالة على مملكة الحضَر او مدينة الشمس

على بعد 80 كم جنوب غرب الموصل تشرق في الصحراء مدينة أثرية عراقية، كانت عاصمة لمملكة تاريخية شملت اراضي شاسعة، وتعد احدى المدن العربية الصحراوية التي تماثل تدمر في سوريا والبتراء في الاردن، وتقع في مركز قضاء الحضَر بمحافظة نينوى شمال العراق، ومعظم سكانها من العرب.

تأسيس المملكة 

تشير التنقيبات الى أن المملكة تأسست في بداية القرن الثاني قبل الميلاد، أسسها ملك جمع بيده السلطة الدينية والمدنية، وكان يدعى ( نشريهب) عام ١٠٥- ٩٥ ميلادية .

وقد وُجد على بعض النقوش العربية الحضرية عبارة  (حطرادي شمس) وتعني حضيرة الالهة شمس، فيما تشير المصادر العربية الاسلامية الى ان اسم المدينة يعني المكان المحضور الذي يمنع فيه تداول ما لا يليق بموقعه المقدس عندهم..

سكان المدينة

الحضريون هم عرب يتحدثون اللغة الآرامية، اما ديانتهم فكانت وثنية ركزت على عبادة الشمس والكواكب، وكان للنسر مكانة خاصة في دياناتهم.

واشتهر الحضَريون بفن العمارة المتميزة وتركوا لنا آثاراً صخرية ظلت صامدة عبر آلاف السنين وأهمها المعابد والقصور والقاعات ذات الاقواس، والزخارف والتماثيل والمنحوتات الفنية الرائعة.

تقع أطلال مدينة الحضَر التاريخية على بعد 2 كم شمال غرب الحضر الحالية، وقد تم العثور على عدد من النصوص الكتابية محفورة على أحجار كبيرة تحتوي على بعض الأحكام القانونية والأعراف، التي كانت سائدة فيها وخاصة التي تتعلق بالسرقة والعقوبة الصادرة بحق مرتكبيها، وقد عُثر على هذه الكتابات خلال أعمال التنقيبات التي قامت بها دائرة الآثار والتراث في مواسم مختلفة في المدينة.

وقد صاحبت التنقيبات الأثرية أعمال صيانة للأبنية والمرافق المكتشفة، ويتضح من خلال الدلائل الأثرية والتاريخية أن فترة انتعاش المدينة تمتد من حدود القرن الأول قبل الميلاد حتى منتصف القرن الثالث الميلادي.

وهناك عوامل وحوافز وراء ذلك أبرزها الأهمية الدينية التي اكتسبتها المدينة بكونها مركزاً للقبائل العربية التي سكنت الجزيرة، حيث أقامت معابدها ووضعت فيها تماثيل ودفنت فيها أمواتها، إضافة إلى أن موقع المدينة يتصف بصفات ذات أهمية بالغة في السيطرة على الطرق والمسالك البرية التجارية والعسكرية المحاذية لنهري دجلة والفرات، والتي انشغلت في نقل البضائع الشرقية من الهند والجزيرة العربية إلى الأسواق الغربية، عبر قنوات كانت القبائل العربية تتعامل بها وتحميها.

وقد اشتهرت مدينة الحضَر في فترات الحروب التي جرت بين الأخمينيين والسلوقيين وأخيراً بين الفرس والرومان كحلفاء ضد الساسانيين، حيث سقطت على يد الملك الساساني سابور.

إعداد: عباس نجم