محاذير وواجبات في تربية الاطفال

اعداد: محمود المسعودي

 

أن الاهتمام بالأبناء من مسؤولية وواجب الوالدين، فهما موجودان لحمايتهم وتربيتهم التربية الحسنة, ولكن اذا كان الاهتمام مفرط به بداعي الخوف والحب لهما سينعكس سلبا على تربية الطفل لان الاسرة تشكل الدور الاساسي في نمو الطفل وتشكيل شخصيته.

و تشير الدراسات المختصة في علم النفس السريري إلى أن الإفراط في الحماية أثناء تربية الأطفال هو سبب رئيسي لاضطرابات القلق لدى المراهقين واليافعين، وخاصة رعاية الأطفال بعيدا عن التخالط الاجتماعي بنظرائهم ومع باقي مكونات مجتمعهم، ويرتبط هذه القلق بالخجل وعدم القدرة على مواجهة أي شكل من المخاوف التي قد تواجه الطفل أو اليافع، والتالي التقوقع والانسحاب.

متى تكون التربية مغلوطة؟

ان الحب والاهتمام والخوف الزائد للأطفال من قبل الوالدين له نتائج عكسية تؤثر على مسقبلهم وهنا يذكر الكاتب قاسم المشرفاوي بعض من سلبيات هذه التربية: 

1:يجعلهم غير مسؤولين ولا يتحملون نتائج اخطائهم مما يدفع بالأهل إلى الدفاع عنهم في اغلب الاحيان وحل مشاكلهم..

2:يضعف شخصية الطفل ويجعله اتكالياً وغير مبالي بإتعاب والديه..

3:يلقي بأخطائه على الاخرين وعلى الزمن .

4: تنمو لديه صفه الانانية والغرور .

5:لا يقبل عذر والديه إن عجزا عن توفير ما يريد

اذن بعد ان عرفنا مضار تدليل الابناء وجب علينا ان نقدم لهم الحب باعتدال وبدون مبالغة ، فكل شيء يجب ان نوفره لهم يجب ان يكون باعتدال وباتزان لكي يكون الاطفال متزنين ومعتدلين في كل شيء، في تصرفاتهم وفي طلباتهم ، والابناء يتشكلون وفق طريقتنا في التصرف معهم، فلنختر طريقة مناسبة في التعامل معهم تدفعهم الى فهم متطلبات الحياة بشكل واقعي غير مبالغ فيه.

فيما قال مجموعة من المختصون في علم النفس ان: الطفل الذي ينشأ وفق الحماية الزائدة من قبل الاهل غالبا ما يتصف بصفات منها: ضعيف الشخصية، خجول اجتماعيا، دائم القلق والتوتر، يخاف الانخراط بالمجتمع، ولا يستطيع اتخاذ قرار، ولا يمكنه تحمل المسؤولية، وتصبح شخصيته اعتمادية، لأنه لم يتعود على المواجهة في الواقع وتولي أمره بنفسه، وحل مشاكله، فلا يقدر على التعامل مع الحياة وصعوباتها لأنه لم ير منها إلا الجانب الآمن والملاذ الذي يتمناه أي طفل.

حل المشكلة

ينصح التربويون أن يعتدل الأهل في تربية طفلهم وألا يبالغوا في حمايته وتدليله، أو إهماله كذلك على حد سواء, وعليهم أن يعوا أنهم عندما يمنعون عنه بعض حاجياته، فليس معنى ذلك حرمانه، بل تنشئته تنشئة صحيحة، حتى يخرج الطفل للمجتمع قادراً على مواجهة الحياة, فليس كل شيء ميسراً وليست كل الرغبات متاحة، وإن محاولة إرضائه وتلبية طلباته على الفور، فإن ذلك قد يسعده ويسعد الأم في الوقت نفسه، لكن هذه السعادة لن تدوم حينما تتعارض رغباته لاحقاً مع الممنوعات. فالدلال المبالغ فيه وإن كان مدفوعاً بالحب والعواطف الطيبة، إلا أنه كثيراً ما ينقلب إلى عكس المراد.

إذن ان الأسلوب الأمثل في تربية ابناءنا هو ان نستخدم أسلوب الحزم الايجابي الهادف ضمن قوانين وقواعد تربوية معيارها احترام تلك القوانين والمبادئ والقيم وحسن المعاملة واحترام حقوق الآخرين وتدريب الأبناء عل تحمل المسؤولية ومساعدتهم على تحقيق ذلك لان أي نجاح يحققونه في هذا المجال يدفعهم إلي زيادة ثقتهم بأنفسهم .

 

التربية في الاسلام

لقد أعتنى ديننا الحنيف بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده.

وبهذا الشأن يقول الباحث سلام مكي الطّائي: لابد من وجود أساليب تربويَّة تستعمل في تغذية الأبناء التَّربية الحَسِنة، وتقبل هذا الأسلوب التَّربوي، بصورة طبيعيَّة من دون حدوث معاناة مع الآباء تجاه تربية الأبناء، فالإمام عَلِيّ (عليه السَّلَام) يُعطينا منهاجا نسير عليه في كيفية تربية الأبناء، فروي عنه (عليه السَّلَام) أنَّه قال: (ولدك ريحانتك سبعًا، وخادمك سبعًا، ثم هو عدوّك أو صديقك) نفهم من مفردات هذا القول: أنَّ المعاملة تكون مع الوليد في بداية مرحلة الطفولة، معاملة برفق ولين وبشفَّافية، ليست معاملة خشنة، فهذه المعاملة يكون فيها مراعاة للحالة النَّفسيَّة للطفل والمرحلة العمرية التي هو فيها، ويكون التَّأديب في هذه المرحلة بالكلام الطيب الحسن، واعطائه بعض الدروس الدينية والأخلاقية في كيفية تعلمه التعامل باحترام مع من هو معه في المحيط العائلي، وتربيته وتعليمه على كيفية أداء الواجبات الشرعية وإن كان غير مكلف فيها، ولا يُعامل بالكلام الخشن والزَّجر، فروي عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) أنَّه قال: (أَدّب صغار أهل بيتك بلسانك على الصَّلَاة والطّهور...), وعند تجاوزه هذه المرحلة من العمر، يصبح نوعا ما قد اكتسب وتعلَّم بعض الأمور، ويمكن لحسن معاملة الوالدين إليه أن تجعله ينعكس إيجابيا على والديه، فيصبح طفلا سويا يلبي ما يؤمر به من قبل والديه، ويصبح مطيعا لهما كالخادم، أما إذا لم يطع والديه فيما يرضي الله تعالى، فيقول الإمام (عليه السَّلَام): (... فإذا بلغوا عشر سنين فاضرب ولا تجاوز ثلاثًا) ، أي: أنَّ الضّرب فقط يكون فيه للتأديب لا للقسوة عليه.