الاقناع وفن التأثير في الآخرين وكسبهم .. كيف نمتلكه ونستفيد منه؟

نتعرض يومياً الى العديد من المناقشات والحوارات والجدالات في العمل او اي مكان آخر, وقد تصل الى اختلاق المشاكل وغيرها, وعليه لا بد من التمكن من اقناع الاخرين بأسلوب مهذب وبشفافية بعيدا عن التجريح حيث يفتقد الاغلبية مهارة الاقناع الذي يعد من المهارات الحتمية الواجب امتلاكها من قبل البشر فمن يرغب أن يعيش سعيدا ويتمتع بحياة هانئة بعيده عن النزاعات والخلافات عليه بمهارة بالإقناع .

ما هو فن الاقناع ؟

الإقناع هو عملية تهدف إلى تغيير موقف أو سلوك شخص (أو مجموعة) تجاه حدث معين، فكرة، شيء، أو أي شخص أو أشخاص آخرين، يتم ذلك باستخدام كلمات مكتوبة أو منطوقة لنقل المعلومات، والمشاعر، أو للاستدلال، أو مزيج منها. الإقناع هو أيضا أداة تستخدم في كثير من الأحيان في السعي لتحقيق مكاسب شخصية، مثل الدعاية الانتخابية أو المفاوضات التجارية أو غيرها.

أنواع الإقناع

• الإقناع النزالي

 هو أسوأ أنواع الإقناع التي يتعرض لها شخص، ولا تتوافر فيه أي مهارة من مهارات الإقناع، فهو إما بين طرفين كلاهما يريد أن ينتصر لوجهة نظره، أو بين طرف متسلط وآخر متسَلط عليه، ويُستخدم فيه التهديد والتخويف بل وقد يصل الأمر لشراء الذمم في أحيان كثيرة. كأن يحاول رئيس شركة مثلًا إقناع عماله بفض اعتصامهم , أو التراجع عن موقف اعتراضي معين، وتهديدهم بالفصل أو خصم الراتب أو استخدام أساليب قد تجبر الطرف الآخر على التنازل.

•  الإقناع المشترك

هو إقناع متبادل بين طرفين، يحاول كل منهم إقناع الطرف الآخر بفكرة معينة وتحقيق مصلحة للطرفين، كأن يحاول موظف بنك مثلًا إقناع عميل بالاشتراك في خدمة معينة، فسيحقق ذلك منفعة للطرفين.

•  الإقناع الشمولي 

وهو إقناع فيه رُقي ونظرة شمولية، حيث يتم فيه استخدام العديد من الأساليب والفنون، وهدفه أيضاً تحقيق مصلحة للطرفين.

 عناصر الاقناع

-المصدر

ويجب أن تتوافر فيه صفات منها:

الثقة، ويحصل عليها من تأريخ المصدر إضافة إلى مدى اهتمامه بمصالح الآخرين، والمصداقية في الوعود والأخبار والتقييم، والقدرة على استخدام أساليب عدة للإقناع: كلمة، مقالة، منطق، عاطفة، إحصائية، والالتزام بالمبادئ والقناعات التي يريد إقناع الآخرين بها.

-الرسالة

لابد أن تكون واضحة لا غموض فيها بحيث يستطيع جمهور المخاطبين فهمها فهماً متماثلاً، كذلك بروز الهدف منها بدون حاجة لعناء البحث عنه، ومرتبة ترتيباً منطقياً مع تأكيد الأدلة والبراهين، ومناسبة العبارات والجمل حتى لا تسبب إشكالاً أو حرجاً.

-المستقبِل

ينبغي مراعاة الفروق العمرية والبيئية، والاختلافات الثقافية والمذهبية، والمكانة العلمية والمالية والاجتماعية، كذلك مستوى الثقة بالنفس، الانفتاح الذهني.

تقنيات الاقناع

 -استخدام الكلمات القوية

يمكن للفرد زيادة قدرته على إقناع شخص ما بفكرته من خلال استخدام الكلمات القوية في الإقناع، حيث أنه كلما كانت الكلمات أقوى؛ كلما كانت استجابة الطرف المقابل أفضل، فعلى سبيل المثال؛ إذا أراد شخص إقناع شخص آخر بشراء تأمين على سيارته؛ فيتوجب عليه القول بأن هنالك الآلاف من الوفيات المرتبطة بالسيارات كل يوم بدلاً من قول هناك الآلاف من حوادث السيارات التي تحدث كل يوم، وذلك لأن كلمة الموت أقوى على الفرد من كلمة حادث، وبشكل عام؛ فإنه غالباً ما يستخدم المعلنون هذه الطريقة في الإقناع من أجل إقناع الناس بمنتجاتهم.

-الاستفادة من مبدأ المعاملة بالمثل

 يمكن للفرد زيادة قدرته على إقناع شخص بشيء ما من خلال استغلال مبدأ المعاملة بالمثل، حيث أن الناس غالباً ما يشعرون بأن عليهم إرجاع الجميل عندما يتلقون معروفاً من شخص ما، وهو بمثابة التزام اجتماعي بتقديم شيءٍ لشخص ما لأنه قدم شيئاً من أجلهم، فعلى سبيل المثال يمكن للمسوقين إجبار الناس على قبول عروضهم من خلال تقديم إضافات أو خصومات، حيث أن الناس حينها سيكونون أكثر ميلاً لقبول العرض، وإجراء عملية الشراء كنوع من رد الجميل.

-المنطقية في الطلب

 يمكن للفرد إقناع شخص ما بطلبه من خلال جعل الطلب منطقي ومعقول، حيث يمكن له استخدام نظرية البدء كبيراً ثم صغيراً، فمثلاً إذا كان يريد من شخص مبلغ خمسة وعشرين دولاراً كعمل خيري، فيمكن له طلب ألف دينار على سبيل المثال في البداية، ثم بعد ذلك طلب المبلغ الصغير الفعلي الذي يريده، حيث أن القيام بذلك سيجعل من الشخص المقابل يوافق على المبلغ الصغير فوراً، ويمنعه من التهرب أو التراجع، وعلى الرغم من فعالية هذه الطريقة في الإقناع، إلا أنها قد تأتي بنتائج عكسية في بعض الحالات وخاصة في العلاقات الشخصية، لذلك فإنه يتوجب على الفرد قياس هدفه، وتحديد الوقت المناسب لاستخدام هذه الطريقة في الاقناع .

ما هي مراحل الإقناع؟

لكي تقنع شخصاً بأمر ما، ولكي تضمن فيما بعد التزامه الحقيقي بذلك الأمر؛ عليك أن تدرك أنَّ الإقناع يمر بست مراحل وهي:

-طرح الفكرة

تعدُّ الأفكار المكوِّن الأساسي لعملية الإقناع، فأنت تقدِّم فكرتك للآخر لكي تبدأ رحلة المفاوضة والإقناع، وهنا لا بدَّ من أن تكون فكرتك بسيطة ليست معقَّدة، ومركَّزة بحيث تستهدف موضوع بعينه.

-القناعة

تقوم عملية الإقناع على تغيير أو زرع القناعات، والقناعة عبارة عن فكرة مخزَّنة في اللَّاوعي ومن الصَّعب تغييرها، وتؤثِّر على سلوك الفرد.

-القرار

يُتَّخذ في هذه المرحلة القرار باتِّباع الفكرة الَّتي طرحها المُفاوض أو المُقنِع، ويظهر هنا أنواع مختلفة من أصحاب القرار، منهم الشَّخص الكاريزما الَّذي تُستخدم معه تقنية "تضخيم سمعة مكان العمل والأهداف" لكي تقنعه باتخاذ القرار الَّذي تريده، كأن تقنع مديرك ذو الشَّخصيَّة الكاريزميَّة باستحقاقك العلاوة من خلال قولك: "إنَّ سمعة الشركة تهمُّني جداً، وأرغب في تحقيق أعلى الأهداف، لذلك أريد أن أبقى متحمِّساً للعمل كما هي عادتي، وأرى أنَّ العلاوة ستحقِّق لي المزيد من الحماس".

-التصرف

وهنا يميل الشَّخص إلى التصرف بعد أن اتَّخذ القرار، ولكي يضمن المفاوِض أنَّ الشَّخص سيتصرَّف كما يريد؛ ينزع إلى استعراض المشكلة وتقديم حلها الَّذي يتناسب مع الشَّخص ويصبُّ في مصلحة المفاوض.

-الالتزام

لا يكفي تصرُّف الشخص تجاه ما يريده الشَّخص المفاوِض، بل يجب الالتزام والاستمرارية بالأمر، وهنا يجب أن تكون دافعيَّة الشَّخص داخليَّة.

- الإيمان والدَّعوة

وهي المرحلة الأخيرة من مراحل الإقناع، وهنا يقتنع الشَّخص تماماً بالفكرة ويسعى إلى إقناع من حوله بها.

عوامل نجاح عملية الاقناع

– القدرة على نقل المبادئ والعلوم والأفكار بإتقان.

– معرفة أحوال المخاطبين وقيمهم وترتيبها.

– الجاذبية الشخصية بأركانها الثلاثة: حسن الخلق، أناقة المظهر، الثقافة الواسعة.

– التفاعل الإيجابي الصادق مع الطرف الآخر.

– التمكن من مهارات الإقناع وآلياته من خلال امتلاك مهارات الاتصال وإجادة فنون الحوار مع الالتزام بآدابه.

عوائق الإقناع:

– الاستبداد والتسلط: لأن موافقة الطرف الآخر شكلية تزول بزوال الاستبداد.

– طبيعة الشخص المقابل: فيصعب إقناع المعتد برأيه وتتعاظم الصعوبة إذا كان المعتد بنفسه جاهلاً.

– كثرة الأفكار مما يربك الذهن.

– تذبذب مستوى القناعة أو ضعف أداء الرسالة من قبل المصدر.

– الاعتقاد الخاطئ بصعوبة التغيير أو استحالته: وهذه نتيجة مبكرة تقضي على كل جهد قبل تمامه.

– اختفاء ثقافة الإشادة بحق من قبل المصدر تجاه المستقبل.

اعداد: أمير الموسوي