كيف يتعامل المسلم مع الآخر؟

قال الله عز وجل في كتابه العزيز: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين)سورة النحل/ اية (١٢٥).

اعتنى الإسلام بالتعامل مع الآخر وأوصى بأتّباع الرفق واللين في التعاطي مع الاخرين  وعدّ هذا التعامل من أهم مقوّمات الدعوة إلى الله عزّ وجلّ, وهنا يجب ان يتحلى الانسان المسلم بالحكمة والموعظة والأسلوب الجيد في تعامله مع الاخر, وعلى الرغم من أهمية الموضوع  في حياة الإنسان والمجتمع الا ان هناك من يغفل عنه.

حث اهل البيت (عليهم السلام) على اهمية التعامل مع الاخر باحترام وحب , ومن وصية للإمام علي بن ابي طالب لولده الحسن (عليهما السلام): " يَا بُنَيَّ اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيَما بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ، فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَلاَ تَظْلمِ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُهُ مِنْ غَيْرِكَ، وَارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَإِنْ قَلَّ مَا تعْلَمُ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ".

يقول الكاتب محمد إقبال: إن الإسلام دين يدعو إلى كل خير، ويَنهى عن كلِّ شر؛ يدعو إلى الإحسان إلى الناس كافَّة، والتعامل معهم بالحسنى؛ على أساس أن الجميع عيال الله وخَلْقه تعالى، وأن أحبَّ الخَلْق إلى الله أنفعهم وأجداهم لعياله؛ لذا أمر الرب - عز وجل - عبادَه - والناسُ كلهم عباده طوعًا أوكرهًا - أن يقولوا التي هي أحسن وأطيب؛ يقول - عز وجل -: ﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [الإسراء: 53]، يريد الربُّ - عز وجل - أن يُبيِّن للناس أن الشيطان يتربَّص بهم الدوائرَ، ويتمنَّى أن يَنزَغ بينهم، ويجعلهم عُرْضة للخِصام والجدال والسِّباب والقتال، فالقول الحسن - الذي هو أصل التعامل وأساسه - يُسبِّب الأُلفة والمحبَّة، ويُعقِب الرحمة والمودة في القلوب والصدور، ويقول - عز وجل -: ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 83]، فلننظر في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قدَّم القولَ الحَسَن للناس على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، ونُدرِك أهميةَ التعامل الحَسَن مع الناس في الإسلام، وفضله على سائر الأحكام الفرائض والواجبات، وعندما ذكر الله تعالى عبادَه الصالحين وما اتَّصفوا به من صفات حسنة وأخلاق طيِّبة، ذكَر في مُقدِّمتها وطليعتها: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [الفرقان: 63]، ﴿ وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾.

علماء الاجتماع ينصحون بالتحلي ببعض الخصال عند التعامل مع الناس والتي نتعلمها معا لكسب ثقة الناس ومحبتهم, ومن هذه الخصال، ان تكون حسَن الخلق ويحبك الناس وأن تكون لين التعامل مع أفراد مجتمعك ومع أهلك في كل الجوانب الحياتية، وتكون بشوش الوجه، وأن تبتعد عن النفور بالناس، وأن تكون حكيما، رزين الكلمة، خفيف الظل، وأن تحرص على إدامة المحبة بين الناس.

تقول الكاتبة ابتسام مهران: بعد انتشار الإسلام أصبح كل مسلم هو الوصي على أفعاله أمام الله عز وجل، وهذا أصبح واضحًا في أخلاقيات المسلم في آداب التعامل مع الآخرين وهذا ما حدثنا عنه نبينا الكريم (ص)حيث قال “إذا رأى أحدكم خطأً فعليه أن يصححه بيده إن استطاع، فإن لم يستطع، فعليه بلسانه، وإن لم يستطع، فعليه بنظرته؛ وإذا لم يستطع، فحينئذٍ عليه أن يصححه بقلبه”، والقلب هنا يعبر بشكل كبير عن اليقين والإيمان بقدرة الله سبحانه وتعالى.

واضافت ان: أخلاقيات الإسلام نفسها تُفرض على المسلم إتباع بعض السلوكيات والنوايا والأفكار وحتى الكلمات التي تحميه من الأفعال السيئة، وهذا يظهر من خلال التعامل مع الكثير من الاشخاص فعلى سبيل المثال قد تظهر هذه الأخلاقيات في آداب التعامل مع الآخرين في المدرسة وفي الحياة العامة والعمل وحتى في المعاملات التجارية.

إعداد: محمود المسعودي