شاعرات آل البيت (عليهم السلام) في الأدب التركي

أ.د. أمير الخالدي/ جامعة الكوفة

الادب التركي منذ نشأته الاولى قبل الاسلام وحتى قبول الاتراك في الدين الاسلامي اي اعتباراً من القرن الحادي عشر اتسع في مجالات كثيرة كالمديح والرثاء والغزل وغيره, وبقدر ما كان للرجل مكانة كبيرة في هذا الادب وظهور الشعراء المشهورين الذين الفوا الدواوين في اللغات التركية والفارسية والعربية.

وبعد سقوط الامبراطورية السلجوقية في القرن الخامس الميلادي وبروز الامبراطورية العثمانية, اخذت المرأة التركية تفكر في معالم الحضارة والحرية وظهر هناك الاديبات التركيات اللواتي كتبن في كل مجالات الحياة, والمرأة التركية بطبيعة مزاجها تشعر بأن تكون انسانة انيقة في المظهر والخلق, وازدان الادب التركي بكثرة الشاعرات التركيات, وهناك بعض الشاعرات اللواتي تأثرن بواقعة الطف واقعة كربلاء الواقعة التي المت بالمسلمين عامة وبالشيعة خاصة باستشهاد الامام الحسين بن علي (عليهما السلام).

ونذكر هنا بعض الشاعرات اللواتي كتبن عن عترة رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومنهن:

1-الشاعرة مهري خاتون: 1465 – 1531م

احدى الشاعرات المشهورات في الادب التركي تعلمت العربية والفارسية وكتبت ديوانها المشهور (ديوان مهري) وتعلمت الشعر من ابوها اضافة الى موهبتها الشعرية. حسب ما ذكر (لطيفي) في تذكرته ويقول لطيفي انها (امرأة في شعرها وبذات كلامها الا انها رجلاً في وصف شوقها وهيامها) وقد حكم عليها لطيفي من خلال نقدها للرجال بنظرتهم الضيقة عن المرأة إذ قالت ( ما دامت المرأة ناقصة في عقلها فلتعذر على قولها وان كانت ذات افضال فهي تفوق الفاً من الرجال) واضافة الى الشعر فأنها كتبت في الفقه والفرائض ولها رسائل منظومة اضافة الى ديوانها.

وفي ديوانها وبعض رسائلها جعلت هناك صفحات خاصة بمدح الرسول محمد (ص) وآل بيته الاطهار ووصفت الرسول (محمد) بأنه سيد الأكوان. كما انها اشارت في اشعارها الى استشهاد الامام الحسين عليه السلام. وتقول: (الحسين سيد الشهداء وسيد الاتقياء) وتشير الى كربلاء بأنها موطن الشجاعة والشهادة والبطولة حيث تذكر كلمة (قهرمانلاء يري) معناها ارض الشجاعة. وتقول عن كربلاء:

إيه يا كربلاء كم ضممت بين ترابكِ من الاجساد الطاهرة... اجساد الشهداء... يوم عاشوراء... وتذكر عاشوراء في بعض اشعارها بأنه يوم حزن وهو اليوم الذي انطلقت منه المآسي.

2- الشاعرة زينب خاتون: ؟ - 1800م

وهذه الشاعرة ولدت وعاشت في مدينة (اماسيه) وهذه المدينة تقع شرق الاناضول وتسمى (بغداد الترك) تشبيهاً ببغداد العرب وهي مدينة تقع على شاطيء نهر الفرات وبين الهضاب والوديان وهذه المدينة مشهورة بكثرة علماؤها وادباؤها وكانت اي (زينب خاتون) نابغة في عصرها حيث علمها ابوها الفارسية والعربية وقرأت شعراء العرب والفرس وقيل انها كانت مولعة بالموسيقى فكتبت الشعر بالفارسية والتركية وجمعت ديوانها وقدمته الى السلطان (محمد الفاتح). الا انها بعد زواجها شعرت ان زوجها ضيق الآفاق متعصب تجاه النساء متزمتاً ضيق الافق حرّم عليها كتابة الشعر وحال بينها وبين مجالس الامراء غزلها مخاطبة زوجها: (حسنك ومحبتي... جورك واصطباري...) وتقول في الشعر انه رقّه وجمال وروح نسوية واضحة كل الوضوح.

وكانت واقعة كربلاء قد اخذت حيزاً كبيراً في اشعارها إذ انها اشادت ببطولة الامام الحسين (عليه السلام) بوقفته في العاشر من محرم كما انها اشادت في شعرها بالسيدة زينب عليها السلام ووصفتها بأنها (بطلة كربلاء) إذ ذكرت مصطلح (كربلاء قهرماني) اي بطلة كربلاء كما انها ذكرت صبر السيدة زينب عليها السلام إذ وصفتها بانها سيدة الصابرات إذ قالت في بعض اشعارها (زينب صبرا وينكرم بياني).

وتقول عن كربلاء:

إيه يا كربلاء... لكِ الحنين يا كربلاء... من فيك يا كربلاء؟ اليس فيك سيد الجنة؟ الست انت ارض الشهادة؟... ان ارضك طاهرة معطاء...

اضافة الى ذلك فلها مدائح للرسول وفاطمة عليهما السلام وآل البيت عليهم السلام.

3- الشاعرة فطنَت خانم

من شواعر الترك المشهورات وما اكثر شواعرهم (فطنت خانم) التي عاشت بين نهاية القرن السادس عشر وبداية القرن السابع عشر. واجتمعت الآراء انها اشعر شواعر الترك ولها قصة مع شاعر من اهل عصرها يدعى (حشمت) يقال انه كان يتابعها وانها خرجت في عيد الاضحى للشراء اضحية فوقفت عند جامع (بايزيد) وهي تميل البصر في قطيع لشراء كبش من كباشه وكانت عن طريق الصدفة ان تقف الى جانب (حشمت) فالتفت اليها وسألها عن سبب مجيئها فقالت انها جاءت لشراء اضحية واحب حشمت ان يداعبها فقال لها: (اقدم نفسي قرباناً لكِ) وما كان منها الا اجابته: (انك معيب القرن ولا تحل ضحية هذه صفتها). كما انها لها قصة معه اخرى إذ رأته يمشي بالقرب من دارها واخذت تسخر منه وتشبهه باللقلق ذلك الطائر الطويل العنق. هذا يدل على انها لها رغبة شديدة في الهزل.

أما بشأن الرسول وعترته الطيبة فأنها مدحت الرسول محمد (ص) وآل بيته الأطهار وذكرت في مدائحها الامام علي عليه السلام والحسين وواقعة كربلاء الواقعة المؤلمة حيث تقول في بعض مدائحها للرسول (ما كان خلق العالمين الا لأجلك يا رسول الله).

وتقول في حق أمير المؤمنين علي عليه السلام:

(سيدنا علي رمز البطولة... وسيف العدالة... ومعدن الإسلام).

وتذكر واقعة الطف في يوم عاشوراء إذ تقول: إن كنا مسلمون فقبلتنا الكعبة... وان كنا نحب الشهادة فقبلتنا كربلاء...

4- الشاعرة ليلى خانم

شاعرة مشهورة وكانت لها مراسلات مع الشاعرة فطنت خانم. ولها ديوان صغير يضم شعرها التقليدي. انها مدحت الرسول الكريم محمد (ص) وآل بيته الاطهار. ورثت الامام الحسين (عليه السلام) وفي رثائها هجاء للطاغية يزيد إذ تقول:

ويلك يا يزيد أتقتل حسيناً ابن الرسول وخامس اصحاب العبا؟... أتقتل ابن فاطمة في كربلاء... ويحك يا يزيد انك لا تنجو من عقاب الله والتاريخ طول الدهر.

وتقول ايضا مخاطبة الطاغية يزيد:

لا تفتح فؤادي لا تفتح فمي أيها الظالم

ما اكثر الاقوال واكثر الهموم يا يزيد الظالم

ألا تعرف من قتلت؟... ألا تعرف من أذيت؟ مأساة الحسين ستبقى في كل العصور يا ظالم. لا تقل انك ظلمتني وظلمت البشرية بقتلك الحسين.

5- الشاعرة شرف خانم: 1809 – 1861

كتبت شعراً باللغة التركية الخالصة اضافة الى ذلك فأنها تعلمت العربية والفارسية وهذا شأن كل الشعراء في تركيا. وذكرت في اشعارها آل البيت بأنهم صفوة البشرية بعد الرسول وتعلموا في مدرسة الرسول. كما انها ذكرت واقعة الطف وذكرت استشهاد الامام الحسين عليه السلام. إذ تخاطب يزيد في أشعارها تقول:

هل تعلم يا يزيد... ما هذه الجرأة بقتلك الحسين عليه السلام انتظر عقاب الرحمن... سيصليك نار جهنم.

6- الشاعرة عادلة سلطان

من شواعر الترك التي عاصرت السلطان عبد المجيد كتبت ديواناً من الشعر اسمه (تحسرنامه) ولها ديوان آخر اسمه (افتقارنامه) وذكرت في بعض اشعارها الرسول محمد (ص) والامام علي عليه السلام، إذ تقول:

(الدولة الصادقة والدين الصادق رئيسها محمد ووزيرها علي) وأنا في هذه الدنيا لا رئيس دولة ودين ولا وزير دولة ودين غير (محمد وعلي).

7- الشاعرة نيكار خانم: 1862 – 1918

وهي من الشاعرات التركيات اللواتي تأثرن بالأدب الاوربي وعاصرت السلطان عبد الحميد. وتأثرت بالشاعر فضولي البغدادي وسارت على نهجه. وذكرت في شعرها ومذكراتها واقعة الطف واسمتها (يوم كربلاء) ويقال انها وصفت يوم عاشوراء باليوم الحزين... اليوم الاسود... اليوم الدامي... اليوم الجريح... ووصفت الامام الحسين عليه السلام بالشهيد... الشجاع... البطل... الصابر... المجاهد... الخ.