تربية وتنشئة الطفل.. مسؤولية كبرى

 

تقرير/ عماد بعو

 

تأخذ مسالة ثقافة الطفل وتربيته وتنشئته حيزاً كبيراً في مجمل اهتمامات الشعوب والأمم، لكون هذه المرحلة من عمر الانسان تؤسس الى مستقبل مجتمع بأكمله ومن ثم مستقبل البلاد ومنزلتها بين البلدان الاخرى, وان هذا الامر يتطلب ان تتضافر فيها الجهود الحكومية والمنظمات المجتمعية ومؤسسات التعليم وقبل ذلك الأُسر، في سبيل تكامل الدعم نحو تأسيس طفولة مفعمة بالثقة والوعي والمعرفة.

العائلة هي الأساس

مسؤول قسم الطفولة في العتبة الحسينية المقدسة محمد الحسناوي رأى" ان الطفل هو اللبنة الاساس لكل مجتمع والاهتمام بالأطفال شكّل منهجاً في الاسلام حيث أعطى الطفل اهتماماً خاصاً وحقوقاً عديدة لغرض أن يبنى وينشئ بطريقة سليمة وصحية، ويستطيع ان يخدم المجتمع مستقبلاً، من حيث ان الاهتمام بالأطفال ورعايتهم منذ الصغر سيجعل منهم قادة صالحين في المستقبل، ويجب علينا كمهتمين بثقافة الطفل وكعائلة أن نهتم بالطفل وتعليمه وتنمية مواهبه وتطوير قابليته وقدراته من خلال الوسائل المتاحة وهي كثيرة ومتنوعة.

وأضاف" الطفل اليوم يحتاج الى التعليم والتثقيف والاطلاع وبالتالي هذه المفاصل المهمة بشكل عام ستنمي من قدراته وستضعه في الطريق الصحيح، انطلاقاً من المقولة المعروفة (التعليم في الصغر كالنقش في الحجر) وهذه المقولة في صلب موضوع ثقافة الطفل، فإذا تم إعطائه المعلومات السليمة والدروس الصحيحة والامور الاخلاقية والتربوية بشكل يتفاعل معه ويتفهمه فسوف يكون أساسه قوي جدا في المستقبل ولا تغريه الامور السلبية ولا تثنيه الصعوبات.

وأكد الحسناوي" حقيقة ان ما يمر به العراق من ظروف خاصة تتمثل بالهجمات الثقافية وأعمال العنف والإرهاب بكل أنواعها أوجدت تقصيراً واضحاً من قبل المؤسسات الحكومية في مسالة رعاية الطفولة.. نعم هناك بعض الاهتمام ولكنه ليس بمستوى الطموح، اليوم الطفل يحتاج اهتمام اكثر وتخصيص جهد اكبر لحمايته من التشرد والعمالة والاستغلال وترك الدراسة.

دور النشاطات التربوية في تنمية المواهب

قالت مديرة مركز ثقافة الطفل وسن صفاء المالكي" نحن مركز حكومي معني بالطفولة ونشاطاتنا تستهدف الأعمار بين (6-12) سنة، وذلك من خلال ورش تدريبية تركز على الناحية النفسية للطفل، بالتعاون مع العوائل ومع مؤسسات الدولة المعنية والمنظمات ذات السياق المماثل لعملنا وتوجهاتنا..

وأضافت" اغلب الورش التدريبية التي نقيمها تبتدئ من الأم لأنها هي المدرسة الأولى وبعدها يأتي دور المدرسة التي من المفترض أن تكون البيئة التربوية والتعليمية، ونعمل كذلك على اصدار مجلات خاصة بالطفولة لتنمية الافكار والمواهب الابداعية..

رعاية الأبناء مراحل متعددة

الشيخ علي الفتلاوي تحدث قائلاً" ورد عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (..إن الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة) فالحديث عن الولد حديث عن النفس، لأن ولدك بضعة منك، بل هو كلك كما قال امير المؤمنين عليه السلام عند وصيته لولده الامام الحسن المجتبى علیه السلام إذ قال: (... ووجدتك بعضي، بل وجدتك كلي حتی كان شيئا لو أصابك أصابني، وكان الموت لو اتاك أتاني...).

واضاف" ان الاعتناء بالولد ورعايته أمر فطري ركزه الله تعالى في النفس البشرية، بل والحيوانية ايضا، فيسعى الوالدان إلى رعاية الولد قبل ولادته، وهذه الرعاية تقع مقدماتها على الوالد إذ يقوم بالبحث عن المرأة الصالحة التي ستكون وعاء الحمل لولده، ويحرص على أن تكون نطفته سليمة من حيث تكونها من لقحة الحلال، ومن حيث سلامتها من الامراض او العاهات التي تأتي نتيجة السلوك الخاطئ في الأكل والشرب كما هو مبين في محله، ثم تتعدى الرعاية إلى فترة حمله وتغذيته وهو جنين في بطن أمه، بل يتعدی أمر الرعاية الى أن تحرص الأم على قراءة القرآن، والالتزام بالطهارة لما في ذلك من تأثير على نمو الجنين روحيا، ومن إرشادات الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله على رعاية الأولاد قوله «أحبوا الصبيان وارحموهم».

وأكد افتلاوي" ان الاسلام أكد على ضرورة تأديب الولد على حب أهل البيت (عليهم السلام) واتباعهم، وقراءة القرآن لما في ذلك من أثر ايجابي على شخصيتهم كما في قول رسول الله صل الله عليه وآله: «أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن».

ولكننا نلاحظ ابتعاد هذا الجيل عن الشخصية المتزنة والمسلمة ومن أسباب الابتعاد هي استبدالهم القدوة والأسوة التي جعلها القرآن الكريم لنا إذ قال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) بغيرها من الشخصيات الخطاءة البعيدة عن قيم الاسلام واخلاقه، واهمال الآباء لأبنائهم وتركهم دورهم المهم وتكليفهم الشرعي في تربية الأولاد ومراقبتهم، وإساءة استخدام التكنولوجيا الحديثة لاسيما في مجال الاتصالات كالإنترنت والقنوات الفضائية وغير ذلك، فضلاً عن الهجمة الثقافية الشرسة التي تعرضت لها الأمة الإسلامية، والابتلاء بثلة فاسدة ممن لهم التأثير على شخصية الشاب في كل مجالات الحياة..

آراء وأفكار..

الأديب والصحفي سلام البناي قال" ان عماد الحياة والاسرة هو الطفل وعندما يبنى بناء صحيح سوف يكون عنصر نافع في المجتمع ويأمل منه ان يؤثر في مجتمعه ويستطيع أن يؤدي دور ايجابي في هذه الحياة. مضيفاً" ان تربية الطفل وفق الأسس والمقومات الصحيحة تأتي من خلال مسألة الصدق واحترام التعامل مع الآخرين وحب العمل واحترام الوقت ومحاولة استثماره..

الكاتب والمفكر غالب الشابندر أفاد ان" الجزء الاكبر من المسؤولية يقع على العائلة في تربية وتنشئة الطفل بصورة صحيحة حيث نلاحظ وجود انماط تربية خاطئة كثيرة بما فيها ألعاب العنف والاسلحة الصناعية وقضاء الوقت الكبير في ألعاب لا طائل منها سوى تعب العقل والنظر وترسيخ حالة الكسل لدى الاطفال والاولاد المراهقين..

عضو مجلة زنكبنك من محافظة دهوك نجيرفان عبد الخالق بيّن" اننا عندما نهتم بالطفل فنحن نهتم بالمستقبل والجيل الواعد في بلدنا، وبالنسبة لنا لدينا منشورات تهتم بالجانب الديني وقصص هادفة ونصائح تصب في بناء شخصية الطفل بناءً صحياً يمكن أن يؤسس لمرحلة عمرية جديدة تكلل بالنجاح والتطور..