سراديب الصَحن الحسيني.. منجزٌ معماري كبير لخدمة الزائرين

حسين ابو نادر

عندما يكون الإنسان أقرب من غيره لمكان الحدث، سوف يولِّد ذلك تأثيرًا أكبر وأوسع عليه, إذ أن اتصال المشاعر وتكوينها يُبنى بالاتصال المباشر بالحدث والمكان, وهذا ما جعل من السراديب المكان الأمثل لهكذا توصيف، لأن واقعة الطف دارت أحداثها على أرض عمقها حوالي 6 ستة أمتار من الصحن الشريف في الوقت الحاضر، لذلك يفضل بعض الزائرين أن تتم زيارتهم من داخل السراديب.

إن التصاميم المعمارية تضفي على المكان قوة الارتباط الروحي والشعور الإيماني ما بين الزائر والإمام, وتكون ذات تأثير كبير على راحته النفسية حيث تأخذه إلى الزمن القديم والتراث الديني العظيم, لذا فإن استغلال المساحات والإكثار منها يُعدُّ خطوة نحو الإدارة الصحيحة، حيث تم الاستفادة من هذه المساحات في العبادات, واستقبال اكبر عدد من الزائرين وضمان راحتهم, ولهذا الصرح العمراني الذي هو موضوعنا تأثير آني ومستقبلي إذ أن ارتباطه بصحن العقيلة زينب (ع) سيوفر مساحات عبادية واستثمارية للزائرين، تجعل من زيارة الأربعين والعاشر من محرّم سهلة وسمحة.

ولمعرفة تفاصيل أكثر عن هذا المشروع، تحدث رئيس قسم المشاريع الهندسية في العتبة الحسينية المقدسة، حسين ، فقال" بتوجيه من سماحة المتولي الشرعي للعتبة الحسينية ، وللحاجة الماسة لإضافة مساحات عبادية في داخل الصحن الشريف لكي يستفيد الزائرون منها, تمت المباشرة قبل حوالي أربع سنوات بمشروع كبير ذي تخصص عالٍ، وهو إنشاء أربعة سراديب تحت الصحن الحسيني الشريف, وهي سرداب القبلة الذي يقع في الجزء الجنوبي من الصحن الشريف الذي هو اتجاه القبلة ومساحته ألف ومئتان وخمسون مترا مربعا، سرداب الإمام الحجة (عج) في الجهة الشمالية بمساحة سبعمائة وخمسين مترا مربعا، وكذلك سرداب الشهداء في الجهة الشرقية والتي تعد قريبة من بين الحرمين بمساحة الف ومئتين وخمسين مترا مربعا، وكذلك سرداب الراس الشريف، ويقع بالجهة الغربية بمساحة سبعمائة وخمسين مترا مربعا، وهذه هي الساحات التقريبية لهذه السراديب الشريفة".

المساحات والتكلفة ونسبة الانجاز

إن مساحة الصحن الشريف، كل الصحن من السور الى السور، هي خمسة عشر ألف متر مربع ما عدا الحائر، أما مساحة الصحن التي تقام به العبادات كصلاة الجمعة وصلاة العبادة، فهو ستة آلاف متر مربع، فتم التوجيه بإنشاء سراديب بمساحة أربعة آلاف متر مربع وهي المساحة الكلية، وعلى شكل أربعة سراديب, خلال كل عام كنا نكمل سردابا كاملا وخلال أربع سنوات أكملنا السراديب الأربعة, وان تكلفة هذا المشروع كانت من قبل ديوان الوقف الشيعي على الخطة الاستثمارية باعتبارها مشاريع خدمية للزائرين الكرام, وان نسبة الانجاز في بعض السراديب هي 100% مثل سرداب الحجة وسرداب الشهداء، أما في سرداب الراس وسرداب القبلة فتم إكمال الهيكل الكونكريتي وقد وصلنا إلى مرحلة الانهائات، وصلنا في سرداب الراس الى نسبة 85% تقريبا من الانجاز، وفي سرداب القبلة وصلنا إلى 60% من الانجاز النهائي، ولابد من الإشارة إلى أن العمل مستمر، إلا اننا نتوقف في زيارة الأربعين المباركة فقط.

ارتباط السراديب بالصحن الشريف

بالإضافة إلى ذلك سوف يكون هناك طراز معماري مقارب إلى الصحن الشريف، حتى لا يكون هناك فرق يلاحظه الزائر، لأن هذه المناطق تعتبر عبادية, لذا سوف تكون هناك شبابيك من الذهب والفضة في داخل كل سرداب من الجهة القريبة للجثمان الطاهر للإمام الحسين عليه السلام, وهذه السراديب تم الحفر فيها إلى عمق ثمان أمتار تحت الأرض، وهناك الكثير من الروايات والدراسات تقول إن واقعة الطف حصلت على عمق ستة أمتار من العمق الموجود الآن، فتكون هذه السراديب قريبة جدا من الجثمان الطاهر لسيد الشهداء والأصحاب رضوان الله عليهم، وان بعض الزائرين يفضلون الزيارة من السراديب كونها قريبة جدا من الواقعة وخاصة من جهة سرداب الراس الشريف.

السراديب وصحن العقيلة زينب (ع)

العمل جارٍ ونتوقع خلال عام إكمال كافة السراديب 100% وكذلك ربط السراديب مع بعضها البعض، لكي تكون صحنا واحدا وسردابا واحدا، كما في الصحن الشريف في الأعلى، وهذا الأمر يمكن الاستفادة منه في كثير من الأمور، كأن تكون ارتباط صلاة الجماعة وسهولة الحركة ما بين السراديب وسهولة الخروج الاضطراري في حالة أي طارئ، وهناك فتحات كثيرة للخروج ما بين السراديب والجزء العلوي والحائر الحسيني, ومستقبلا إن شاء الله سوف يكون هناك ربط بين الحائر وصحن العقيلة زينب (ع)، وفي اجتماع تم قبل فترة كنا من المصممين على وضع هيكلية التصميم وطرق الربط، وان شاء الله سوف يتم انجاز العمل خلال المدة القادمة.

انطباعات الزائرين عن السراديب

احمد محمد مفتاح، زائر من محافظة البصرة، وطالب جامعي، قال" سرداب العتبة ذاك الصرح العظيم الذي شيد قبل فترة زمنية ليست بالطويلة جداً يعتبر احد اهم انجازات العتبتين المقدستين حيث يوجد في كل عتبة أكثر من سرداب جوار ضريح سيد الشهداء عليه السلام وأبي الفضل العباس عليه السلام , فكم هو عظيم وانت تحط الرحال في كربلاء وتجاور الضريح المقدس والمكان المقدس حيث تقدس ببركة آل محمد عندما نزلوا في ارض نينوى او كرب وبلاء كما تسمى قديماً.

إن هذا الصرح منذ إنشائه إلى هذه اللحظة ساهم بشكل كبير في تذليل الكثير من الصعاب سواء لأهالي كربلاء او للوافدين للزيارات المليونية حيث أسهم في تخفيف الزخم على الضريح الحالي وبالاضافة إلى أنه ساهم في تقديم المزيد من الخدمات لكل شرائح المجتمع الكربلائي والعراقي والعالمي الوافدين الى كربلاء الحسين عليه السلام, حيث يتخذونه مكانا للاستراحة من تعب الطريق والسفر إضافة إلى مكان للدراسة إلى أهل العلم والطلاب سواء في المدارس أو الجامعات وكذلك ساهم في تقديم الكثير من الخدمات لجميع الناس دون استثناء لاسيما لأهالي كربلاء المقدسة.

الى جانب كل هذا فهو احد أهم الأماكن العبادية التي يستغلها اغلب الناس من اجل التقرب إلى الله، فهو جوار الحسين عليه السلام وأبي الفضل العباس عليه السلام فكيف لا يكون مكاناً للسكينة والطمأنينة، وفيه بضعة الرسول وابن فاطمة البتول صلوات الله وسلامه عليهما.

شكرا لكل من ساهم في انجاز هذا الصرح العظيم الذي يعد من أهم البنى التحتية الروحية والدينية على مستوى العالم، شكرا لكل من ساهم ولو بدينار في انجاز هذا الصرح وجزاكم الله خير جزاء المحسنين والحمد لله رب العالمين".

عباس سالم، زائر من محافظة كربلاء، وأحد طلبة جامعة كربلاء المقدسة، كلية الهندسة، قال" من المشاريع المهمة للعتبات المقدسة هو السرداب والحائر، فهذا المخطط الهندسي قد أضفى طابعا عمرانيا جميلا وتطورا ملحوظا في الهندسة العمرانية, ان السبب وراء هذا البناء هو استيعاب اكبر عدد ممكن من زائري العتبات المقدسة، والذي اضاف الراحة والسعة للزائر حيث يمكنه من اداء الزيارة والصلاة والجلوس للاستراحة مدة اكثر من السابق, اما في وقت الامتحانات فترى طلبة المدارس والجامعات يهربون من المنازل بسبب ارتفاع درجة الحرارة والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي ويأتون الى أروقة العتبة المقدسة ومكتبتها وسراديبها لإكمال واجباتهم الدراسية، بعيداً عن المؤثرات الخارجية المزعجة."