عايش الطف طفلاً وقُتل مسموماً من قبل السلطة.. قصة وصي من الاوصياء الاثني عشر

عايش ويلات الطف ومآسيها وهو طفل بعمر الاربع سنوات، ويقول عليه السلام عن ذلك "قتل جدي الحسين ولي أربع سنين وإني لأذكر مقتله، وما نالنا في ذلك الوقت.."

وارتحلَ الى بارئه في اليوم السابع من شهر ذي الحجّة سنة 114 هـ وقيل 117 مسموماً من قبل السلطة بحسب الروايات.

انه الإمام الباقر محمد بن علي بن الحسين بن علي (عليهم السلام) أحد الأئمة الاثني عشر.

بزوغ فجره

ولد الإمام الباقر (ع) في المدينة في يوم الجمعة الموافق للأول من رجب سنة 57 هـ، وذهب البعض إلى أنّ ولادته كانت في الثالث من صفر من نفس السنة

سمّاه جده رسول الله (ص) بمحمد، ولقّبه بالباقر قبل أن يولد بعشرات السنين، ورواية جابر بن عبد الله الأنصاري وغيرها من الروايات تشير إلى هذه الحقيقة.

إمامته

روى جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه سأل رسول الله (ص) يوماً قائلاً: «يا رسول الله ومَن الأئمةُ من ولد علي بن أبي طالب (ع) قال: "الحسن والحسين (ع) سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيّد العابدين في زمانه علي بن الحسين (ع)، ثم الباقر محمد بن علي (ع) وستدركه يا جابر..."

وقد وجّه الإمام السجاد (ع) مراراً أنظار الناس نحو الإمام الباقر (ع)؛ ليبين لهم أنّه هو الإمام من بعده، فقد روى ولده عمر بن علي قال: "كان والدي يردد لقب الباقر، فقلت له: يا أبت! ولم سميته الباقر؟ قال: فتبسّم. وما رأيته تبسم قبل ذلك... ثم قال: يا بني إن الإمامة في ولده إلى أن يقوم قائمنا عجل الله تعالى فرجه فيملأها قسطاً وعدلاً وإنه الإمام أبو الأئمة."

وأورد الشيخ المفيد في الإرشاد ما يشير إلى إمامته بقوله: «وكان الباقر أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين (ع) من بين إخوته خليفة أبيه علي بن الحسين ووصيه والقائم بالإمامة من بعده، وبرز على جماعتهم بالفضل في العلم والزهد والسؤدد، وكان أنبههم ذكراً وأجلهم في العامة والخاصة وأعظمهم قدراً، ولم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين من علم الدين والآثار والسنة وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب ما ظهر عن أبي جعفر (ع)، وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء فقهاء المسلمين وصار بالفضل به علَماً لأهله تضرب به الأمثال وتسير بوصفه الآثار.

أقواله (عليه السلام)

عن الإمام الباقر (ع) قيل لعلي بن الحسين (ع) ما الموت قال للمؤمن كنزع ثياب وسخة قملة وفك قيود وأغلال ثقيلة والاستبدال بأفخر الثياب وأطيبها روائح وأوطأ المراكب وآنس المنازل و للكافر كخلع ثياب فاخرة والنقل عن منازل أنيسة والاستبدال بأوسخ الثياب وأخشنها وأوحش المنازل وأعظم العذاب.

عن الإمام الباقر (ع) قال رسول الله (ص): الناس اثنان واحد أراح و آخر استراح فأما الذي استراح فالمؤمن إذا مات استراح من الدنيا و بلائها و أما الذي أراح فالكافر إذا مات أراح الشجر و الدواب و كثيرا من الناس.

عن الإمام الباقر(ع): ما أكثر ذكر الموت إنسان إلا زهد في الدنيا.

عن الإمام الباقر(ع): ينادي مناد كل يوم لد للموت و اجمع للفناء و ابن للخراب‏.

عن الإمام الباقر(ع): في التوراة مكتوب مسطور يا موسى إني خلقتك و اصطفيتك و قويتك و أمرتك بطاعتي و نهيتك عن معصيتي فإن أطعتني أعنتك على طاعتي و إن عصيتني لم أعنك على معصيتي و لي المنة عليك في طاعتك و لي الحجة عليك في معصيتك.

سُئل الإمام الباقر(ع) عن قول الله تعالى (و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين‏) فقال: روح خلقها الله فنفخ في آدم منها.

عن الإمام الباقر(ع) في قول الله عز وجل (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) قال: الأبصار هاهنا أوهام العباد و الأوهام أكثر من الأبصار و هو يدرك الأوهام و لا تدركه الأوهام.

عن الإمام الباقر(ع): كان الله و لا شيء غيره فأول ما ابتدأ من خلق خلقه أن خلق محمدا و خلقنا أهل البيت معه من نور عظمته فأوقفنا أَظِلَّةً خضراء بين يديه حيث لا سماء و لا أرض و لا مكان و لا ليل و لا نهار و لا شمس و لا قمر.

عن الإمام الباقر(ع): ما من شيء أعظم ثوابا من شهادة أن لا إله إلا الله لأن الله عز و جل لا يعدله شيء و لا يشركه في الأمر أحد.

رحيله (عليه السلام)

اختلف المؤرخون في مَن باشر قتل الإمام أو ساهم فيه، فبعض المصادر ترى أن شهادته كانت على يد هشام بن عبد الملك نفسه والبعض الآخر يرى أن إبراهيم بن الوليد هو المسؤول عن سمّ الإمام والبعض الآخر يرى أنّ زيد بن الحسن الذي كان يكنّ للإمام حقداً دفيناً هو الذي قام بهذه المؤامرة وعلى كل حال، فإنّ شهادة الإمام الباقر (ع) كانت في فترة خلافة هشام بن عبد الملك؛ لأنّ خلافته استمرّت من سنة 105 إلى سنة 125هـ، ولا تتجاوز آخر سنة ذكرها المؤرخون في بيان وفاة الإمام الباقر سنة 118هـ. ومع اختلاف النصوص بحسب الظاهر في تحديد المسؤول عن شهادته، لا يبعد أن تكون كلها صحيحة، إذ قد تكون هناك أيادٍ متعددة شاركت في قتل الإمام الباقر حيث تشير كل رواية إلى واحد منهم.

متابعات: فضل الشريفي

المصادر: بحار الانوار، موقع ويكي شيعة