معهد نور الامام الحسين (عليه السلام) للمكفوفين وضعاف البصر.. عطاء متواصل وحياة ملؤها الأمل

منذ انطلاقه وتبنيه رعاية المكفوفين وهو يغدق على هذه الشريحة بالحنان والاهتمام الذي فقدوه لأسباب عديدة، مضطلعا بتربيتها وتعليمها وانتشالها من غياهب الاهمال والعوق ليجعلها تبصر الحياة بعيون الامل راسمة المستقبل بإرادتها المشرقة.   

انه معهد نور الامام الحسين (عليه السلام) للمكفوفين وضعاف البصر.

تأسيس المعهد

وبخصوص تأسيس المعهد وانطلاقه في رعاية هذه الشريحة قال مدير المعهد الاستاذ سامي جواد كاظم ان " المعهد تأسس عام  2016 وحصلنا على الاجازة من قبل وزارة العمل ووزارة التربية عن طريق مديرية تربية كربلاء ووفق ضوابط اصولية استخدمناها لتوفير كافة المستلزمات المدرسية وذلك بعد ان تم الكشف من قبل لجان من الصحة والتربية ولجنة العوق الخاص الموجودة في وزارة العمل ". 

ولفت الى ان "عدد الطلبة الذين تم تسجيلهم في السنة الاولى من انطلاق المعهد (27) طالب وفي السنة الثانية بلغ عدد الطلبة 54 طالب و الآن وصل العدد الى 127 طالب وطالبة و لم نكن نعلم عدد المكفوفين في كربلاء خصوصا والعراق عموما لكن تقريرا ذكرته وزارة التخطيط افاد ان المكفوفين بنسبة 1% من التعداد السكاني".

واضاف مدير المعهد ان "من شروط التسجيل في المعهد هو ان لا يتجاوز عمر التلميذ احدى عشر سنة ويسجل التلميذ من عمر ( 6 _11 ) لكن في بعض الاحيان يتم قبول التلميذ الذي تجاوز عمره الـ 11 سنة اما الطفل الذي لم يصل عمر ست سنوات فيدخل المعهد كمستمع لكي يتعلم ويتهيأ للسنة القادمة، مسترسلا "عممت تربية كربلاء كتاب الى عموم مدارس كربلاء لنقل التلاميذ المكفوفين الى معهد نور الامام الحسين عليه السلام".

 وذَكَرَ ان "اساليب التدريس والمناهج هي ذات الاساليب والمناهج المعتمدة في المدراس في مديريات التربية بالإضافة الى ثلاث حصص للمكفوفين وهي (لغة برايل والبرنامج الناطق والسير والسلوك)، موضحا ان "الدعم المتواصل من المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي لهذه الشريحة المظلومة قد حقق الكثير من النتائج الطيبة حيث اقمنا دورات للمعلمين في محافظات (الكوت والعمارة وديالى وبابل والسماوة وفي محافظة السماوة استطعنا ان نفتتح معهد بعد ان تبرع احد الاخوة ببيت وذلك قبل عامين وحاليا يضم المعهد مرحلة اولى وثانية وتم الاعتراف به من قبل مديرية تربية السماوة، و في النية افتتاح معهد في ذي قار بعد ان تبرع احد الاشخاص بقطعة ارض مساحتها 900 م/2  كما تكفل والد احدى البنات المكفوفات في المحافظة المذكورة بالبناء ولحين استحصال الموافقات يتم افتتاح المعهد".

 واستطرد مدير المعهد "نأمل من الحكومات المحلية في المحافظات الاخرى ان تتعاطف مع هذه الشريحة وذلك بتخصيص قطع اراضي لبناء المعاهد الخاصة بالمكفوفين فيما تتولى العتبة الحسينية المقدسة توفير الكادر التربوي والتعليمي وبقية المستلزمات الاخرى".

واستأنف قائلا "نعمل على تهيئة المكفوف وتطوير ملكاته وقابلياته لا سيما ان بعضهم يمتلك الموهبة والقدرة على كتابة الشعر او الخطابة او الكتابة ونحن بدورنا نساعده على التحرر من القوقعة المنزلية التي كانت تحاصره وقد لاحظنا التغيرات الايجابية لدى المكفوفين كتحسن حالتهم النفسية وارتفاع معنوياتهم، منوّهاً "افتتحنا مركز محو الامية للمكفوفين واعتمدنا منهج تعليمي وضعه المعلمون الموجودون في المعهد فيما قامت التربية بعدة اجتماعات ولجان وعلى أثر ذلك تمت  الموافقة".  

وتابع ان "العتبة الحسينية المقدسة تكفلت بتجهيز معهد المكفوفين في الرمادي بالمستلزمات الدراسية كما انها وافقت على تجهيز معهد المكفوفين في الموصل بالوسائل التعليمية, ونعتزم بالتعاون مع وزارتي العمل و التربية اقامة مؤتمرا حول ثقافة التعامل مع الكفيف".

التأهيل وممارسة الانشطة الحياتية

وذكر معاون مدير المعهد المذكور عامر الشمري "ان المعهد يعد أول  معهد اهلي في العراق والأول عالميا في تعليم محو الامية للمكفوفين وضعاف البصر, وقد عمل جاهدا على  محو الامية في صفوف شريحة المكفوفين في كربلاء وتم تخريج الكثير منهم, موضحا "المعهد يهدف الى دمج المكفوف بالمجتمع وتأهيله وتنميته وتعليمه كيفية المشي بالاعتماد على العصا البيضاء وكيفية التبضع وطريقة الجلوس في المطاعم وتناول الطعام كما ان هناك دروس في الرياضة وغير ذلك".

وأشار الى ان "بعض الاهالي ليس لديهم الامكانية المناسبة للتعامل مع المكفوف فكان لابد من الاهتمام بهذه الشريحة لتمارس انشطتها الحياتية".

الدروس والمناهج

فيما قال معلم مادة الإسلامية في المعهد الاستاذ حيدر ابراهيم ان" طريقة التدريس في المعهد سمعية، اي ان المكفوف يستمع الى المحاضرة عبر الواتساب وهناك طريقة برايل المعتادة التي يعتمدون عليها في الكتابة، فالآيات القرآنية والمواضيع التي يتم تدوينها يحفظونها بطريقة برايل, موضحا ان "اغلب اهالي المكفوفين أميين لذا ان اعتماد الطالب في التعلم على الكوادر التعليمية في المعهد".

وأضاف ان "الامتحانات التحريرية للصف السادس لنصف السنة تتكون من اسئلة واجوبة شفوية وبعدها الاستاذ يكتب الاجوبة و لكل طالب استاذ يمتحنه".

اما مدرّسة مادة التربية الرياضة في المعهد رسل الانصاري فقالت" نقوم بتدريب التلاميذ كافة التمارين البدنية، ونشرح الدرس للتلميذ وبشكل تفصيلي ثم يتلقى الدروس التطبيقية, ولدينا مجموعة من الالعاب الترفيهية لتقوية التلاميذ مثل المنضدة وكرة القدم وغيرها, وهذا الالعاب تعتمد على السمع لذلك فيها جرس يوضع في وسط اللعبة, وكذلك لدينا مجموعة من الادوات لتقوية الاعصاب مثل ادوات التزحلق وعارضة التوازن لتقوية الاعصاب وزيادة التركيز عند التلاميذ". 

وختمت حديثها "واجهنا الكثير من الصعوبات ومنها ان تعليم المكفوف تعليما فرديا يتطلب المزيد من الجهد كما انه  لا يعرف الكثير من الامور ومن الضروري ان يتعلمها وهذا يحتم علينا ان نبذل ما بوسعنا والحمد لله كانت نتائج جهودنا طيبة إذ احرز التلاميذ درجات عالية جدا واشاد الكثير من الاهالي وباقي المعاهد الاخرى بتدريسنا وتعاملنا مع التلاميذ".

محمد بدر، تلميذ في المعهد شكر ادارة العتبة المقدسة والكادر التعليمي قائلا" كل الشكر والتقدير للعتبة الحسينية المقدسة ولإدارة المعهد إذ فسحوا  لي ولإخوتي المجال لخوض حياة جديدة احقق من خلالها طموحي، مواصلا حديثه "تعلمنا الكثير وحاليا اشعر بالتفاؤل ويحدوني الامل بان اكون فاعلا في المجتمع".

التلميذة زهراء حسين من قضاء الهندية تحدثت عن تجربتها في المعهد قائلة "قبل دخولي المعهد كنت اتمنى ان اتعلم وادرس واقدم شيئا يخدم المجتمع وكنت ارى ان المكفوف بإمكانه ان يصبح عنصرا حيويا في المجتمع، مستكملة حديثها "الحمد لله تم افتتاح معهد يهتم بنا وقد تغيرت حياتي ووجهة نظري تجاه الاشياء وبدأ الامل ينمو ويكبر في داخلي وصرت احقق طموحاتي خطوة خطوة".

واضافت" اكتب الشعر والمقالات ومع انضمامي الى المعهد تعززت مواهبي واصبحت اكثر تعاطيا للكتابة والانتاج".

التلميذ علي عدنان من محافظة بابل اثنى على كادر المعهد قائلا "اشعر بالامتنان تجاه الكادر التربوي واشكر لهم صنيعهم وتعاملهم الابوي وبفضل هذا التعامل استطعنا فهم الدروس واستيعابها، ورغم اني على اعتاب التخرج الا اني اتمنى ان لا اغادر المعهد لما وجدته من رعاية واهتمام" .

(م. ع) والد احد المكفوفين عبر عن تقديره لما يقدمه المعهد بالقول   " ان الجهود التي بذلها المعهد تستحق الاشادة والاحترام فقد تبنى المعهد عملية اعداد وتأهيل ابنائنا ورفعوا عن كاهلنا هذه المهام الحرجة  فمن المعلوم ان تربية المكفوف وتهيئته صعبة جدا وقد كنا نعاني من مشاكل اسرية بسبب هذا الامر".

وانهى حديثه قائلا "كل الشكر والعرفان لكل من سعى وقدم الحرف او الكلمة لجميع المكفوفين الذين ازدادت ثقتهم بأنفسهم  وغدوا يتطلعون الى مستقبل مشرق وحياة سعيدة".

تحقيق عماد بعو- تحرير فضل الشريفي

مجلة الروضة الحسينية