الدولة الرخوة.. هل العراق انموذجا؟

يستخدم مصطلح الدولة الرخوة في معرض الانتقاد الذي يوجه  للدول الفاشلة والمنهكة سياسيا واقتصاديا والمحتلة عسكريا.

و يرجع اصل مصطلح الدولة الرخوة الى عالم الاقتصاد السويدي كارل جونار ميردال 1898 1987 الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، فهل يمكن عد العراق دولة رخوة ام أن النظام السياسي حصرا يمكن وصفه بهكذا وصف، ولا شك بان اسباب ذلك الوصف ترجع نتيجة الاضطرابات السياسية في النظام السياسي الحاكم والفوضى الامنية التي تحدث بسبب التدخلات الاقليمية والدولية وضعف الاجهزة الامنية وغياب سلطة القانون في بسط هيمنته على الساحة الداخلية للبلد.

ويؤكد لي كوان يو رئيس وزراء سنغافورة السابق و صاحب نظرية تنظيف الفساد يبدا مثل السلالم من الاعلى نزولا الى الاسفل وقوله الاخر حين  يسير اللصوص في الطرقات امنين فهناك سببان اما ان يكون النظام السياسي لصا كبيرا او ان غباء الشعب اكبر.

ويشير لي كوان في ذات السياق بانه كان ام  خيارين اما ان امارس السرقة وادخل اسرتي في قائمة فوربس لأغنى اغنياء العالم واترك شعبي في العراء, واما ان اخدم وطني وشعبي و ادخل بلدي في قائمة افضل عشر دول اقتصادية في العالم, و انا اخترت الخيار الثاني.

ووفقا لذلك يتضح ان مصداق نظرية لي كوان قد تطبق على النظام السياسي الحالي في استيلائه على مقدرات الشعب فضلا عن ممارسته القوة على كل من يعارضه ويقف أمام مخططاته.

ماذا يقصد بالدول الرخوة

 يذهب جونار ميردال في توصيفه للدولة الرخوة هي التي تعمل على وضع قوانين لكن لا تعمل بها ولا تطبقها، وسبب ذلك هو عدم احترام القانون من قبل الجميع فالكبار لا يبالون به بسبب امتلاكهم  المال والسلطة والقوة التي تحميهم من كل ما يقف امامهم، اما الصغار فهم يتلقون الرشاوي لغض البصر عن تطبيق القانون, ويرجع سبب ذلك الى رخاوة الدولة التي تشجع على الفساد وانتشاره بسبب حاكمية اللادولة على الدولة والتاكيدات الواقعية على ذلك كثيرة فهناك مافيات فساد وسلاح تعمل على تضعيف الدولة والقانون من خلال فرض هيمنتها على الواقع العراقي بكل مفاصله وسط صمت الحكومة التي تحاول تجنب المواجهة بسبب الخلفيات الدينية والسياسية لتلك الفصائل المسلحة التي اصبحت رديفة للقوى الامنية على الارض.

ولا يقتصر الفساد بسلطة  دون غيرها فهو يكمن بالسلطة التنفيذية والتشريعية مرورا بالقضاء والتعليم، ووفقا لذلك يصبح الفساد اسلوب حياة عام يعيش يهيمن على البلد.

وتعقيبا على كل ما ذكر فان الفساد في الداخل العراقي اصبح اسلوب حياة و الفساد اضحى جزء من الثقافة التي يعمل على ترويجها ضعف النظام القانوني والغطاء الذي توفره قوى اللادولة، فضلا عن ذلك اصبح السلاح المنفلت احد اوجه الدول الرخوة  وما يعيشه العراق اليوم  تأكيدا  لذلك.

سمات الدولة الرخوة

  1. من السمات التي تميز الدولة الرخوة عن غيرها هي تراجع مكانة الدولة سواء على الصعيد الدولي او المحلي وضعف حضورها السياسي والدبلوماسي والامني.
  2. عدم احترام القانون من قبل الجهات السياسية الفاعلة في البلد, مما يؤول ذلك الى ضعف الثقة بين المواطن والدولة من جهة وبين المواطن والقانون من جهة اخرى, وهذا تعمل على تغذيته العديد من القوى التي تحاول اضعاف الدور الحكومي قبال تمكين قوتها وسطوتها, وقد يكون العكس فمع وجود منظومة قانونية متقدمة إلا أنها تبقى من دون تطبيق، إلا في حالات محددة، حيث يمكن استخدامها لمعاقبة مناهضي الفساد، أو المطالبين بحقوقهم، أو المجرمين و اللصوص من الطبقات المسحوقة.
  3. تراكم اعداد المؤسسات الحكومية المعنية بالفساد او الرقابة المالية لكن من دون وجود الية توضح عملها بشكل صحيح او التفريق بين التداخل والتشابه بأعمالها, وهذا يؤشر الى ان تأسيس تلك المؤسسات هي من اجل اشباع رغبات بعض الشخصيات التي لا تحصل على مكان في المغانم السياسية والحكومية, سعيا منها لتحقيق مصالحها على حساب المصلحة العامة للدولة او الشعب.
  4. من السمات التي تتميز بها الدولة الرخوة هو تفشي الظلم وغياب العدالة الاجتماعية والمعاناة التي تعاني منها الطبقات المجتمعية, فضلا عن تفشي الفقر وزيادة معدلات البطالة بين الشباب, وضعف التنمية المستدامة او غيابها بشكل كامل عن الخطط السنوية للحكومة.
  5. تغذية الفوارق المذهبية والمجتمعية من قبل بعض الجهات الفاعلة لاستغلالها كعامل ضغط تلوح به من اجل تحقيق مغانمها السياسية خصوصا في اوقات الانتخابات.
  6. وجود العديد من الفصائل المسلحة والجهات السياسية التابعة للخارج, فضلا عن فقدان الهوية الوطنية, وغياب سيطرة الدولة على قرارها السياسي بسبب التأثيرات التي تحدثها تلك الدول من خلال ادواتها واذرعها السياسية والعسكرية في الداخل.
  7. استشراء الفساد بكافة أشكاله، نهب المال العام، التهرب الضريبي الجمركي والسيطرة عليه من قبل مافيات السلاح.
  8. انهيار البنية التعليمية بجميع مفاصلها, مع وجود جهات تعمل على ذلك من خلال ضرب القدوات المجتمعية وقادة الراي الذين يعدون احدى ادوات التصحيح في البيئة المجتمعية, فضلا عن ذلك وجود مخططات مالية تتحقق من خلال ضرب المؤسسات التعليمية والتوجه نحو التعليم الاهلي الذي لا ينجح الا من خلال اضعاف التعليم الحكومي.
  9. الاستبداد السياسي الذي تمارسه بعض الجهات من خلال فرضها للإرادات الشخصية والحزبية من دون مراعاة الجهات السياسية الاخرى المشاركة في العملية السياسية والقرار السياسي في البلد.
  10. الضغط الذي تمارسه الحكومة على الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل من خلال تحميلها فواتير الفساد والقرارات الخاطئة التي تحصل نتيجة سوء الادارة لمفاصل الدولة.
  11. ضرب القدرات الذاتية للشباب من خلال عدم تمكينهم بإدارة مفاصل الدولة والمؤسسات الصناعية والاقتصادية في البلد, واللجوء الى الاستعانة بالقدرات الخارجية مقابل اموال طائلة.
  12. غياب مبادئ حقوق الانسان في التعامل مع المواطنين وعدم وجود الية تنضم ذلك.

اعداد: علي الهاشمي