نيبور.. اهم مدن جنوب بلاد الرافدين الدينية والثقافية قديما

تعد نيبور او نفر واحدة من اهم المواقع الاثرية المكتشفة في العالم، والتي مر على حكمها  كل من السومريين والاكديين والبابليين والاشوريين، وصولا للعصر العباسي، هذه المدينة التي عدها علماء الاثار واحدة من اهم مدن العراق الدينية والثقافية القديمة.

وتعتبر نيبّور كما كشفت التنقيبات العاصمة الدينية للعراق القديم، حيث انها المركز الديني الرئيسي في جميع عصور حضارة بلاد الرافدين القديمة وقد كانت تشتمل على العديد من المعابد دون غيرها من المدن الاخرى في الحضارات التي مرت على ارض السواد.

وتقع على بعد ثلاثين كيلومتراً جنوب مركز مدينة الديوانية ، وعلى مسافة 7 كم شمال شرق مدينة عفك أحد اقضية محافظة ديوانية، وتبعد نحو180كم إلى الجنوب الشرقي من بغداد حالياً، ويغطي مساحة تقرب من 0.5كم2 ـ 1.5كم2. ويبلغ ارتفاع أعلى نقطة في الموقع 25م فوق مستوى السهل المحيط به.

عمليات التنقيب

بدأ التنقيب في المدينة في عام 1851م، ثم أرسلت جامعة بنسلفانيا الأمريكية بعثة للتنقيب في نفر، فقد استخرج ما يقارب 17000 رقيم مسماري.

واثبتت علماء الآثار ان نيبّور سُكنت منذ الألف السادس قبل الميلاد إلى نحو 800م، أي إنها استمرت قائمة لما يقارب من ستة آلاف عام، فقد أثبتت المجسات العميقة والكسر الفخارية المتناثرة أن هذا الموقع كان موجوداً في دور العبيد.

ومن أوائل الألف الرابع قبل الميلاد اكتشف فخار أوروك وآثار جمدة نصر في الجزء الغربي من الموقع. في الألف الثالث قبل الميلاد امتدت أرجاء المدينة على كلا جانبي القناة الرئيسة التي تتوسط الموقع. ووصلت نيبّور إلى أقصى اتساع لها في عصر سلالة أور الثالثة (2112 -2004ق.م) حيث بلغت مساحتها 135هكتاراً، حينذاك توسعت الأحياء السكنية باتجاه الجنوب وعززت أسوار المدينة.

تاريخها

حلّت أقوام عديدة للسكن في المدينة والمناطق القريبة منها في القرن السادس قبل الميلاد منهم البابليين والآراميين، وايضا والليديون والفريجيون القادمون من غربي بلاد الأناضول وشرقيها، كما وجد إغريق وفلسطينيون من غزة ومجموعات من أهالي صور، وأصبح بالإمكان إحصاء تسع وثمانين مستوطنه تطل على ستين قناة محيطة بنيبّور آنذاك.

وقد استمرت هذه المدينة مزدهرة في العصور الساسانية والإسلامية المبكرة (242-750م) وتطورت كثيراً في العصر العباسي الأول، حينما كانت بغداد عاصمة للدولة. وفي العصر العثماني لم تكن هناك سوى قرى متناثرة فوق سطح موقع نفر.

معابدها

تتميز مدينة نيبّور بمعابدها، وأهم هذه المعابد هو الخاص بالإله إنليل، وموضعه في الجهة الشمالية -الشرقية من المدينة، وعلى مقربة منه تقوم زقورة المدينة. وإلى جنوب غربي الزقورة يوجد معبد الإلهة إنانّا الذي تم النزول فيه إلى عمق ستين قدماً تقريباً، حيث اكتشفت طبقاته المتتابعة التي وصل عددها إلى خمس وعشرين، تبتدئ بطبقة العصر الفرثي في حدود القرن الأول الميلادي.

 ومن بين الرقم الطينية المكتشفة في نيبّور رقيم يحمل نصاً أدرجت فيه أسماء اثنين وعشرين معبداً كانت موجودة في المدينة في العصر الكاشي حينما دون ذلك النص، مما يدل على أهميتها الدينية - الثقافية.

ووصل عدد الألواح الكتابية المكتشفة إلى ما يقرب من ثلاثين ألفاً دوِن أكثرها باللغة السومرية، ومن بينها 2100 نص أدبي، وهذا يعني أن معظم النصوص السومرية جاءت من مدينة نيبّور.

والنصوص الأكادية المكتشفة فكانت تشمل المعاجم ومجاميع نصوص الفأل والنصوص الطبية والفلكية. وقد اكتشفت أغلبية الرقم الكتابية في البيوت السكنية التي كشف عنها فيما عرف بـ (حي الكتبة) في جنوب شرقي الموقع. ومن المكتشفات المهمة لوح طيني يعود تاريخه إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد يحمل خريطة لمدينة نيبّور وقد دونت عليها بالخط المسماري أسماء الأبنية المهمة والقنوات والبوابات، وقد كشفت التنقيبات الأثرية عن صحة المعلومات التي تقدمها هذه الخريطة التي يمكن عدها أقدم خريطة لمدينة في التأريخ.

اعداد/ عامر الشيباني