الناشط المغربي الإدريسي: الإرهاب مرحلة عنف يجب أن نستخدِم بوجهها كل أدوات السلم

حوار: سلام الطائي - تحرير: صباح الطالقاني

خلال زيارة نائب رئيس المنظمة الدولية للأمن الشامل والخبير الثقافي والفني، المغربي ربيع الإدريسي الى كربلاء المقدسة، أجرى مركز الاعلام الدولي حواراً صحفياً معه حول أهمية مد الجسور الثقافية والدينية والتربوية ما بين الشعوب، وتثبيت أسس السلم والتعايش وكيفية التصدي للأفكار المتطرفة ومحاولات تشويه صورة الإسلام والمجتمع العربي بشكل عام.

في البدء تطرّق الإدريسي الى نبذة مختصرة عن دوره في منظمة العفو الدولية كمستشار ثقافي سابق، ومنتج للأعمال الفنية التي تهتم بحقوق الإنسان، فضلاً عن عملهِ كمنسق دولي للهيأة العالمية للسلام والتعايش، كاشفاً عن ان انطلاقه نحو مشاريعه (عادة ما يكون من القرآن الكريم الذي يشدد على وحدة المسلمين وترك التناحر ونبذ التفرقة والأفكار المتطرفة) لننطلق معه بعد ذلك في الحوار التالي:

-بدءا نود التطرق الى كيفية وامكانية نشر السلام في ظل التعقيدات التي زرعتها الأفكار المتطرفة؟

-هناك هدف أساسي يجب الاهتمام به في ظل هذه الظروف التي تشهدها المنطقة العربية من توتر وحروب، ألا وهو السعي لترسيخ التعايش واحترام الآخر، والمرحلة الأولى في سبيل تحقيق هذا الهدف تبدأ من خلال التعرّف على كيفية العمل مع الجهات التي تنتهج الاعتدال والتوجه الانساني البعيد عن ضِيق الأفق، وخاصة في الدول التي تشهد الاضطرابات وعدم الاستقرار مثل تونس واليمن وليبيا والجزائر والعراق وغيرها، فلا ينبغي أن يشركنا مع هؤلاء الأشقّاء فقط المأساة والتعاطف في النكبات، دون أن نبادر في نشر المحبة والسلام ونسعى لتحقيق التفاهم والانسجام.

ان التطرّف والإرهاب هو مرحلة عنف يجب أن نستخدم ضدها كل أدوات السلم، ومن الضروري أن نتعرف على دُعاة السلم فهُم موجودون في كل مذهب وفي كل بلد من بلدان العالم، لأنهم الوسيلة الفعّالة التي ستقف معنا في سبيل التصدي للتطرّف وترسيخ معاني التعايش واحترام الآخر بغض النظر عن جنسه ولونه وعرقه وأصله.

ما تقييمكم لدور المؤسسات العربية في التعاون لنشر التسامح ونبذ التفرقة؟

-الأغلبية من المؤسسات في العالم العربي لا تقوم بدور فعال في هذا المجال، خاصة وأن التسامح ليس له مؤسسة ولكنه منهج حياة وشعارات يجب أن تُطبّق، فعلى سبيل المثال نرى ان منظمة الجامعة العربية لم تقدّم شيء حتى على مستوى خلق الحوار والتعاون بين الشعوب. وهكذا الحال بالنسبة لأغلب المؤسسات حيث ترى النشاط لا يتجاوز حدود البلد او المنطقة التي تنشأ فيها.

عدا ذلك، هناك أنشطة مميزة تقيمها بعض الجهات ومنها الأنشطة المنطلقة من العتبة الحسينية في كربلاء، والتي تحمل اسم الإمام الحسين وتتحلى بمنهجيته الباحثة عن العدالة والتسامح، ولكن ما ألاحظهُ هو ان الإمام الحسين ظُلم مرتين، المظلومية الأولى التي مرّ بها من قبل العدو في معركة الطف، والمظلومية الثانية هي ضعف وصول حقيقة ثورته ورسالته الى العالم، وكيف غيّر مجرى التاريخ وأظهر الحق وانتصر على الباطل، فلو أردنا أن نقرن نهضتهُ بالتسامح لوجدناه مثالاً بأعلى مستويات هذه الصفة، لأنه وقف مع ثلّة طيبة ضد مَن يريد أن يخرّب المنهج الديني العادل والمتسامح...

وكيف يمكن مواجهة مَن يحاول تشويه صورة الإسلام ونشر الأفكار المتطرفة؟

-الجهات التي تريد أن تحرف الإسلام عن مساره وتحاول تشويه صورته عديدة ومتنوعة ومنها من الداخل وكذلك من الخارج، وهي تنتهج وسائل وأدوات مختلفة، ولابد من مواجهة هذه الوسائل بنفس الأسلوب، فالإعلام يجب أن يواجه بالإعلام، وبالفكر المؤثر والتقنيات الحديثة، وإذا ما أردنا ايصال رسالتنا الداعية للعدل والتسامح الى العالم لابد من تنظيم برامج متنوعة ومتبادلة لاستضافة المؤسسات والشخصيات المؤثرة في المجتمعات المختلفة، ووضع خطط تناسب كل مجتمع على حدة من حيث المستوى الديني والفكري والحضاري.

ما هي نظرتك الى الواقع في العراق، وما هي الرسالة التي استوحيتها؟

-ما يُنقل من خلال وسائل الإعلام المغرِضة عن الأوضاع في العراق والشيعة، أدى الى انطباعات وتصورات خاطئة لدى بعض الشعوب، وما المهرجانات التي تقيمها العتبات المقدسة في كربلاء إلا شاهدٌ على رسالة المحبة والسلام ونبذ الطائفية، والسعي لترسيخ مفاهيم الإسلام الحقيقية ومبادئ أهل البيت عليهم السلام الذين يمثلون معدن الرسالة الاسلامية الحقيقي.

اكتشفتُ انه لا يوجد في العراق صراعٌ طائفي، وقد أتيحت لي الفرصة في التعرّف والتعايش مع مختلف القوميات والديانات من الأفارقة والنصارى وغيرهم في الفعاليات المختلفة التي ترعاها العتبات المقدسة في كربلاء... ان هذه الفعاليات باختصار هي تجسيد لرسالة الإسلام التي تحمل المحبة والسلام وتنبذ التفرقة والتطرف.

ان ما يُنقل في بعض وسائل الإعلام هدفهُ التحريض والفتنة، لذلك علينا أن نكشف نور الإمام الحسين الى العالم وننشر مبادئه الانسانية من خلال هذه الأنشطة المشرِّفة.