الآثار النفسية لهجر القرآن الكريم

م.د خديجة حسن القصير

أنزل الله عز وجل كتابه الكريم القرآن الحكيم ليكون نوراً وهدى للناس وأوجب على عباده تلاوته وتدبره والعمل به، وتحكيمه وصبغ حياتهم بأحكامه في جميع شؤونهم عقيدة وعبادة وشريعة وسلوكاً وأخلاقاً، ومتى ما تمسكت الأمة بالقرآن الكريم وعملت به دانت لها الدنيا وعاشت حياة العزة والقوة ودخل الناس في دين الله أفواجاً لينعموا بالعيش في ظلاله.

لذلك حذّرَ الله سبحانه وتعالى من عاقبة هجر القرآن والابتعاد عنه وهجره، وقد اختلف في مفهوم هجر القرآن فهناك من يورد ان الهجر هو القول السيئ في القرآن والزعم الباطل بأنه سحر أو شعر أو أساطير الأولين، أو هو الإعراض والبعد عن القرآن وعدم سماعه ورفع أصواتهم بالهذيان إذا قرئ لئلا يسمع، او الترك كلياً: أي تركهم للإيمان به وتركهم للعمل به وكذلك عدم الالتفات إليه.

قال الإمام الحسن بن علي عليهما السلام:"إنَّ من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبَّرونها بالليل، ويتفقَّدونها في النهار"، وبهذا فهجر القرآن يقع ضمن خمسة انواع هي:

"هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه، هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به، هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، هجر تدبُّره وتفهّمه، ومعرفة ما أراد المتكلم به منه، هجر الاستشفاء به والتداوي به من جميع أمراض القلوب، والأجساد وكل هذا داخل في قوله تعالى: ]وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا[.

ويترتب على هجر القرآن الكريم العديد من الآثار النفسية في مقدمتها: تقطيع الأواصر وقسوة القلب والجفوة بين الناس لأن القرآن الكريم يعمل على ترقيق القلوب المؤمنة فهي تطمئن بذكر الله، لقوله تبارك وتعالى: )...أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ(، وحرمان العبد من فضل التلاوة والتعبد بها فيفوت بذلك أجراً عظيماً وفضلاً كبيراً، وعصيان الله تعالى ورسوله وضعف الصلة بالله تعالى فيؤدي الى ان تكثر الاهواء ويقل العلم وينتشر الجهل )أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ(.

كما ان هجر القرآن يؤدي الى الشعور بالعجز والكسل واصابة الإنسان بالإحباط والإكتئاب وفقدان القدرة على العمل والإنتاج وحدّة المزاج، فضلاً عن خسران هاجر القرآن الدنيا والآخرة قال تعالى: ) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ(.