منارة الموقدة.. دليل القوافل في صحراء كربلاء

تزخر محافظة كربلاء بالعديد من المعالم الأثرية المهمة التي يعود انشائها الى حقب تاريخية مختلفة, وفي عمق صحراء كربلاء بمسافة 40 كم عن مركز المدينة، على الطريق المؤدي الى قضاء عين التمر، يشخص صرح تاريخي وأثري يسمى منارة الموقدة او (الموجدة), وهي واحدة من هذه المعالم الحضارية، التي لا تزال عالقة في ذاكرة التاريخ لأهميتها وموقعها الجغرافي آنذاك.

ويعود أصل تسميتها بـ(الموقدة) الى إيقاد النار ليلاً على سطحها، لإرشاد القوافل بين بلاد الشام والحجاز مروراً بالحِيرة وسط العراق، فبواسطتها يُرشد الضال في الصحراء الكبرى ويهتدي الى مأمن, وتحولت تسميتها من (موقدة) الى (موجدة) بسبب لهجة ساكني المناطق القريبة، فالوَجد يقصد به الوقد أو الايقاد بمعنى إشعال النار.

وبحسب المصادر فان تاريخ المنارة يعود الى القرن التاسع الميلادي, وهو يرتبط بخان العطشان الذي يقع على بعد (21كم) شرق البرج، لأنهما شُيدا بنفس الفترة الزمنية في ذلك القرن، أي انه أحد أطوار الزمن العباسي, والملاحظ ان طريقة بناء البرج على الطراز الإسلامي، حيث تجد العمارة الإسلامية القديمة ذات الزخارف المتنوعة واضحة في اجزائها العلوية.

وأما العمارة الهندسية للمنارة بُنيت على شكل اسطواني من الآجر والجص، بارتفاع 9م وتقوم على قاعدة مربعة الشكل طول كل ضلع من اضلاعها عشرة امتار، مزيّنة بحنيات زخرفية تنتهي بعقود نصف دائرية بواقع ثلاثة حنايا في كل ضلع, وفي جوف المنارة يوجد درَج حلزوني يؤدي الى اعلى البرج، وتقع في الأعلى ثماني نوافذ تطل على جميع الاتجاهات.

ولا زال هذا المعلم التاريخي والاثري شامخاً أمام تحديات الظروف البيئية والجوية، وإهمال الجهات المعنية رغم تعاقب الحقب التاريخية عليه.

سلام الطائي