التوحّد.. اضطراب النمو الأكثر انتشاراً.. أساليب المعالجة وإعادة التأهيل

-يلجأ المُصاب بالتوحّد الى عادات معينة ويستمر عليها ويقوم بتكرارها وعندما يتكلّم معه الآخر قد ينهمر بالصراخ، فضلاً عن محدودية الذكاء والقدرة العقلية.

-يمكن استخدام الدواء كعلاج ثانوي مثل جرعات تخفيف الاكتئاب، ولكن الأساس هو العلاج السلوكي.

تحقيق: عماد بعو - تحرير: صباح الطالقاني

التوحّد اضطراب عصبي تطوّري ينتج عن خلل في وظائف الدماغ، يظهر كإعاقة خلال السنوات الثلاث الأولى من العمر، ويؤثر في قدرة الطفل على الاتصال مع الأشخاص المحيطين به ويمنع تطوير علاقات متبادَلة معهم.

ورغم التطور الكبير في مجال الطب النفسي والعصبي الذي شهده العالم خلال العقود الأخيرة إلا انه لا يوجد علاج شافي تماماً للتوحّد وإنما يتم الاعتماد الى حد ما على العلاج السلوكي، من خلال معاهد التوحّد لتعليم المصابين السلوكيات والمهارات الفردية والجماعية.

هذا التقرير يبحث ملف التوحّد وما يتعلق به، مع عدد من المعنيين بهذه المشكلة النفسية والعقلية والاجتماعية، للتعرّف على الأسباب وطرق العلاج او التخفيف من عبء هذا المرض.

العلاج السلوكي هو الأساس

أخصائي الأمراض النفسية الدكتور جبار جودة فيصل أكد" أن مرض التوحّد يظهر عادة في الطفولة ولربما بدايته من عمر سنتين او أقل، ومن أعراضه أن الطفل يميل للانعزال عن أقرانه وعن عائلته ويتميز بعدم التفاعل والاندماج بالحديث مع الآخرين، بل عدم القيام بأية ايماءات او حركات عند التكلّم او الاستماع.

ويلجأ المُصاب بالتوحّد الى عادات معينة ويستمر عليها ويقوم بتكرارها وعندما يتكلم معه الآخر قد ينهمر بالصراخ، فضلاً عن محدودية الذكاء والقدرة العقلية.

وأضاف" أما علاج التوحد فإنه ينقسم الى قسمين، العلاج الدوائي والعلاج النفسي، والأخير ينقسم الى عدة أنماط، منها العلاج السلوكي باعتبار أن المرض هو اضطراب سلوكي في أحد أوجهه، حيث يحاول الطبيب المختص تغيير النمط السلوكي الخاطئ الى نمط السليم، ومثال على ذلك نحاول أن نحدد مدة مشاهدة التلفاز والأجهزة الالكترونية بأقل ما يمكن وحسب عمر الطفل، ونحاول أن ننقله الى اللعب التفاعلي مثل كرة القدم وألعاب الأطفال الأخرى وهي عديدة.

وأوضح د. جبار" يمكن استخدام الدواء كعلاج ثانوي مثل جرعات تخفيف الاكتئاب، ولكن الأساس هو العلاج السلوكي حيث التنافس مع الأقران والتشجيع عبر الجوائز المادية والمعنوية والتحفيز للاندماج مع الآخرين.."

الحاجة للمزيد من المعاهد

الاستشاري النفسي الدكتور عبد عون عبود المسعودي بيّن" من أهم أنماط علاج التوحّد هو نمط التعلّم المستمر، خاصة وأن هناك درجات متفاوتة من الإصابة به، حيث توجد حالات يكون علاجها بسيطاً وذلك بالتركيز على التعلّم المستمر وطرق دمج المريض بالمجتمع.

وأضاف" هناك حاجة واضحة للمزيد من المدرّبين والمعاهد المختصة بمعالجة التوحد، فضلاً عن الحاجة الى التعرف على الأساليب الحديثة للتعامل مع الدرجات المتفاوتة لهذا المرض وما يتبعه من تأثيرات على العائلة وخصوصاً الأب والأم، حيث حدثت عدّة حالات طلاق بسبب عدم تحمُّل أحد الأبوين لوجود حالة اصابة او أكثر في العائلة".

مناهج وخدمات خاصة للمعالجة

الاختصاصي علي السلطاني، تحدثَ عن أنشطة معاهد التوحّد والمسؤولية المُناطة بها في كربلاء وبقيّة المحافظات العراقية قائلاً" ضمن اختصاصنا في معاهد التوحّد ومعالجة وتأهيل الأطفال الى المدارس الأكاديمية، نقوم وبإشراف العتبة الحسينية بتقديم الخدمات العلاجية في عدد من المعاهد المختصة بهذا المرض في كربلاء والمحافظات الأخرى مثل البصرة وذي قار وميسان والمثنى وواسط.

السلطاني أوضح" ان عدد الأطفال المستفيدين من خدمات معالجة التوحّد بلغ أكثر من (680) طفلاً، ونحن نعمل على رفع طاقة المعاهد الاستيعابية بصورة مستمرة. موضحاً" ان الخدمات التي تُقدم في معاهد الإمام الحسين عليه السلام لرعاية أطفال التوحّد هي تأهيل وتدريب الأطفال وارشاد ذويهم للوصول الى الهدف الأساس، وهو إرجاع الأطفال الى الاندماج التام مع العائلة والمجتمع".

وفيما يخص المناهج المعتمَدة أضاف المسؤول في قسم التأهيل التربوي" ان معاهد الإمام الحسين عليه السلام لرعاية أطفال التوحد لا تعتمد مناهج ثابتة كتلك الموجودة في المدارس الأكاديمية، بل تعتمد المنهج الدراسي المخصص حسب حالة الطفل ومستوى الاضطراب ونوعه، حيث هناك الخفيف والمتوسط والشديد، وتستعين المعاهد أيضاً بعدد من برامج التشخيص والعلاج، كبرنامج TEACCH تيتش للمهارات الإدراكية، وبرنامج ABA لتحليل السلوك، وبرنامج البورتاج للتدخّل المبكر، وذلك بوجود الكوادر المختصة من خريجي كليات العلوم التربوية والنفسية وحملة شهادة الماجستير، فضلاً عن تنظيم الدورات لرفع كفاءة الكوادر في المعاهد من قبل مدربين دوليين".

وبيّن السلطاني" هذه المعاهد تعمل وفق برنامج تأهيلي أكاديمي ترفيهي ديني، يشمل جلسات تربوية ونفسية وتوجيه ديني وسفرات ترفيهية.

خاتماً حديثه بالتأكيد على" ان جميع هذه الخدمات تقدَّم مجاناً ومن ضمنها الرعاية الصحية في مستشفيات العتبة الحسينية والوجبات الغذائية، بما يوفّر لهذه الشريحة حياة حرّة كريمة ويحفّزها على الاندماج من جديد.."