العمل الطَوعي.. ما أهميته.. ما الذي يدفعنا اليه؟

 

صباح الطالقاني

- تكمُن أهمية العمل الطوعي في تعزيز انتماء ومشاركة الأفراد في بناء او اصلاح مجتمعهم، او المساعدة في سد فجوة تتعلق بالفقر او الوعي او التنمية البشرية او الخدمات وغيرها.

- ينمّي العمل الطوعي قدرات الأفراد ويصقل مهاراتهم من خلال ممارستهم أعمال تتطلب منهم الصبر والهمة العالية والتنازل عن مزايا حياتهم اليومية، والتعامل مع شرائح متباينة الوعي والادراك والمستوى الثقافي.

-تضرب العتبة الحسينية في كربلاء أمثلة ايجابية في نطاق العمل الطوعي من حيث دأبها على تقديم الخدمات لكافة شرائح المجتمع، عبر بناء المدارس والمستشفيات ومجمعات الأيتام والنازحين ومحطّات المياه ومعاهد الفكر والعلوم ومراكز البحوث، فضلا عن دورها الأساسي في ارشاد المجتمع وتوعيته.

أثارت فضولي جملة بسيطة عن العمل التطوعي (ليس المهم أن تشارك في عمل طوعي بل المهم أن تعرف أهمية العمل التطوعي).

ويبدو أنها موجهة للذين يعتقدون أن لا أهمية أبداً لأن يتطوع المرء للقيام بعمل بلا مقابل، لأن الحقائق على ارض الواقع تشير الى بلوغ آلاف العراقيين أقصى مدى في (العمل الطوعي) وأنبل ما ينشده الانسان من رفعة وشعور بالإنسانية والوطنية، بدلالة تطوع الآلاف منهم وبذل حياتهم في سبيل الدفاع عن الوطن والشعب والمقدسات دون توقع فائدة دنيوية وبلا مقابل مادي.

فما الذي دفع هؤلاء الآلاف لترك ملذّات الحياة ومعاشرة العيال وقضاء الأوقات الممتعة؟ ليذهبوا ويلتحفوا العراء ويتحدّون قسوة الحياة برداً وحرّاً وجوعاً ويواجهون وحوشاً لا تعرف رحمة ولا تنتمي لدين؟

ثم لنا أن نتساءل على نطاق أوسع، كيف أمكن لرجل او لجمعية او منظمةٍ ما أن تجسّد معنى العمل الطوعي في خدمة شريحة معينة من الناس؟ او في تقديم خدمة عامة ترفع عن المجتمع همّاً او تكافح حالة غير حضارية؟

وإذا كان الدافع الأقوى للحث على التطوع كمفهوم عام هو ديننا الحنيف - بلِحاظ فتوى المرجعية العليا واستجابة الآلاف للدفاع عن العراق- فلماذا لا نعمِّم هذه الحالة لخدمة كافة مفاصل الحياة اليومية وسد كل فجوة حضارية او اجتماعية او أخلاقية تستفحل بيننا؟

ما هو العمل الطوعي؟ وما أهميته؟

للعمل الطوعي العديد من التعاريف التي قد يكون منها مرتبط بأسس اسلامية كثيرة تحث على التعاون على البر والتقوى والبذل بالنفس والمال، وهناك أيضا تعاريف تتعلق بالمفهوم الحضاري والمدني للعمل الطوعي من منطلقات انسانية عامة، ولكن العمل التطوعي عموما يعني الجهد الذي يبذله المواطن من اجل مجتمعه او من اجل شريحة معينة او مؤسسة ما، دون توقّع جزاء مادي مقابل جهوده، سواء كانت هذه الجهود معنوية او مادية في سبيل سعادة الآخرين ومساعدتهم...

تعزيز انتماء ومشاركة الأفراد في بناء مجتمعهم

وتكمُن أهمية العمل الطوعي في انه يعزز انتماء ومشاركة الأفراد في بناء او اصلاح مجتمعهم، او المساعدة في سد فجوة تتعلق بالفقر او الوعي او التنمية البشرية او الخدمات وغيرها.

 ومن جانب آخر فإن العمل الطوعي وخاصة ما كان منه تخصصياً فإنه ينمّي قدرات الأفراد والشباب بالذات، ويصقل مهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية، من خلال ممارستهم أعمال قد تتطلب منهم الصبر والهمة العالية والتنازل عن الكثير من مزايا حياتهم التي تعودوا عليها، والتعامل مع شرائح مختلفة متباينة الوعي والادراك والمستوى الثقافي.

ونضيف لبيان أهمية العمل الطوعي مسألة إتاحة الفرصة للأفراد وخاصة الشباب للتعبير عن أفكارهم في الكثير من القضايا العامة، التي تهم المجتمع وتكون على مساس مباشر بحياة أقرانهم، فضلا عن صقل شخصية الفرد من خلال تأدية الخدمة التطوعية بشكل مباشر وبجهد شخصي خالص، الأمر الذي يؤهلهم للمشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع والمشاركة في التخطيط واتخاذ بعض القرارات.

آثار العمل التطوعي

للعمل الطوعي آثار ايجابية متعددة النواحي تضع بصمتها على شخصية الانسان ومن ثم فإنها تصب مباشرة في خدمة المجتمع باعتبار ان تنمية الفرد أساس لتنمية المجتمع وجعلهُ واعياً منتجاً مبدعاً.

ومن هذه الآثار ان العمل الطوعي يتيح للفرد التعرّف عن كثب على مجتمعه ويتيح له التماس المباشر مع القضايا الهامة والتعرف على الثغرات التي تشوب نظام المجتمع عموما ونظام الخدمات بصورة عامة أيضاً..

ويساعدنا العمل الطوعي على انشاء علاقات وصداقات جديدة من شرائح مختلفة، وينمّي الثقة بالنفس من حيث ان المبادرة لمشاركة الآخرين همومهم وتحديات حياتهم تجعلك تشعر بالثقة أكثر وتكتشف قدراتك بصورة أدق واكبر.

ومن جانب آخر فإن التطوع لعمل ما، يُشعر الفرد بالقدرة على إحداث تغيير، ويُمكّنه من اختيار الحقل الذي يتخصص به فيما بعد، حيث ان تعدد التجارب يتيح للانسان خيارات متعددة للتطلع للمستقبل، فضلا عن ان هذه المبادرات تزيد من قدرة الفرد على التفاعل والتواصل مع الآخرين.

قيمة عليا للفرد وضرورة في الظروف الاستثنائية

يشكل العمل التطوعي قاعدة هامة للفرد في سبيل تحقيق أهداف سامية مثل:

-المشاركة في الأعمال المحببة للنفس

-زيادة المهارات وتنمية قدراته

-تحقيق أهداف عامة وخاصة

-استثمار وقت الفراغ في هذه الأعمال

-الأهم من هذا كله هو الأجر عند الله سبحانه وتعالى

طرق ترسيخ مفهوم العمل التطوعي

-زج الشباب في ورش ودورات تنموية تُبلور لهم اهمية فكرة العمل التطوعي واثره على المجتمع.

- بث روح التعاون والعمل من خلال إشراكهم ببرامج هادفة لا تتم إلا عن طريق العمل الجماعي.

- زج الشباب في تجارب محببة للنفس بما فيها بث روح المتعة والسعادة.

-مساعدة الشباب في إعداد خطة شخصية لحياتهم ودور العمل التطوعي في خططهم المستقبلية.

-إشعار الأفراد بمسؤولية وأهمية هذا النشاط غير الربحي وبيان أثره على كل طبقات المجتمع.