بين الإعلام الغربي والعرَبي

بين الإعلام الغربي والعرَبي

انطوان شاربنتيي

يعتبر الاعلام العربي في وقتنا الحاضر المجال الشبه وحيد الذي يوجد فيه شيء من الحرية مقابل جمود شبه كامل في عدة مجالات كالحياة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني تصدع و أزمات لا سابق لها من جراء الحروب والصراعات التي تعاني منها بلادنا العربية منذ عدة سنين.

لكن هناك بعض نقاط الضعف في مجال الإعلام العربي التي لا يمكن تجاهلها خصوصا بمقارنتنا هذا الأخير بالإعلام الغربي، وهو يعاني أيضاً من ناحية أخرى بعض التصدع والمشاكل خاصة في الجانب الاقتصادي.

نقطة الضعف الاولى في مجال الإعلام العربي بشكل عام تأتي من عدم أخذ الوقت الكافي للغوص بما فيه الكفاية في المواضيع المطروحة على الساحة الداخلية و الخارجية.

لكن أحد أسباب هذا الضعف، يكمن بعض الشيء بتشبّه الإعلام العربي بالإعلام الغربي، وتبني نهجه بالكامل والأخذ به كركيزة عمل طبيعية، من دون نقد مسبق الى طرق عمل الإعلام الغربي أو محاولة تقييمه وتكييفه مع معطيات الشارع العربي.

إن المحيط و الفكرالعربي مختلف تماما عن المحيط الغربي وطريقة تفكيره وتماشيه مع القضايا السياسية أو الاجتماعية، والتقيّد التام بالإعلام الغربي أدى إلى فشل واقعي تعاني منه بعض الوسائل الإعلامية العربية، و لو لم يكن هذا السبب الوحيد.

إن أولى الفوارق بين الإعلام العربي والغربي هو فارق ثقافي، فنسبة الأمية ضئيلة جدا في الغرب، وهي شبه معدومة. فضلا عن ان النهج الإعلامي الغربي ناتج عن ما يعادل الثلاثة قرون من الحداثة السياسية، الاقتصادية و الثقافية.

الإعلام الغربي قائم على قواعد تجارية، و يمول نفسه بنفسه، وهذا بالنسبة إلى الإعلام الرسمي. أما وسائل الإعلام الخاصة فما هي إلا كناية عن صدى مموليها، ما يجعل لها نقطة مشتركة مع كثير من الوسائل الإعلامية العربية.

أن أحد أسباب ضعف الإعلام العربي تكمن أيضا في عدم استقلاليته وتبنيه في كثير من الأحيان نهج سياسي معين، وعدم استقلالية الإعلام بالإجمال عربيا كان أو غربيا تجعله أداة تحيز، ودعاية بأيدي قوى سياسية مختلفة وفي بعض الأحيان متصارعة.

وتلعب وسائل الإعلام مرئية كانت، مسموعة أو مكتوبة، عربية كانت أم غربية دور مهم بصنع الرأي العام والتأثير به، وتثقيف وتنمية المجتمعات أو هدمها. فلوسائل الإعلام الحالية في عصر العولمة الإمكانيات إما لخلق الفتن بين أطياف المجتمع الواحد وبين الشعوب أو تقريب وجهات النظر والسعي إلى العيش المشترك بطرق سلمية.

ان مسؤولية وسائل الإعلام العربية والغربية والصحفيين العاملين فيها كبيرة جداً ومهمة، فإما أن يختاروا الانحياز وإما أن يعملوا على إدراك الحقائق وبثّها من أجل الخير العام ومصالح الشعوب وحقوقها.

هناك أيضاً جانب التطوير التقني والمهني الذي يعد عصباً مهماً لأداء وسائل الإعلام غربية كانت أم عربية، لكن الوسائل الإعلامية الغربية الضخمة تعتمد نمط التطوير بصورة اكبر بكثير مما هو موجود في العالم العربي، بما يعمل على تزايد الهوّة ما بين هذين الاعلامَين.