الذكرى التاسعة للفتوى المباركة التي انقذت العراق من براثن الارهاب

صباح الطالقاني

في اليوم الثالث عشر من شهر حزيران عام 2014 أطلقت المرجعية الدينية في النجف الاشرف متمثلةً بالمرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد السيستاني دام ظله فتوى التطوع للدفاع عن العراق أرضاً وشعباً ومقدسات، بعدما اجتاحت عصابات تنظيم داعش التي كانت مدعومة من جهات دولية اقليمية وكبرى، مساحات واسعة من ارض العراق، قادمة من جهة الحدود السورية العراقية.
لقد كان لتلك الفتوى التاريخية التي دقّت ناقوس الخطر العديد من الآثار الايجابية، التي فجّرت مكامن الايمان في قلوب الرجال، فهبَّ العراقيون من مختلف مدن وسط وجنوب البلاد لتلبية النداء.. نداء العزة والكرامة والنخوة، وتحققَ ما تحقق من دويّ انتصارات وصلت أصدائها لأقاصي العالم، ليثبت العراقيون ان النداء الروحي والايماني قد هزّ اركان الارهاب وزلزل الارض تحت أقدام عصابات داعش، واستعاد ذلك النداء السيادة من جديد، لبلد كادت المؤامرات الداخلية والخارجية ان تجعله ضحية ورهينة بيد ادوات الارهاب وأياديها النجسة..
وأظهرت تلك الفتوى الخالدة مكامن الولاء لأهل البيت عليهم السلام وللوطن، وأعطتنا صوراً حقيقية من معاني الايثار والتضحية والثبات والارادة.. تلك الصور التي افتقدناها منذ زمن طويل، منذ ثورة العشرين التي انطلقت بإرادة وطنية خالصة وبفتوى مباركة ايضاً ولازال صداها بعد قرن من الزمان يصدح عزاً وفخراً.
الفتوى المباركة
انطلقت فتوى الدفاع عن العراق ضد داعش من قلعة الحرية ارض كربلاء المقدسة، فجاء في بيان تلاه ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي في (14/شعبان/1435هـ) الموافق (13/6/2014م) في خطبة صلاة الجمعة الثانية بالصحن الحسيني الشريف:
إن العراق وشعبه يواجه تحدياً كبيراً وخطراً عظيماً وإن الارهابيين لا يهدفون إلى السيطرة على بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين فقط بل صرحوا بأنهم يستهدفون جميع المحافظات ولا سيما بغداد وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف، فهم يستهدفون كل العراقيين وفي جميع مناطقهم، ومن هنا فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا يختص بطائفةٍ دون أخرى أو بطرفٍ دون آخر.
إن التحدي وإن كان كبيراً إلاّ أن الشعب العراقي الذي عرف عنه الشجاعة والإقدام وتحمّل المسؤولية الوطنية والشرعية في الظروف الصعبة أكبر من هذه التحديات والمخاطر.
أنه لا يجوز للمواطنين الذين عهدنا منهم الصبر والشجاعة والثبات في مثل هذه الظروف أن يدبَ الخوفُ والاحباطُ في نفسِ أيِّ واحدٍ منهم، بل لا بد أن يكون ذلك حافزاً لنا للمزيد من العطاء في سبيل حفظ بلدنا ومقدساتنا.
ان القيادات السياسية مدعوّة الى ترك الاختلاف والتناحر ولاسيما خلال هذه الفترة العصيبة وحثّهم على توحيد مواقفهم ودعمهم واسنادهم للقوات المسلحة ليكون ذلك قوة إضافية لأبناء الجيش العراقي في الصمود والثبات، ان القيادات السياسية أمام مسؤولية تاريخية ووطنية وشرعية كبيرة.
ان دفاع أبنائنا في القوات المسلحة وسائر الأجهزة الامنية هو دفاع مقدس، ويتأكد ذلك حينما يتضح أن منهج هؤلاء الارهابيين المعتدين هو منهج ظلامي بعيد عن روح الاسلام، يرفض التعايش مع الآخر بسلام ويعتمد العنف وسفك الدماء وإثارة الاحتراب الطائفي وسيلة لبسط نفوذه وهيمنته على مختلف المناطق في العراق والدول الأخرى.
اجعلوا قصدكم ونيتكم ودافعكم هو الدفاع عن حرمات العراق ووحدته وحفظ الأمن للمواطنين وصيانة المقدسات من الهتك ودفع الشر عن هذا البلد المظلوم وشعبه الجريح.  
وفي الوقت الذي تؤكد فيه المرجعية الدينية العليا دعمها واسنادها لكم فانها تحثكم على التحلي بالشجاعة والبسالة والثبات والصبر وتؤكد على إن من يضحي بنفسه منكم في سبيل الدفاع عن بلده وأهله وأعراضهم فإنه يكون شهيداً إن شاء الله تعالى. 
ان المطلوب أن يحث الأبُّ ابنه والأمُّ ابنها والزوجة زوجها على الصمود والثبات دفاعاً عن حرمات هذا البلد ومواطنيه. 
إن طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي، بمعنى أنه إذا تصدى له من بهم الكفاية بحيث يتحقق الغرض وهو حفظ العراق وشعبه ومقدساته يسقط عن الباقين.
إن المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الارهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية.
إن الكثير من الضباط والجنود قد أبلوا بلاءً حسناً في الدفاع والصمود وتقديم التضحيات فالمطلوب من الجهات المعنية تكريم هؤلاء تكريماً خاصاً لينالوا استحقاقهم من الثناء والشكر وليكون حافزاً لهم ولغيرهم على أداء الواجب الوطني الملقى على عاتقهم.