يا زهراء (شعر)

الشاعر:  ضياء الدين الخاقاني
 
الحمدُ للهِ ليسَ الحقد من شِيَمي
ولا تكلّمَ غيرَ الصالِحاتِ فمي
 
ولمْ أقِفْ موْقِفَ الحسّادِ في فلَكٍ
ولا سحبْتُ عليهِ ذيْلَ منْتقِمِ
 
واِنما هي نفسي ما أردْتُ لها
اِلاّ مناهلَ مهمومِ الضميرِ ظمي
 
فانْ لَمَسْتُ بها نقصاً قطعتُ يدي 
لتستفيقَ وأوليْتُ الكمال دمي
 
فقدْ كفاه من النعمى طهارته
وحبُّ آلِ نبيٍّ سادة الأمَمِ
 
تطاولَ الليلُ نوراً يوم مولِدِها 
أيَأمَنُ العقل فيما صغْتُ من حِكَمِ
 
وباسْمِ فاطمة الزهراءِ أطلِقها
وألْهمَ الكونُ معناها فلمْ يَنَمِ
 
ولاحَ للفجرِ من أنفاسِها قبسٌ 
يموجُ باللطْفِ حولَ البيتِ والحرَمِ
 
بنتُ النبيِّ وحسبُ المُرْضِعاتِ لها
فخراً بأنْ يحْتَلِبْنَ العزّ بالألَمِ
 
فاِنها ابْنةُ خيرِ المرْسلينَ وقدْ
سَمَتْ اِذِ اقْتَرَنتْ بالمُفْرَدِ العَلَمِ
 
وكلّنا خدمٌ لولا ملائكةٌ
يدُ العبيدِ وطالَ الفخرُ بالخدمِ
 
وكلّما امتدّ مجدُ السادةِ ارتفعتْ
تقاسَموا الشرَفَ الأسمى من القِدَمِ
 
ونحن من بعدِ ألفٍ مِن تمسّكِنا
بذلك العهدِ عشنا زينةَ القيَمِ
 
فلا سبيلَ لاحرازِ النجاةِ سوى
لطف النبيِّ وأهل البيتِ بالكرمِ
 
وليدةُ الوحيِ في عينيكِ روعتُهُ
وفي معانيكِ منه آيُ مزدحمِ
 
كليمة الوحيِ منك الوحيُ نسمعه
روحاً له الفيضُ دون الأنبياءِ نمي
 
أبوكِ ألبس هذا الدينَ حلّتَهُ 
يومَ الفِخارِ بلطفٍ منكِ مرتسمِ
 
فقال اِنّكِ نورٌ لا يخالسُهُ
زيفُ الظلامِ وطهرٌ غيرُ منقَسِمِ
 
فكنتِ معجزةَ الاسلامِ أبدعها
خلّاقُها للبرايا خيرَ معتصَمِ
 
لو سايرتْكِ نساءُ الأرضِ صاعدةً
لنِلْنَ أشرفَ ما يسمو من النُظُمِ
 
لكنّ من حادَ عن نهْجٍ يشرّفهُ
فغايةٌ السيرِ والعُقْبى الى حِمَمِ
 
أيستفيقُ الأُولى نامتْ ضمائرُهمْ
 عن الحقائقِ في ليلٍ من الذِمَمِ
 
أينَ المُفكّر فيما نحن فيهِ وهلْ
يجوز للعينِ أنْ تعْمى بلا ورَمِ
 
وهل يقوم بناءٌ فوق هاويةٍ
من الرمال على صرْحٍ من التُهَمِ
 
هيهاتَ قد هدّمَ البانون صرْحَهُمُ 
 وكان من قبلُ ركناً غيرَ منهَدمِ
 
وكيف يرفع باسْمِ الدينِ هامَتَهُ
مَنْ كان مُعْتَكِفاً فيهِ على صَنَمِ
 
اسْتغْفرُ اللهَ لمْ نيْأسْ وكان لنا
 من الهدى نسَبٌ أقوى من الرّحَمِ
 
ولايةٌ بيد الهادي وعترته 
 نشُدّها فتَقينا كبْوةَ النَدَمِ
 
ها نحنُ يا مهجةَ المختارِ نرفعها
على يديكِ ابْتِهالاتٍ الى الحَكمِ