لماذا هذا السواد؟

بقلم / حنان الزيرجاوي

دخل غريب إلى مدينتي، وهي أحدى المدن الموالية لآل بيت رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم )، فاستغرب من ذلك المنظر،  منظر السواد الذي يعم أرجاء المدينة وإذا به يتفاجأ بمظهر ارتداء أهل المدينة لذلك السواد ايضاً، فهنا راوده هاجس بحب الاستطلاع والتساؤل عن ماهية ذلك السواد؟!

هل أولئك الأناس يتبركون بهذا اللون؟

 ماذا يعني لهم؟

 ولماذا يملأ كل زاوية في المدينة، أخذ يتساءل ويتساءل، فقام باستطلاع آراء الناس حول ذلك السواد، فسأل شخصاً ماراً ، ما هذا السواد ولماذا ترتدونه يا عم؟

سأخبرك يا بني، أحد أسباب لبسنا السواد في أيّام محرّم الحرام، وشهر صفر، أننا بذلك نعظم شعائر الله أولاً،  وإظهاراً لمودّتنا وحبّنا لأهل البيت (عليهم السلام) ثانياً، فنحزن لحزنهم، ونحيي أمرهم، ألم يأتِ في الروايات التي وردت عنهم (عليهم السلام):

(رحم الله من أحيا أمرنا)، فعند  لبسنا للسواد شيباً وشباباً، نساءً ورجالاً، ستكون  تلك  ظاهرة اجتماعية تلفت نظر الغريب ، فيسأل:  ماذا حدث؟

مثل ما فعلت أنت يا ولدي، فسيكون تمييزا للهوية الشيعية، وسيعلم القاصي والداني بأن النهضة الحسينية مستمرة إلى يوم القيامة.

والحزن يبقى سرمدياً على سيد الشهداء.

بينما أنا واقف أنظر له وهو يسأل شخصاً تلو الآخر من مختلف الأعمار، توجه بسؤال لشاب موال يافع مخاطباً إياه :

أراك ترتدي السواد رغم حرارة الجو وأنت شاب مثقف وتعلم خصائص وتأثيرات ذلك اللون، لما يوحيه من كآبة وحزن  وامتصاصه للحرارة ؟!

فأجابه :

نعم صحيح كل ما تفوهت به يا أخي، لكن تأثير ذلك السواد في مصاب أهل البيت عليهم السلام مختلف تماماً، تتغير صفاته وتأثيراته، نشعر بأنه انتصار وفخر بالقضية الحسينية، يمتص حرارة قلوب العاشقين الوالهين لأهل بيت النبوة سلام الله عليهم، ويعكس نور الولاية .

بعدها  تحول لأحدى النسوة يسألها، لماذا ترتدين السواد فهل لديك شخص عزيز خطفه الموت منك؟

أجابته بقولها : نعم، فقدت من هو أقرب إليّ من أبي وأمي، فالإمام أولى بنا من أنفسنا، ولا تدانيه منزلة، فهو أعظم وأعلى حتى من منزلة الأم والأب والولد، أليس في مقام الزيارة نقول له بأبي أنت وأمي يا أبا عبد الله، فلبسنا للسواد يختلف لمنزلة الإمام ورتبته منا، ولولائنا المقرون بالعمل، ولبشاعة الكيفية  التي ذبح بها الإمام، فهذه رزية كبرى فقد حزنت عليه الحياة وبكته بدل الدموع دما السماء والأرض.