مرجعية الإمام الشيخ عبد الكريم الجزائري المحامي عن القضية الإسلامية والعربية

مجتهد مطلق، وزعيم ديني مطاع، ومجاهد في سبيل الأمة والوطن، أفنى حياته في خدمة الناس، وأذاب عمره في الذب عن شريعة سيد المرسلين، وقضى زهرة شبابه وأيام كهولته وحياة شيخوخته مدافعاً عن الحق، ومكافحاً الاستعمار والألحاد والتبعية، عُين وزيراً للمعارف في أول وزارة عراقية (1921 م) مع عبد الرحمن النقيب، فرفض ذلك بل استهزأ به.

وبقي في حياته الى جنب العلماء الأعلام الأخوند والسيد محمد سعيد الحبوبي والشيخ النائيني والسيد ابو الحسن الموسوي والشيخ محمد تقي الشيرازي وشيخ الشريعة الأصفهاني مشيراً ومستشاراً وخبيراً في شؤون الدنيا والدين، ونصب نفسه شاخصاً للدفاع عن العراق وعروبة فلسطين، واستقلال الجزائر وقضايا المغرب العربي.

اتخذ من بيته منبراً لتدريس الفقه والأصول خارجاً، واجتمع عليه كوكبة من طلاب الحوزة الفضلاء، وكان يلقي بالمسألة أو الفكرة ويطرحها على تلامذته للنقاش والتوصل الى الرأي السديد بكل تواضع وموضوعية.

واتخذ من مسجد آل الجزائري، وهو قرب بيته في (محلة العمارة) محراباً لإقامة صلاة الجماعة وإمامتها، وقد ازيل بيته والمسجد كبقية منازل العلماء بحجة التخطيط العمراني، واصبحت (محلة العمارة) هي مقر المراجع والعلماء والحوزة قاعاً صفصفاً.

وكان أخوه الأصغر العالم، الشاعر، الأديب، الحكيم الشيخ محمد الجواد الجزائري ساعده الأيمن في كل القضايا السياسية والاجتماعية، حكم عليه بالإعدام من قبل الانكليز قبيل ثورة العشرين هو والسيد محمد علي بحر العلوم، وأحدث ذلك ضجة فاطلقا بشفاعة قائد الثورة الشيخ محمد تقي الشيرازي، وسفّرا خارج العراق، فكان تسفيره الى المحمرة (خرم شهر) ونزل ضيفاً عند الشيخ خزعل الكعبي أمير المحمرة، وقد صور آلام الأمة وآمالها في قصيدته النونية ضد الاتراك والإنكليز معاً ومطلعها:

مددنا بصائرنا لا العيونا     فثرنا.. غداة عشقنا المنونا

توفي عام (1959 م) وتوفي أخوه الشيخ عبد الكريم عام (1960م = 1380 هـ)

واقيمت لع عدة فواتح، وعقد له حفل تأبيني في اربعينيته ورثاه القادة السياسيون والأدباء والشعراء: منهم الشيخ محمد رضا الشبيبي (ت 1965 م)والأستاذ محمد مهدي كبة رئيس حزب الاستقلال (ت 1983م) والدكتور عبد الرزاق محي الدين (ت 1983م) والشيخ عبد الغني الخضري (ت 1377هـ) وكان مطلع قصيدتي في رثائه:

فجعت بخطبك الجلل البلادا        وأثكلت العقيدة والجهادا 

وقد ترجمتُ له ترجمة اضافية في كتابنا (قادة الفكر الديني والسياسي في النجف الاشرف).

المصدر: كتاب المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف مسيرة ألف عام للأستاذ الأول المتمرس الدكتور محمد حسين علي الصغير