نساء في ذاكرة الخلد..السيدة زينب ابنة أمير المؤمنين (عليهما السلام)
الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي
شقيقة السبطين، وزوجة عبد الله بن جعفر الطيار، وأم محمد وعون المستشهدين مع خالهم الحسين (عليه السلام).
عاصرت الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) لبضع سنين، وأمها الزهراء، وأباها وأخويها وابن أخيها السجاد (عليهم السلام)، فأخذت من المعصومين ما جعلها عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة.
حياتها صلوات الله عليها مليئة بالأحزان مذ كانت صبية إلى أن توفيت، وما عُرف عنها غير الصبر والشكر.
نُقل عنها الكثير من أحداث واقعة الطف، حيث كانت هي قطب رحاها بعد أخيها أبي عبد الله (عليه السلام)، وقامت بما أوكل إليها من مهام جسيمة من حفظ ولي الله زين العابدين، وفضح بني أمية، ونقل أحداث الطف، فكانت كأبيها في شجاعته، وكأمها في بلاغتها، وما انثنت في موقف، وما هالها ما رأته من قتل إخوتها وأهل بيتها عن أن تقف بوجه اللئام، وما راعها جبروت بن زياد ويزيد عن أن تقارعهم الحجة بالبيان، وخطبها في الكوفة والشام شواهد صدق على ذلك.
روت العديد من الأحاديث، وأشهر ما روي عنها خطبة أمها الزهراء (صلوات الله عليها) في المسجد، حيث رافقتها في مقارعتها للظلم، وتعلمت منها أن لا تسكت عن بيان الحق عند سلطان جائر.
يكفيها أنها كانت (بحمد الله عالمة غير معلمة ، فهمة غير مفهمة) كما قال لها الإمام السجاد (عليه السلام).
ويكفي للتدليل على فضلها أنّ ابن عباس حبر الاُمّة كان يسألها عن بعض المسائل التي لا يهتدي لحلّها ، كما روى عنها كوكبة من الأخبار ، وكان يعتزّ بالرواية عنها ، ويقول : حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي عليه السلام .
وقد روى عنها الخطاب التاريخي الذي ألقته اُمّها سيّدة النساء فاطمة (عليها السّلام) في جامع أبيها (صلّى الله عليه وآله) .
وكانت ألمع خطيبة في الإسلام ؛ فقد هزّت العواطف ، وقلبت الرأي العام وجنّدته للثورة على الحكم الاُموي ، وذلك في خطبها التاريخية الخالدة التي ألقتها في الكوفة ودمشق ، وهي تدلّل على مدى ثروتها الثقافية والأدبية .
لقد نشأت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) في بيت الوحي ومركز العلم والفضل ، فنهلت من نمير علوم جدّها وأبيها وأخويها ، فكانت من أجلّ العالمات ، ومن أكثرهنَّ إحاطة بشؤون الشريعة وأحكام الدين"
توفيت صلوات الله عليها عن عمر ناهز السبعة والخمسين عاماً، لكن ذكراها بقيت عطرة عند الموالين، ومرقدها يشع بنور الهداية للمرتادين.
ولا يسع المهدويات إلا أن يقتدين بالحوراء صلوات الله عليها في جميع مفردات حياتها، من صبر وتضحية وشجاعة وعفة وورع وعلم وجهاد.