نساء في ذاكرة الخلد.. أم سلمة

الشيخ حسين عبد الرضا الاسدي

 

أم سلمة هند بنت أبي أميّة المخزومية (الزوجة الصالحة والمرأة المؤمنة) 

كثيرة الرواية ، عظيمة القدر ، جليلة الشأن . اسمها هند بنت أمية بن المغيرة ، وأمها عاتكة بنت عبد المطلب . وكانت قبل أن تزوج بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسود ، فولدت له سلمة وعمر وزينب . ثم توفي ، فتزوجها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وهي آخر من مات من أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) . ماتت سنة 63 في زمن يزيد بن معاوية ، وقيل في يوم قتل الحسين ( عليه السلام ) .[1]

هي أم المؤمنين والمدافعة عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أسلمت هي وزوجها أبو سلمة قبل الهجرة، وتزوجها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعد وفاة أبي سلمة السنة الرابعة للهجرة.

 كانت مطيعة لله (عزَّ وجلَّ) ولرسوله (صلّى الله عليه وآله) وما خالفت له أمراً، وفي الوقت الذي كانت بعض نساء النبي (صلّى الله عليه وآله) يغرنَ من خديجة لحبه لها؛ كانت هي صلوات الله عليها، تحبها لحبه لها وتقدسها أيما تقديس، فكانت تقول له: (فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله، إنك لم تذكر من خديجة أمرا إلا وقد كانت كذلك غير أنها قد مضت إلى ربها . فهناها الله بذلك وجمع بيننا وبينها في درجات جنته ورضوانه ورحمته)[2]

 كانت أماً لفاطمة بعد أمها، وفي حجرتها أصلحت شأن فاطمة (عليها السلام) وزفتها الى بيت أمير المؤمنين بالرجز والانشاد، وكانت ممن دافعوا عن فاطمة (عليها السلام)أمام (الخليفة الاول) في مسألة فدك.

 كانت مواليةً ثابتة وروت أحاديث ولائية عديدة كحديث الغدير وحديث (لا يحب علياً منافق ولا يبغضه مؤمن)[3] وحديث (من سبَّ علياً فقد سبني)[4] وحديث (إن عليا مع القرآن ، والقرآن مع علي ، لا يفترقان حتى يردا على الحوض)[5] وحديث (المهدي من عترتي من ولد فاطمة).[6]

 كاتبت أمير المؤمنين (عليه السلام) تخبره بعزم طلحة والزبير وعائشة على الخروج عليه، ولم تخرج امتثالاً لأمر الله تعالى لها بالقرار في بيتها، لكنها أرسلت ابنها عمر ابن أبي سلمة لأمير المؤمنين (عليه السلام) وأمرته بالجهاد معه.

كانت أمينة على بعض الأسرار، وهذا يكشف عن وثاقتها العالية، فقد روي أم سلمة في خبر قالت : كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) فدفع إليّ كتاباً فقال: من طلب هذا الكتاب منك ممن يقوم بعدي فادفعيه إليه. ثم ذكرت قيام (الاول والثاني والثالث) وأنهم ما طلبوه ثم قالت : فلما بويع عليٌّ (عليه السلام) نزل عن المنبر ومرّ وقال لي: يا أم سلمة، هاتي الكتاب الذي دفع إليك رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقالت : قلت له أنت صاحبه ؟ فقال نعم ، فدفعته إليه ، قيل ما كان في الكتاب ؟ قال : كل شيء دون قيام الساعة . وفي رواية ابن عباس: فلما قام علي أتاها وطلب الكتاب ففتحه ونظر فيه فقال هذا علم الأبد .[7]

وروي عن الصادق ( عليه السلام ): أن الحسين ( عليه السلام ) لما سار إلى العراق استودع أم سلمة الكتب والوصية ، فلما رجع زين العابدين دفعتها إليه .[8]

وقد استودعها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) القارورة المعروفة التي عندما فاضت دماً عبيطاً علمت باستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام).[9]

 

[1] - مستدرك سفينة البحار - الشيخ علي النمازي الشاهرودي-ج5 ص 139.

[2] - بحار الأنوار ج43 ص 131.

[3] - ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ج1 ص 150 باب5 ح 4.

[4] - شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي ج1 ص 167.

[5] - أمالي الشيخ الطوسي ص 506 ح 1108 / 15.

[6] - الغيبة للشيخ الطوسي ص 185 – 186 ح 145.

[7] - مناقب آل أبي طالب لابن شهرا آشوب ج1 ص 316.

[8] - مناقب آل أبي طالب- ابن شهر آشوب ج3 ص 308.

[9] - الأمالي للشيخ الطوسي ص 314 – 315 ح 640 / 87.