ديموتاريخ الحسين (ع) في أقوال المستشرقين 2

الحلقة الثانية

قال الزعيم الهندي غاندي:

لقد طالعت  بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا ارادت ان تحرز النصر، فلابد لما من اقتفاء سيرة الإمام الحسين؛ ولقد تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر.

أقول: ولا داعي لبسط الكلام ، فلغاندي فيما يبدو غريزة ديموتاريخية  تكاد تكون برنامجاً علمياً ضخماً واضح المعالم.

وقال الباحث الانكليزي ــ جون أشر:

إن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي.

أقول: وهو يوضح أن النهضة الحسينية أكبر من أن تتضيق بضيق العامل الواحد في قراءة التاريخ؛ فليس صحيحاً تضييقها بالعامل الثوري فقط أو الميتافيزيقي أو العسكري أو غير ذلك، فهذه النهضة تعم كل مجالات المعرفة، كالمجال الاجتماعي مثلا:

وقال المستشرق الهنغاري أجنانس كولدسيهر:

قام بين الحسين بن علي والغاصب الاموي نزاع دام، وقد زودت ساحة كربلاء، تاريخ الإسلام يعدد كبير من الشهداء ..اكتسب الحداد عليهم حتى اليوم مظهراً عاطفياً.

أقول: استمرار التأثير العاطفي لكربلاء،  بلا انقطاع في المبدأ وفي الوسط والمنتهى تعبيراً جيداً لقانون الديمويقين.

وقال الكاتب الانكليزي توماس لايل تعليقاً على تأثره من بعض قوافل الحداد الحسيني:

لم يكن هناك أي نوع من الوحشية أو الهمجية، ولم ينعدم الضبط بين الناس فشعرت في تلك اللحظة وخلال مواكب العزاء وما زلت اشعر بأني توصلت في تلك اللحظة إلى جميع ما هو حسن وممتلئ بالحيوية في الاسلام، وايقنت بأن الورع الكامن في أولئك الناس والحماسة المتدفقة منهم بوسعهما أن يهزا العالم هزاً فيما لو وجّها توجيهاً صالحاً وانتهجا السبل القويمة ولا غرو فلهؤلاء الناس واقعية فطرية في شؤون الدين.

أقول: الحيوية هي التي أبقت على الإسلام، ولولاها لمات الإسلام كما يقرر قانون الديموحياة، هذا مضافا الى ان الورع الكامن في محبي الحسين والحماسة المتدفقة التي يجزم توماس لايل هي التي أبقت عليهم في رقعة الصمود واقفين، وهي العامل الأول لتناميهم في أمة، وكل هذا صحيح وكان على الاستاذ لايل أن يذكر أيضاً أن كل الأمم التي صارعتهم وخاصمتهم قد ماتت في حين هم وحدهم بقوا أحياء يدورون بقوة أسطورية هائلة في مدارات ذرة الحقيقة الحسينية.

وقالت الكاتبة الانكليزية ــ فريا ستارك:

على مسافة غير بعيدة من كربلاء جعجع الحسين إلى جهة البادية، وظل يتجول حتى نزل في كربلاء وهناك نصب مخيمه.. بينما أحاط به أعداؤه ومنعوا موارد الماء عنه. وما تزال تفصيلات تلك الوقائع واضحة جلية في أفكار الناس في يومنا هذا كما كانت قبل (1257) سنة وليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدسة أن يستفيد كثيراً من زيارته ما لم يقف على شيء من هذه القصة لأن مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس وهي من القصص القليلة التي لا أستطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء.

أقول: وهو نص صريح في قانون الديمويقين، فأن تأثير كربلاء الإنساني والعاطفي ما زال مفهوماً عبر الاجيال، المسلمة وغير المسلمة، حتى لكاتبة انكليزية مسيحية، وأكثر من ذلك فمأساة الحسين تتغلغل في كل شيء.

وقال:  المستشرق الفرنسي/ هنري ماسييه

 في نهاية الأيام العشرة من شهر محرم طلب الجيش الأموي من الحسين بن علي أن يستسلم، لكنه لم يستجب، واستطاع رجال يزيد الأربعة آلاف أن يقضوا على الجماعة الصغيرة، وسقط الحسين مصاباً بعدة ضربات، وكان لذلك نتائج لا تحصى من الناحيتين السياسية والدينية.

أقول: جزم ماسييه في قوله: وكان لذلك نتائج لا تحصى من الناحيتين السياسية والدينية ...، إعلان عن ان النهضة الحسينية لا يمكن ان تتضيق بضيق العامل الواحد كما ذكرنا سابقا فهي مثلا تتناول الناحية السياسية فضلا عن الاجتماعية والدينية وغير ذلك.

وقال المفكر الايطالي دوميلي:

نشبت معركة كربلاء التي قتل فيها الحسين بن علي، وخلفت وراءها فتنة عميقة الأثر، وعرضت الأسرة الأموية في مظهر سيء، ولم يكن هناك ما يستطيع أن يحجب آثار السخط العميق في نفوس القسم الأعظم من المسلمين على السلالة الأموية والشك في شرعية ولايتهم.

أقول: والنص كما ذكرنا آنفاً يدور على مبدأ الصراع بين الحقيقة الخالصة وبين نفاياتها؛ فاستشهاد الحسين برهن كاملاً على أن مثل نظرية المعرفة الأموية هي نفايات في شكلها ومحتواها ومضمونها...، ينبغي الخلاص منها، وفي مثل هذا تنطوي أسرار كربلاء أبستمولوجياً.

المستشرق الامريكي كوستاف كرونيام:

إن وقعة كربلاء ذات أهمية كونية ، فلقد أثرت الصورة المحزنة لمقتل الحسين، الرجل النبيل الشجاع في المسلمين تأثيرا لم تبلغه أية شخصية مسلمة أخرى..

أقول: وهذا هو السر الذي جعل الحسين يتصدر أدبيات دين الإسلام؛ فالرسول محمد (ص) جعل من الحسين، مدار القراءة الإسلامية الصحيحة في رقعة المستقبل.

وقال المستشرق الانكليزي د. ج. هوكارت:

دلت صفوف الزوار التي ترحل الى مشهد الحسين في كربلاء والعواطف التي ما تزال تؤججها في العاشر من محرم في العالم الإسلامي بأسره، كل هذه المظاهر استمرت لتدل على ان الموت ينفع القديسين اكثر من ايام حياتهم مجتمعة.

أقول: وكأن هوكارت يرمي من ذلك الى تأسيس قانون يجعل من الموت علة كاملة للحياة وللاستمرار، ولكن ليس كل موت، بل موت دعاة الحياة القديسين وغيرهم، ومثل هذا الموت منهج معرفة كامل؛ إذ أقل ما فيه أنه قادر على التعبير عن مقولات من قبيل: القدس والنبل واحترام الإنسان والكرامة والحرية والحياة والقيم ...، التي هي حد التاريخ من ناحية منطقية.

المصدر: كتاب ديموتاريخ الرسول المصطفى (ص) والحسين (ع) لباسم الحلي

إعداد: فضل الشريفي