لماذا اصطحب الامام الحسين (ع) النساء الى كربلاء؟

كانت مسألة إصرار الإمام الحسين عليه السلام على أخذ النساء معه، رغم ما أبداه محبوه من أهل بيته من نصائح وتمنيات على إبقاء النساء، وهو ما يعني إبقاء الأطفال بالضرورة بمكة وعدم أخذهم إلى العراق، كانت هذه المسألة من المسائل التي جرى فيها وحولها الكثير من التحليل والتفسير والتأويل. لقد كان الذين تألموا لخروج الإمام الحسين عليه السلام ونسائه وأطفاله يوم التروية من مكة والحجيج متوجهين نحو منى، للمبيت بها قبل الوقوف بعرفات بعد ذلك، كان أولئك المتألمون يخافون على الإمام الحسين عليه السلام أن يُقتل والنساء أن تُسبى والأطفال أن يُروّعوا. وكان عليه السلام يخاف على دين الله تعالى وسنّة جدّه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم من أن يدرسا وينتهيا، جراء الخطة الجاهلية الأمويّة.

وقد ردّ الإمام الحسين عليه السلام على محبّيه والمتألمين لأجله، كعبد الله بن العباس، وعبد الله بن جعفر، ومحمد بن الحنفيّة، ردّاً جميلاً. وكان الموقف مع الأخير هو الحاسم، وفيما قال عليه السلام له: "شاء الله أن يراني قتيلاً، وشاء الله أن يراهن سبايا"(1). ولعل من أبرز النتائج والأبعاد التي توخاها الإمام عليه السلام من هذا الإصرار على أخذ النساء معه، ما يلي:

1- خطوة تهدف إلى هز ضمير العالم الإسلامي آنذاك، حينما تتهادى إلى مسامعهم أنباء اضطرار خروج الإمام الحسين عليه السلام بعياله وأطفاله غير آمنٍ عليهم، من بلد إلى آخر، وهم بقية النبوة وأبناء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولعل هزة الضمير هذه تضعهم أمام موقف اتخاذ قرارهم في دعم النهضة الحسينية والوقوف معها.

2- إلقاء الحجة على الذين برّروا عدم نصرتهم للحسين عليه السلام، بأن لهم عيالاً وأطفالاً يخافون عليهم من ابن زياد وبقية طغاة الأمويين، فكان أن جاء الحسين بعياله وأطفاله إلى ساحة المعركة.

3- خطوة احترازية لكي يبقى الحسين عليه السلام حراً في اتخاذ القرار المناسب مع أحداث نهضته وتطوراتها، لأن في ترك العيال والأطفال بمكة أو المدينة وذهابه مع الرجال إلى كربلاء، احتمال سجنهن مع أطفالهن في محاولة للضغط على مواقف الحسين عليه السلام أو تحديد مساراتها على حدّ أقلّ.

4- والأمر الذي قد يبدو أكثر أهمية وعطاءً وآثاراً من النقاط الثلاث أعلاه، أن النهضة الحسينية لم تكن لتأخذ أبعادها وتصل إلى أهدافها وتترك في الأجيال والأمم بصماتها الرسالية، لولا وجود النساء بكربلاء ثم رحلة السبي، لما قمن به من أدوار وكشفن من حقائق ونشرن من مظلومية.

كما لا بد أن نؤكد ونحن في صدد بيان أسباب إصرار الإمام الحسين على أخذ النساء معه أن النساء وأطفالهن قاموا بدور مهم في حماية الإمام زين العابدين عليه السلام. فقد دافعت عنه عمته السيدة زينب عليها السلام مرات، لعل أبرزها ساعة هجوم القوم على المخيم، وفي قصر الإمارة بالكوفة.

المصدر: بحث قافلة السبي:  بداية الرحلة ــ مجلة بقية الله

الشيخ فيصل الكاظمي