سلمان المحمدي (رض).. قصة السيد والعبد

ادرك النبي الخاتم (ص) وآمن به ..   

حياته مليئة بالأحداث والانعطافات و الاسرار والمعجزات، هو من المعمرين، عاش قبل النبي الخاتم (ص) وتنقل بين البلدان والديانات والمعتقدات حتى ادرك الرسول الاكرم (ص) وأمن به ونال درجة رفيعة في الاسلام لإيمانه وعلمه المتفرد. ذلك هو سلمان المحمدي (رض).

سيرته

اسمه روزبه في بلاد فارس، واسم أبيه خشفوذان من دهاقين فارس. وقيل من أساورتها. ومن كبار الزرادشتيين في أصبهان، له إمرة على بعض الفلاحين من أبناء أصفهان. كان واسع الحال يملك بعض المزارع شأن غيره من الطبقة الوسطى في المجتمع الفارسي آنذاك، وكان لولده سلمان مكانة خاصة في نفسه جعلته يستأثر بالنصيب الأكبر من اهتماماته.

البحث عن دين

وقد تحدّثت حكايات منقولة على لسان سلمان وهو في طلب الحقيقة؛ حيث كان ابن دهقان قرية جي من أصفهان، وبلغ من حبّ أبيه له أن حبسه في البيت، فاجتهد في المجوسية حتى صار قطن (خادما) بيت النار، فأرسله أبوه يوما إلى ضيعة له، فمرّ بكنيسة النصارى، فدخل عليهم، فأعجبته صلاتهم، فرأى دين هؤلاء خير من دينه، فسألهم عن مكان أصل ذلك الدين؟ قالوا له بالشام، فهرب من والده حتى قدم الشام، فدخل على الأسقف (من وظائف النصرانية) فجعل يخدمه ويتعلم منه، حتى حضرته الوفاة، فسأله ليعرف إلى من يوصي؟ فأجاب: قد هلك الناس، وتركوا دينهم إلا رجلا بالموصل فعليه أن يلتحق به، فلما قضى نحبه لحق بذلك الرجل فلم يلبث إلا قليلاً حتى حضرته الوفاة، فسأله إلى من يوصي؟ فقال أنه لم يعلم رجلاً بقي على الطريقة المستقيمة إلا رجلاً بنصيبين، فلحق بصاحب نصيبين.

ثم لحق بصاحب نصيبين، فبعثه إلى رجل بعمورية من أرض الروم، فأتاه وأقام عنده، واكتسب بقيرات وغنيمات، فلما نزل به الموت سأله بمن يوصي؟ فقال له: قد ترك الناس دينهم، وما بقي أحد منهم على الحق، وقد أظل زمان نبي مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام، يخرج بأرض العرب مهاجراً إلى أرض بين حرتين، لها نخل، فسأله عن علامته؟ قال له: يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، ثم مرّ به ركب من كلب، فخرج معهم، فلما بلغوا به وادي القرى ظلموه وباعوه من يهودي، فكان يعمل له في زرعه ونخله، فبينا هو عنده إذ قدم ابن عم لليهودي، فابتاعه منه، وحمله إلى المدينة.

قصة إسلامه

قال الإمام علي عليه السلام : السُّبَّاقُ خمسةٌ فأَنا سابِقُ العرب، وسلمانُ سابِقُ فارس، وصُهَيبٌ سابِق الرّوم، وبلاَلٌ سابِقُ الحَبَشِ، وخَبَّابٌ سابقُ النَّبْطِ. أسلم سلمان في السنة الأولى وفي بالتحديد في شهر جمادى الأولى. عدّ في بعض الروايات هو وعلي عليه السلام من السابقين الأولين، كما قال ابن مردويه. وكان سلمان قد عرف: أنّ نبياً سيخرج، وأنّه لا يأكل الصدقة، ويأكل الهدية، وبين كتفيه خاتم النبوة، فحينما التقى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في قباء قدّم إليه رطباً على أنّها صدقة، فلاحظ أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر أصحابه بأن يأكلوا، ولم يأكل هو، لأنها صدقة. فعدّها سلمان واحدة.

ثم التقى به صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة فقدم له رطباً على أنّها هدية، فلاحظ: أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قد أكل منها هذه المرة ... ثم التقى به صلى الله عليه وآله وسلم في بقيع الغرقد، وهو صلى الله عليه وآله وسلم في تشييع جنازة بعض أصحابه، فسلم عليه، ثم استدار خلفه؛ فكشف صلى الله عليه وآله وسلم له عن ظهره، فرأى خاتم النبوة، فانكب عليه يقبله ويبكي، ثم أسلم، وأخبره بقصته.

تحريره من العبودية

تم تحرير سلمان من رق العبودية بصورة تامة بعد أن اشتراه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم من صاحبه.

محطات مهمة في حياة سلمان (رض)

حفر الخندق وقصة حديث (سلمان منا أهل البيت)

شهد سلمان الفارسي معركة الخندق، ولم يفته بعد ذلك مشهد من مشاهد الرسول (ص). وهو الذي اقترح على النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حفر خندق حول المدينة. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد قطع لكل عشرة أربعين ذراعاً فاحتج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، وكان رجلاً قوياً، فقال المهاجرون: "سلمان منا"، وقالت الأنصار: لا، بل منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سلمان منا أهل البيت". وكان له ولحذيفة بن اليمان شرف الريادة إبّان فتح المدائن حيث ارتادوا للمعسكر مكاناً طيباً.

ولاية المدائن

قال ابن شهر آشوب في المناقب كان عمر وجّه سلمان أميراً "إلى المدائن، فلم يفعل إلا بعد أن استأذن أمير المؤمنين عليه السلام. فمضى، فأقام بها إلى أن توفي. وكان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان أميراً على زهاء ثلاثين ألفا من المسلمين، وكان يحطب في عباءة يفترش نصفها، ويلبس نصفها، فإذا خرج عطاؤه تصدق به. وكان سلمان يسفّ الخوص وهو أمير على المدائن، ويبيعه، ويأكل منه، ويقول: لا أحبّ أن آكل إلا من عمل يدي. وله مواقف جليلة من قبيل موالاته للإمام علي (ع) ومناصرته له واعتراضه على المخالفين لبيعة الإمام (ع) وغير ذلك من مواقف.

وفاته (رضوان الله عليه)

توفي سلمان في المدائن سنة 36 هـ، وعمره مائتين وخمسين سنة على رواية وفي روايات اخرى اكثر من ذلك، وحين توفي تولّى غسله الإمام علي عليه السلام وتجهيزه، والصلاة عليه ودفنه، وقد جاء من المدينة إلى المدائن بطريقة اعجازية من أجل ذلك. وهذه القضية من الكرامات المشهورة لأمير المؤمنين عليه السلام.

منقولة بتصرف من موقع ويكي شيعة