حبيب بن مظاهر الاسدي (رضوان الله عليه) الشيخ الفقيه والشهيد البار

الشهيد في سطور

أبوه مظاهر ـ أو مظهر ـ بن رئاب بن الاشتر بن جخوان بن فقعس بن طريف  بن عمرو بن قيس بن الحرث بن دودان بن أسد.

من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأصفيائه. شهد حروب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام.له رتبة علمية سامية.زعيم بني أسد. كان يأخذ البيعة  للحسين عليه السلام وهو في مكة المكرمة. أفضل أنصار الحسين عليه السلام ما عدا الهاشميين.له مواقف مشهودة في كربلاء. جعله الحسين (ع) قائدا على الميسرة.

عمره خمس وسبعون سنة.ابنه القاسم قتل قاتل أبيه. قبره في رواق حرم الإمام الحسين (ع)، منفصل عن قبور الشهداء، يزدحم المسلمون لزيارته والسلام عليه.

الشهيد مع أمير المؤمنين (ع)

قال الشيخ المفيد ومن أصفياء أصحابه ـ يريد أمير المؤمنين ــ عمرو بن الحمق الخزاعي، وميثم التمار، ورشيد الهجري، وحبيب  بن مظاهر الاسدي، ومحمد بن أبي بكر.

فحبيب رضوان الله عليه من هذه الطبقة العالية، ومن الغريب ان ينجو من المغيرة بن شعبة، وزياد بن أبيه وهما هما في استقصائهما واستئصالهما أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام والفتك بهم، ولعل شخصية حبيب وزعامته كانت السبب في حمايته.

لازم حبيب الامام (ع) طيلة خلافته، وتخرج من مدرسته الكبرى ، وحمل عنه علوماً جمة، ويكفي في فضله أن يكون عداده مع هؤلاء الاجلاء، وهم سادة المسلمين علماً وعملاً.

كما صحب من بعده الإمام الحسن (ع)، فقد عده البرقي من أصحابه. وصحبته لسيد الشهداء الإمام الحسين (ع) ظاهرة (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

عبادته

في الحديث عن عبادة حبيب بن مظاهر رضوان الله عليه قال الكاشفي: كان يحفظ القرآن الكريم كله، وكان يختمه في كل ليلة من بعد صلاة العشاء الى طلوع الفجر.

وأعظم من هذا كلمة الإمام الحسين (ع) وقد وقف على مصرعه: رحمك الله يا حبيب فقد كنت فاضلاً تختم القرآن في ليلة واحدة.

تعلّم وتعليم

ان بعض الكتّاب اتهم الشيعة في نسبتهم علم الغيب الى الأئمة (ع) معتمدين على التهريج، مجانبين للحقيقة. وتفصيلاً للموضوع: هناك غيب استأثر الله به سبحانه لنفسه لم يطلع عليه أحد من خلقه (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها الا هو ) وهناك غيب اطلع الله سبحانه عليه أنبياه ورسله ليكون معجزا لهم، وداعيا ً لإيمان الناس بهم ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول) وقد أجمعت الأمة على حديث الإمام علي (ع) (علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم، يفتح لي من كل باب ألف باب) فما ورد عنه (ع) من إخبار بالمغيبات والملاحم والفتن، هو مما علمه رسول الله (ص).

وورث الائمة (ع) هذا العلم فيما ورثوه عن أبيهم الإمام أمير المؤمنين (ع) حتى قالوا : إنها الصحيفة بخط علي بن أبي طالب (ع) وإملاء رسول الله (ص)، نتوارثها صاغراً عن كابر. ولم يقتصر تعليمه ببعض المغيبات لأولاده بل ربما خص (ع) بها بعض شيعته لمصالح علمها، فقد أخبر جماعة من أصحابه بشهادتهم ومن يتولى قتلهم من الظالمين، وحبيب من أولئك النفر الذين خصهم (ع) ببعض هذه العلوم.

رسالة سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) الى الشهيد حبيب بن مظاهر (رض)

لما عزم الحسين (ع) على الثورة أخذ يمهد لها بالخطب مرة، وبدعوة بعض رجالات المسلمين أخرى، فقد بث رسله لدعوة من يتوسم فيهم الاستجابة الى نصرته ومؤازرته، حتى قتل له أكثر من رسول. ومن أولئك النفر الذين راسلهم (ع) ودعاهم الى نصرته: حبيب بن مظاهر (رض)، وكتابه الى حبيب يصور لنا شخصية حبيب وسمو مقامه عند أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

ذكر الشيخ الدربندي رحمه الله الرسالة التالية:

من الحسين بن علي بن أبي طالب الى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر، أما بعد، يا حبيب، فأنت تعلم قرابتنا من رسول الله (ص)، وأنت أعرف بنا من غيرك، وأنت ذو شيمة وغيرة فلا تبخل علينا بنفسك، يجازيك جدي رسول الله (ص) يوم القيامة.

الشهادة

لما زحف ابن سعد نحو الحسين (ع) عصر تاسوعا، أرسل (ع) إليهم أخاه العباس وقال له: ارجع اليهم فإن استطعت أن تؤخرهم الى غدوة وتدفع عنا العشية لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أني كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار. فكان للحسين (ع) و أصحابه تلك الليلة دوي كدوي النحل بين قائم، وقاعد، وراكع، وساجد. وأصبح الصباح، وصلى (ع) بأصحابه، ثم خطبهم قائلاً: إن الله قد أذن في قتلكم فعليكم بالصبر. وعند الزوال، وبعد أن قتل أكثر جيش الحسين (ع) قال أبو ثمامة الصائدي للحسين (ع) يا أبا  عبد الله، نفسي لك الفداء، إني أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، لا والله  لا تقتل حتى أقتل دونك  إن شاء الله، وأحب أن ألقى ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا وقتها. فرفع الحسين رأسه ثم قال ذكرت الصلاة، جعلك الله من المصلين الذاكرين، نعم هذا أول وقتها. ثم قال (ع) سلوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي.

فقال لهم الحصين بن تميم: إنها لا تقبل.

فقال له حبيب بن مظاهر: لا تقبل زعمت الصلاة من آل رسول الله (ص)، وتقبل منك يا حمار.

فحمل عليهم حصين بن تميم، وخرج إليه حبيب بن مظاهر فضرب فرسه بالسيف فشب ووقع، وحمله أصحابه فاستنقذوه.

وأخذ حبيب يقول

أقسم لو كنا لكم أعدادا

أو شطركم وليتم أكتادا

يا شر قوم حسبا وآدا

وارتجز أيضا

أنا حبيب وأبي مظاهر        فارس الهيجاء وحرب تسعر

أنتم أعد عدة وأكثر           ونحن أوفى منكم وأصبر

ونحن أعلى حجة وأظهر     حقاً وأتقى منكم وأعذر

وقاتل قتالاً شديداً  فقتل على كبره اثنين وستين رجلاً، وحمل عليه بديل بن صريم فضربه بسيفه، وطعنه آخر من تميم برمحه فسقط الى الارض، وذهب ليقوم وإذا الحصين يضربه بالسيف على رأسه فسقط لوجهه، ونزل إليه التميمي واحتز رأسه.

فقال له الحصين: إني لشريكك في قتله، فقال الآخر: والله ما قتله غيري، فقال الحصين: اعطينه أعلقه في عنق فرسي كيما يرى الناس ويعلموا أني شركت في قتله ثم خذه أنت بعد فامض به الى عبيد الله بن زياد، فلا حاجة لي فيما تعطاه على قتلك إياه. فأبى عليه، فأصلح قومه فيما بينهما على هذا، فدفع اليه رأس حبيب بن مظاهر فجال به في المعسكر، وقد علقه في عنق فرسه، ثم دفعه بعد ذلك إليه.فهد مقتله الحسين (ع) فقال: عند الله أحتسب نفسي، وحماة أصحابي، واسترجع كثيراً. 

منقول بتصرف من

كتاب أصحاب الحسين (عليه السلام)  نظرة جديدة