تفشّي ظاهرة التنمّر المدرسي بين الأطفال

لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار ظاهرة التنمّر بين الأطفال في المدارس، والتي قد تسبب حالة من عدم الاستقرار النفسي، وصولاً الى ترك مقاعد الدراسة.

حوراء،  ذات  العشرة أعوام،  أحدى الطالبات التي أعطيناها اسماً مستعاراً للحفاظ على هويتها، تركت مقاعد الدراسة لأنها تختلف عن أقرانها وزميلاتها بأن الله خلق لها شيء مختلفاً عن غيرها، بعد أن تعرضت لتنمّر مستمر من زميلاتها، والذي شكل لها حالة من العقد النفسية، واضطرها ذلك الى ترك حلمها الدراسي.

ومن جهة اخرى، يعتبر تسلط الأقران في المدارس، نوعاً من أنواع التنمّر الذي يحدث في البيئات التعليمية. ولكي يعتبر بمثابة تنمّر يجب أن يستوفي عددًا من المعايير تشمل النية العدائية والتكرار والمضايقة والاستفزاز.

ويمكن أن يكون للتنمّر المدرسي مجموعة واسعة من التأثيرات على الطلاب المتنمر عليهم منها الغضب والاكتئاب والتوتر، بل ان المُتنمَر عليه يمكن أن يصاب باضطرابات اجتماعية مختلفة، ويمكن ان يكون مشروعاً للانخراط في الأنشطة الإجرامية.

أسباب الظاهرة

1-التربية الأسرية: فالعائلة هي اللبنة الأساسية لانطلاق الطفل في المسار الصحيح فهناك أطفال تعلموا التنمر من ذويهم الذي هم قد يجهلون مخاطر ذلك فهم يعتبرونه مُزاح من اجل الترفيه بينهم.

2-انعدام التنشئة الدينية والأخلاقية: تَعني الاهتمام بتنشئة الطفل وإعداده لبلوغ مرتبة عالية، فالطفل تستقبِله بيئة يحتاج فيها إلى مربٍّ ينقل له القضايا التي تشكِّل خميرة سلوكه في الحياة، مارًّا بمرحلتين (التربية والتأديب)، والتي تنطلِق من الكتاب وسنّة رسول الله وال بيته صلى الله عليهم، حيث يشكِّل الأخذ بهما دائما العامل الحاسم فيهم، وهناك جملة من الآداب والأخلاق يتعلَّمها الطفل داخل نِطاق الأسرة، ومنها آداب الطعام والشراب، والاهتمام بثيابه ونظافتها، وطاعة والديه ومعلِّميه، وغيرها وإن الطفل أمانة عند والِديه، وقلبه عبارة عن جوهرة ساذَجة قابلة لكل نقْش، فإن عوِّد الخير نشأ عليه، وأن عوِّد الشر نشأ عليه.

3-لم يجد له القدوة الصالحة: وجودها أمر ضروري للغاية، والإنسان لو تأمل جميع مراحل حياته لوجد أنه في كل مرحلة منها محتاج لها، ولا يمكن الاستغناء عنها، ولا يمكن تصور وجود إنسان يضع لنفسه منذ طفولته قِيمه الخاصة ووسائل تحقيقها بدونها، فالإنسان كائن اجتماعي يتأثر بالمجتمع، فهو يحتاج لها في المنزل والمدرسة والمجتمع، لذا فهي خير طريق لتربية الطفل وتنشئته التنشئة الاجتماعية الإسلامية، وبها يتم تثبيت المبادئ في نفوس الأطفال

4-التنشئة المدرسية والمتابعة الصارمة: دور المدرسة في التنشئة الاجتماعية للطلاب، تبدأ منذ الطفولة تساعد المدرسة الطلاب على التعامل في حياتهم التعليمية والعملية والتربوية  وتساعد في تطوير أفكارهم الثقافية والفكرية، وتنمي مهارات التعامل مع الآخرين، بجانب دور الأسرة في تنشئة الطفل اجتماعياً،

فالمتابعة المدرسية لسلوك الطلبة من أهم الأمور الأساسية لبناء جيل ذو سلوك معتدل، فمبدأ الثواب والعقاب لابد منه مع من يُسيء إلى الآخرين.

أنواع التنمّر 

يوجد أنواع عديدة لظاهرة التنمّر، وقد يستهدف عرق أو جنس معين، مثلا التنمّر على لون البشرة أو جنس الشخص وشكله الخارجي، أو على اللباس والمظهر، وغيرها من الأمور، وفيما يلي بعض أنواع التنمر الأكثر شيوعاً:

1-التنمر الجسدي :يتم فيه الاعتداء بشكل جسدي إما من خلال الضرب أو الركل أو الدفع أو أي طريقة أخرى.

2-التنمر اللفظي: هذا النوع يشمل الإيذاء من خلال الشتائم والإهانات، أو استخدام تعليقات جنسية أو طائفية أو متعصبة، كما يشمل التهكم على الشكل أو الجسم، والتهديد اللفظي.

3-التنمر الاجتماعي :يتم فيه استبعاد شخص من مجموعة أصدقائه وأقرانه، ومحاولة عزله ونبذه، من خلال التهديدات اللفظية، أو إطلاق الإشاعات وتشويه السمعة وغيرها من أشكال الترهيب والتخويف.

4-التنمر الإلكتروني: ويحدث على الأجهزة الإلكترونية سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو الرسائل النصية، ويشمل أمور عديدة منها إرسال صور لا أخلاقية مفبركة، أو انتحال شخصية، أو نشر شائعات، أو محاولة اختراق الحساب الشخصي...

ممارسات قد يستخدمها المتنمّر على الضحية

للتنمر ممارسات عديدة تتراوح من سخرية بسيطة وقد تصل إلى الأذى الكبير وربما القتل، ومن الممارسات التي يستخدمها الشخص المتنمر على الضحية:

شتم الضحية والصراخ عليها بصوت عالي

الملاحقة والتهديد الدائم للشخص وترهيبه

إجبار الضحية على تناول أشياء مقرفة

الضرب باليد أو بأداة ما، والحرق بالنار، أو تربيط الضحية ومحاولة خنقها وإسكاتها

إلزام الضحية على القيام بأفعال جنسية حسب رغبة المتنمر

إجبارهم على التدخين أو الإفراط في الشرب

سرقة أو إتلاف ممتلكات الشخص

السخرية والاستهزاء من الشخص وإطلاق النكت الدائمة عليه بين الناس

كيف يتعامل الضحية مع هذه الظاهرة؟

1-عدم إعطاء فرصة.

لا تعطي الفرصة للمتنمر حتى يقول أشياء فظة، أو يفعل ما يريده، تحرك بعيداً عنه بهدوء باتجاه أشخاص آخرين،  أصدقاء أو حتى مجموعة من الأشخاص، هذا يعطي انطباع للمتنمر أنك لا تقبل بما يفعله.

2-الهدوء، هدف المتنمر هو الحصول على استجابة عاطفية من الضحية، لذا البقاء هادئاً أفضل طريقة لمنعه الحصول على ما يريده، لا تظهر الخوف أو الحزن أو القلق أمامه، لأن هذه المشاعر تزيد من سلوكه.

3-أخبر شخصاً ما إنك تتعرض لتنمر، يجب أن تخبر أنك تتعرض للتنمر مباشرة وبشكل صريح ودون تأخير أو مماطلة، وأخبر شخص موثوق، مثل المدرسين أو الأهل، وهذه طريقة فعالة في الدفاع عن النفس دون الحاجة إلى رد العنف أو الكلام السيء.

4-لا ترد بالمثل، عند مواجهة المتنمر لا ترد بالإهانات أو الكلام البذيء، فقط أخبره أن يتوقف عن سلوكه، واحرص على فعل ذلك بثقة ودون تردد.

5-اجعل لغة الجسد لصالحك، امتلاك صوت هادئ وجسد مشدود والنظر في عيني المتنمر مباشرة أشياء مهمة عند مواجهته، قل له جملة قصيرة وواضحة "توقف عن هذا السلوك فوراً".

6-اتخاذ إجراءات فورية: لا تنتظر حتى تتعامل مع التنمر، إذا عرفت أن أحداً ما يتعرض للتنمر تصرف على الفور، إما بشكل شخصي أو أخبر أشخاص قادرين على معالجة الأمر.

فهذه الظاهرة لابد من تحجيمها ومن ثم محوها من المجتمعات الإسلامية والمجتمعات الأخرى، فهي بصورة عامة ذات تأثير سيء على مستقبل أطفالنا، فالتربية والأسرة وأنت القارئ الكريم ونحن والجميع علينا التعاون المستمر من اجل إيقاف هكذا ممارسات، لان هذه الظاهرة قد تصادفك في عملك أو في البيت أو في الشارع، وان تفاعلت معها تكون شريك في الجرم، فيما نبذها وعدم القبول بها قد يضع حداً للمتنمر ويجبره على عدم تكرار مثل هذه الافعال والاقوال المسيئة.

تقرير: عباس نجم