الأكاديمي الدكتور خالد العرداوي: صراع النُخب السياسية وغياب القيادة الملهِمة تسبّبَ بعدم ظهور المواطن الفعّال

- للمرجعيات الدينية وبالخصوص مرجعية السيد السيستاني دوراً مهماً وملهماً في تطوير الإدراك الشعبي للفضاء السياسي .

- لا زال المجتمع العراقي في مرحلة تشكل الوعي السياسي ولم يصل بعد الى مرحلة النضوج.

حاوره: فضل الشريفي 

مر المجتمع العراقي منذ عام 2003 وحتى الآن  بأكثر من تجربة انتخابية وقد انعكست هذه التجارب على البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد وأثرت على علاقته بدول الجوار والمنطقة عموماً.

ومن الواضح ان القائمين على العملية السياسية في العراق لم يلبّوا طموح المواطن العراقي في تكوين نظام حكم متعافي ولم يوفروا له أدنى حقوقه، وذلك يعود الى جملة من الأسباب من بينها بحسب رأي المختصين هو عدم نضوج الوعي السياسي للمجتمع.

ولبحث هذا الموضوع التقينا الاكاديمي في جامعة كربلاء وأستاذ النظم السياسية في كلية القانون بذات الجامعة، الدكتور خالد عليوي العرداوي.

ـــ نبدأ من السؤال المحوري عن مفهوم الوعي السياسي وأهميته  للفرد والمجتمع؟

ـــ ان مفهوم الوعي السياسي قد يكون من المفاهيم العائمة التي تختلف الآراء حولها وتتعدد حسب تصورات الشخص او الجهة المعنية بتحديد هذا المفهوم. ولكن مهما اختلفت التعاريف فأنها ستدور حول فهم الفرد للفضاء السياسي من حيث النظريات والأفكار والمؤسسات وقواعد السلوك والعلاقات والقيم التي تحكم هذا الفضاء وموقع الفرد فيه من حيث علاقته بنظام الحكم من جهة وبأقرانه من الأفراد الذين يعيشون معه ضمن الدولة الواحدة او في الدول الاخرى، وطبيعة هذا الإدراك ستحدد مقدار عمق شعور الفرد بحقوقه وواجباته من جانب، ومن جانب آخر سيحكم هذا الشعور على مقدرته على بناء دولة حديثة تحكمها علاقات المواطنة وقيمها ام البقاء في دولة تقليدية تجعله أسيرا لسطوة السلطة وقيم المجتمع الاهلي وثقافته.

ـــ مر المجتمع العراقي بأكثر من تجربة انتخابية، برأيك هل أحسن المواطن استثمارها ام لا ولماذا؟

ـــ ان الانتخابات قطعاً تسهم بتطور الوعي السياسي للمواطن العراقي على الرغم من المشاكل التي شلت وتشل العملية السياسية إلا أن طبيعة الوعي السياسي انه يتشكل خلال مدة طويلة من الزمن ، لذا فإن العراقيين لا زالوا في مرحلة تشكل لوعيهم السياسي ولم يصلوا لحد النضوج حتى الآن، ومن الممكن أن يتطور هذا الوعي نحو الأفضل اذا ما كان مسار العملية السياسية صحيحا او نحو الاسوء اذا انحرف هذا المسار وفقد قدرته على تطوير الفرد والمجتمع.

ـــ كيف يمكن رفع منسوب الوعي السياسي للمواطن والمجتمع؟

ـــ رفع الوعي السياسي للفرد والمجتمع يتطلب وجود نظام حكم ديمقراطي مستقر، وقيادة سياسية جيدة، ومنظمات مجتمع مدني فاعلة، وسياسة تربوية وتعليمية مخطط لها بدقة، وأداء مؤسساتي ناجح، وتغيير منظومة القيم المدنية لتتناسب مع متطلبات تغيير الوعي والسلوك السياسي نحو الأفضل.

ـــ ما المعوقات التي تحول دون تكوين الوعي السياسي وتطوّره لدى الفرد؟

ـــ المعوقات التي قد تعيق تطور الوعي السياسي غالبا ما ترتبط بعدم توفر المتطلبات المناسبة لبناء دولة حديثة على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، ويأتي على رأس هذه العوائق المانعة لتشكل وعي الناس بطريقة جيدة هو الصراع السياسي بين النخب القائدة لاسيما السياسية وغياب القيادة الملهمة وتحكم القيم التقليدية ومؤسساتها المعروفة ، فهذه العوائق وغيرها تتسبب بعدم ظهور المواطن الفعال الذي يمثل الغاية النهائية من أي تطور صحيح للوعي السياسي. وهذه العوائق اليوم هي التي تمنع تطور الوعي السياسي للعراقيين، بل إنها تدفع إلى غياب الوعي البناء لمصلحة وعي غيبي تقليدي تستحكم فيه ثقافة السيد والعبد بطريقة أو أخرى.

ـــ للمرجعيات الدينية دور في خلق الوعي السياسي وتطوير مسار العملية السياسية، هل لك أن توضح هذه النقطة؟

ـــ ان لبعض المرجعيات الدينية وبالخصوص مرجعية السيد السيستاني (دام ظله) دور مهم وملهم في تطوير الإدراك الشعبي للفضاء السياسي، وهذه المرجعية كانت إيجابية جدا في تطوير مسار العملية السياسية بحد ذاتها، وتعزيز الديمقراطية في البلد.

وطالما نتكلّم عن المرجعيات بشكل عام فإن هناك من المرجعيات من تحتاج إلى بذل جهود أكبر من قبلها في تحديد العلاقة بين الدين والدولة من جانب، وعلاقة السلطة بالشعب من جانب آخر، وموقع رجل الدين في الفضاء السياسي من جانب ثالث، فتحديد هذه العلاقات ستكون نتائجه مؤثرة وستسهم في خلق حركة إصلاحية دينية تكون من نتائجها تعزيز الوعي السياسي للناس، وبناء دولة عراقية تقود حركة التغيير والإصلاح في الشرق الأوسط.

المصدر: مجلة الروضة الحسينية