سلسلة أعلام كربلاء: السيّد إبراهيم المُجاب

تاج الدين أبو محمّد إبراهيم المُجاب ابن السيّد محمّد العابد ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمّد الباقر ابن الإمام زين العابدين علي بن الحسين السبط الشهيد ابن الإمام أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي ابن أبي طالب عليهم أفضل الصلوات والتسليم.

فهو ذو نسبٍ يضاهي الصبح عموده، وحَسَبٍ أورق بالمكرمات عوده، وناهيك بمن ينتهي إلى النبي المختار بالانتماء، وغصن شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء.

وإليه ينتسب العديد من السادات والأسر الموسوية العريقة ذراري رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وذريته المباركة تنتشر في ربوع العالم الإسلامي، وعقبه بلغ الآفاق من الأقطار.

السيّد إبراهيم الضرير الكوفي المُجاب: ولد في الربع الأوّل من القرن الثالث الهجري، وكان ضريراً ويسكن الكوفة، كان عالماً عابداً زاهداً صالحاً ورعاً.

  قال ابن الفوطي (المتوفّى عام 723 هـ) في مجمع الآداب: ((المُجابُ بردّ السلام الهاشميّ العلويّ الزاهد، كان من الزهّاد العبّاد، كثير الدعاء والأوراد، وكان لا يخرج من بيته إلاّ لضرورة، وهو مواظب على العبادة ليلاً ونهاراً)).

وفي لباب الانساب لابن فندق (المتوفّى عام 565 هـ)، نقلاً عن (تاريخ نيسابور) للحاكم: أنّه حضر بنيسابور وروى بها الأحاديث سنة 285 هـ.

يعّد السيّد إبراهيم المُجاب أوّل من جاور الحائر الحسينّي من الأشراف العلويين، حيث حلّ بكربلاء وسكنها مع ابنه السيّد محمّد الحائري سنة 247 هـ، وهي السنة التي قُتل فيها المتوكل العباسيّ الذي كان شديد البغض لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ولأهل بيته عليهم السلام، وأمر بهدم قبر الإمام الحسين عليه السلام، وهدم ما حوله من المنازل والدور، وأن يُحرث ويُبذر ويُسقى موضع قبره، وأن يُمنع الناس من زيارته، فقُتل شّر قتلة على فراشه بيد قواده الأتراك وبإشارة من ابنه المنتصر، ولمّا استقر الحكم للمنتصر في نفس السنة، وبلغ المسامع أنه أحسن إلى العلويين، وآمنهم بعد خوفهم، ورّد فدكاً على ولد الحسين عليه السلام، وأطلق الحرية لكلِّ من يشاء زيارة الحسين عليه السلام، وقصد حائره دون أيّ تعرضّ، فكان السيّد إبراهيم المُجاب في طليعة الرعيل الأوّل ممّن قصدوا كربلاء واتخذها لنفسه وأعقابه من ولده وطناً ودار إقامة ومسكناً ومدفناً، فسكن الحائر الحسيني وصاهر بني أسد من سكان الغاضرية.

 وآل إبراهيم هم أوّل من قطنوا الحائر المقدّس بعد أبيهم، وجاوروا الإمام السبط سلام الله عليه, وعلماء النسب ينسبون ابنه محمّد بالحائري وسلالته لم يزالوا حائزين لشرف الجوار إلى يومنا هذا.

وسبب تسميته بالمُجاب -كما يقول المؤرّخ النسابة صفي الدين محمّد المعروف بابن الطقطقي الحسني (المتوفّى سنة 709 هـ) في كتابه (الأصيلي في أنساب الطالبيين) « أمّا إبراهيم المُجاب، فقالوا: سُمّيَ « المُجاب » بردّ السلام ؛ وذلك لأنّه دخل إلى حضرة أبي عبدالله الحسين بن عليّ عليهما السّلام، فقال: السلام عليك يا أبي، فسمع صوت: وعليك السلامُ يا ولدي، والله أعلم».

 توفّى السيّد إبراهيم المُجاب سنة 300 هـ، ودفن في الحائر الحسينيّ المقدّس، حيث يقع قبره في الركن الشمال الغربي من قبر سيّد الشهداء أبي عبدالله الحسين سلام الله عليه في الرواق المعروف باسمه في الروضة الحسينّية، وعليه ضريح لطيف الصنع من الفضة.

وليس هو جدّ السيّدين المرتضى والرضي -كما يتوهم- لأنّ جدّهما إبراهيم الأصغر ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام وهو الملقب بالمرتضى، وهو مدفون خلف قبر الحسين عليه السّلام بستّة أذرع في الجانب الشمالي للضريح، وليس له قبرٌ ظاهرٌ اليوم.

 

المصدر: النبلاء من اعيان مدينة كربلاء، اعداد: مظفر صلاح واحسان خضير، ج1، ص13.

من اصدارات مركز إحياء التراث الثقافي والديني في العتبة الحسينية المقدسة.