-

تقرير: محمود المسعودي

ان اساس الزواج هو الحب والاحترام المتبادل والمودة والرحمة ؛ وهذا من شأنه إنشاء أسرة تكون حقا نواة لبناء مجتمع متماسك متصف بخصال التقدم والصلاح, وتكون الأسرة وعلى رأسها الزوجان مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الروم - الآية 21.

كما ان وجود التعاون والاحترام بين الزوجين له نتائج ايجابية لا تحصى ولا ترجع فائدة هذا التعاون والاحترام على الاسرة فقط بل ينعكس على المجتمع بأكمله حسب دراسات عديدة أكدت ذلك. ولأهمية الموضوع أعددنا التقرير التالي:

التعاون  أمر أساسي

تقول السيدة ام سامر" ان مساعدة زوجي في اعمال البيت تشعرني باهتمامه على رغم مساعدته القليلة لكونه موظف ولكن هذا الامر لم يمنعه من ان يتعاون في بعض اعمال البيت وهو سعيد بهذا الشيء. وتضيف" ان مسؤولية البيت كبيرة فلا تستطيع الزوجة ان تقوم بكل اعمال البيت اضافة الى تربية الاطفال التي تحتاج الى مساعدة الزوج, وهناك الكثير من الروايات والأحاديث التي تؤكد على اهمية التعاون المشترك بين الزوجين في ادارة شؤون المنزل ."

فيما يقول عادل (42 عام) ان" عملي يقتصر على تلبية طلبات البيت وليس مشاركة زوجتي في اعمال المنزل لأني أرى ان تتكفل المرأة بأعمال البيت وهي سيدة المنزل وأما الزوج فهو يوفر احتياجاتها من تأثيث البيت والتسوق الشبه يومي لكونه يعمل لساعات طويلة ويحتاج ان يخلد للراحة في البيت, ومع ذلك فأنا اشارك زوجتي في تعليم اطفالي اثناء الدراسة".

توثيق روابط المودّة والمحبة

كثير من الدراسات التي اجريت في عدة دول مختلفة تبين اهمية معاونة الزوج لزوجته في اعمال المنزل، مما يزيد من الالفة والمحبة بينهم وكذلك يعتبر وسيلة مهمة لابتعادهم عن المشاكل والمشاجرات التي قد تحصل بين حين وآخر.

وفي هذا الشأن أكدت دراسة بريطانية حديثة نشرت في مواقع الكترونية، أن العمل المنزلي قد يضفي المزيد من الدفء على العلاقة بين الزوجين، وأكدت الدراسة أن معظم النساء يحببن اضطلاع الزوج بنصيبه من الأعباء المنزلية.

ويوضح خبراء: أن التعاون بين الزوجين يعمّق التعاون والمحبة والألفة بينهما ويزيد من روابط الاسرة، ويقوّي مشاعر الحب، ويسهم في تفهّم كل طرف للآخر، وشدّدوا على دور الأسرة في تنمية وعي التعاون عند الذكور، ولذلك فإن النشأة والتربية الصحيحة تساهمان بقدر كبير في تغيير هذا الموروث الاجتماعي.

فيما يقدم علماء النفس نصائح للرجال بعدم النظر للأمر بأنه انتقاص للرجولة وإهانة لكرامته، بل مجرد مساعدة لشريك الحياة في مسؤولية معيّنة ضمن عدد من المسؤوليات الملقاة على عاتق الزوجة، مثل: تربية الأبناء وتنظيف المنزل وتحضير الطعام، بالإضافة إلى عمل المرأة ومساعدة زوجها في تدبير نفقات المنزل.

غياب الاحترام يدفع ثمنهُ الأبناء

في المقابل يجب ان لا يغفل الزوجان ان عدم احترام بعضهما للآخر سيؤثر على اطفالهما حيث يكسب الطفل سلوكيات البيت ويعكسها في المجتمع مما ينشئ هذا الطفل على عدم احترام الاخرين والامتناع عن مساعدتهم.

 في هذا الجانب ترى أستاذة علم الاجتماع الدكتورة منال عمران بحوارها في جريدة الخليج، أن غياب الاحترام في العلاقة الزوجية سيدفع ثمنه الأولاد، لأنهم سينشأون في بيئة غير صحية نفسياً وسلوكياً، وقد يأخذ بعضهم جانب الأم، والآخرون جانب الأب، أو يتحيزون جميعاً لأحد الطرفين، هذا بخلاف أنهم سيتعلمون إهانة الآخرين وقت الخلاف معهم .

وأضافت" على الزوجين أن يكونا قدوة لأبنائهما حتى تستقيم حياة الأسرة ككل، وينشأ الأطفال في بيئة صالحة صحياً ونفسياً واجتماعياً، فالبيت الذي يفتقد الاحترام المتبادل بين طرفي العلاقة الزوجية لا يمكن أن يكون أفراده أسوياء .

وفي ختام حديثها دعت كل زوج إلى أن يحاسب نفسه على ما يقترفه في حق زوجته من أخطاء ويعتذر لها عما بدر منه دون تردد، لأن هذا لن ينتقص من كرامته مطلقاً، كما تدعو كل زوجة إلى أن تتقي الله في زوجها وتبتعد عن كل التصرفات التي يضيق بها صدره ولا تستفزه حتى وإن رأت منه ما تكره .

الكلمة الطيبة وأهميتها

يقول الشيخ حسين العايش في بحث له بعنوان (دور الأسرة في بناء المجتمع ) نشر في شبكة اهل البيت (عليهم السلام) للأخلاق الاسلامية أن: الكلمة الطيبة من الأهمية بمكان بالنسبة للزوج والزوجة وأفراد الأسرة من بنين وبنات، والله تبارك وتعالى أكد على أهمية الكلمة الطيبة بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء}، وكذلك نجد أنّ النبي صلى الله عليه وآله جعل الكلمة الطيبة صدقة.

فالكلمة الطيبة لها أهمية فائقة في أجواء الأسرة. ومن المؤسف أنّ بعض الأزواج لا يعي دور الكلمة الطيبة، وبالخصوص تجاه زوجته، كما أنّ بعض الزوجات لا تعي أهمية الكلمة الطيبة تجاه زوجها أو تجاه الأبناء. ولذا، نجد في الروايات عن أهل البيت عليهم السلام تأكيدات على أهمية الكلمة الطيبة، فقد ورد في الحديث: ((أيما امرأة قالت لزوجها ما رأيت قط من وجهك خيراً فقد حبط عملها))، أي أنّ تلك الأعمال التي جاءت بها تكون كما جاء في القرآن الكريم: ( كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا )،فقد تُقدم الزوجة الكثير لزوجها ولأبنائها ولكنها تُفسد ما قدمته بكلمة واحدة، وأيضاً الزوج، فقد يُقدم الكثير ويبذل قصارى جهده في سبيل إسعاد زوجته وأولاده ولكن تصدر منه كلمات نابية وغير منضبطة لزوجته فيحبط الله أعماله، لأنّ الأعمال هذه بالضبط كالورد إذا ذَبُل لن تُحس بجماله ولن تُدرك تلك الأناقة وذلك الجمال الذي يتصف به الورد، لأنّ جماله يرتبط بغضاضته، وكل أعمال الخير لا تكون غضة وطرية مع الكلمات النابية وغير المسؤولة إذا صدرت من أحد الزوجين تجاه الآخر أو تجاه أولادهما.

أئمتنا قدوتنا

الإسلام حثنا على الزواج والتعاون بين الزوجين وتحمل عبء الحياة معاً فلا يجب أن تقع مسؤولية البيت على احد دون الاخر فالاثنان مشتركان في المسؤولية, فمساعدة الزوج لزوجته في اعمال البيت له فضل كبير عند الله سبحانه وتعالى كما جاء في روايات عن رسول الله محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) واهل بيته عليهم السلام فقد روي عن الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) حيث قال:"دخل علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وفاطمة عليها السلام جالسة عند القِدر وأنا أنقّي العدس، قال: يا أبا الحسن، قلت: لبّيك يا رسول اللَّه، قال: اسمع، وما أقول إلا ما أمر ربي، ما مِن رجل يعين امرأته في بيتها إلا كان له بكل شعرة على بدنه، عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها، وأعطاه اللَّه من الثواب ما أعطاه اللَّه الصابرين...".

 أحاديث عن النبي وأهل البيت عليهم السلام 

قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( خير الرجال من أُمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم، ويحنّون عليهم، ولا يظلمونهم).

وعنه ايضا (لا يخدم العيال إلا صديق او شهيد او رجل يريد الله به خير الدنيا والآخرة (البحار ج79(

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: أيما امرأة لم ترفق بزوجها وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق, لم تقبل منها حسنة وتلقى الله وهو عليها غضبان (عقاب الأعمال).

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: من كان له زوجة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه وان صامت الدهر . وعلى الرجل مثل ذلك الوزر اذا كان لها مؤذيا ظالما (الوسائل ج14 ).

عن الامام جعفر الصادق عليه السلام: سألَتْ أم سلمة رسول الله عن فضل النساء في خدمة أزواجهن؟ فقال: أيما امرأة رفعت من بيت زوجها شيئاً من موضع إلى موضع تريد به صلاحاً إلا نظر الله إليها, ومن نظر الله إليه لم يعذب (البحار ج103).