الشاعر البحريني أحمد رضي سلمان: النهضة الكونية التي ابتكرها الحسين الشهيد تُمثّل محور الحياة ونبض الوجود

حاوره: سلام الطائي

الحديثُ مع شاعرٍ يعني أنّكَ ستكونُ أمام تجربة ثقافية وحياتية معاً، حين يأخذُ من كل معين ما يروي به ظمأه من العلم والمعرفة وما يكسي به إبداعَهُ من الحقيقة والخيال والرؤى والمشاعر التي تتدّفق عبر كلماته، خصوصاً إذا قيلتْ بحقّ مَن هُم أحقُّ بالقولِ الجميلِ والمدحِ الخضيلِ. وإنْ كانَ "أعذبُ الشعرِ أكذبهُ" كما يُقال؛ ففي رحابِ سيّد الشهداء وكذا أهل بيت الرحمة عليهم الصلاة والسلام يكون (أعذبُ الشعرِ أصدقهُ)، وهو ما نستشفّه في تجاربَ شعرية عديدة كانت بينها تجربةُ الشاعر أحمد رضي سلمان من البحرين..

* بداية سنكون عند مستهل حديثنا، ماذا عن القضية الحسينية في شِعرِك؟

-حقيقة أقول بأنّني اجتماعياً وإنسانياً خادمٌ للإمام الحسين (عليه السلام)، وذلك من خلال الارتباط بهذه القضية العظيمة، وخوضي في غمار الكتابة بمجال الشعر الحسيني، فأنا أكتبُ للمواكب العزائية والمآتم الحسينية، فضلاً عن كل جانب من جوانب الحياة، وواقعاً فإنّ القضية الحسينية بلْ النهضة الكونية التي ابتكرها الحسين الشهيد تمثّل محور الحياة ونبض الوجود وأنفاس كلّإشراقة فجر، فالإمامُ الحسين (عليه السلام) هو رئة الوقت وعلّة الزمن، نراهُ في كل حركة وسكون، وفي كلِّ طرفة عين؛ بل ونراه في كل شيء، لذلك فالحياة قصيدنا ونشيدنا وحزننا وسعادتنا وصمودنا وإباؤنا وصبرُنا ومبادؤنا وتمردُنا على القيود، والحسين صلاحُنا وصباحُنا وسلاحُنا وكفاحُنا وفلاحُنا.

*للشعر أغراض متعدّدة، منها توثيق الأحداث وحفظها ونقلها إلى العالم.. فهل تمكّن الشعر الحسيني من إحداث هذا الأثر عالمياً؟

- بالطبع، فقد تمكّن الشعر إلى حدٍ كبير من المساهمة في نشر المظلومية والمبادئ الحسينية وإيصال اسم ونهضة الحسين إلى العالم؛ ولكنّنا مازلنا أيضاًنحتاج لإيصال الصوت بزخم أكبر؛ فهناك قصور في هذا الجانب,ومازال الشاعر الحسيني يحتاج الكثير لإيصال القضية الحسينية إلى العالم، وذلك بأسلوب أكثر حرفية وبجهود أكبر وبحمل المسؤولية العالمية.

* ماذا عن المهرجانات الشعرية ألا تُسهم في التعريف بالقضايا الإنسانية؟

-لاشكّ بأنّ المهرجانات الشعرية واحدة من أهم المنصّات التي تُدَشّن للفكر الموجَّه والمُركَّز نحو جنبة من الجنبات المدروسة والمستهدف،فالمهرجانات في الحقيقة عبارة عن أُمٍ ولود تنجب الصوت الهادف والمؤصِّل لقضية معينة مما يترك بالغ الأثر في فكر معين وتوجُّه مجتمعي معيّن.

* تعاني المجتمعات من مشاكل متعدّدة، فهل عملَ الشعر على إيجاد حلول لها؟

- الشعرُ لايُعدُّ شعراً إنْ لم يكن هادِفاً، ولا شعر من دون رسالة وقد رأينا دوراً بارزاً للشعر في الكثير من القضايا الاجتماعية وغيرها؛ إذْ أنّ الرسالة المنظومة والمحمّلة بالمشاعر تكون أكبر أثراً من الرسالة المنثورة، لذلك تجد الشعر أرجوزة المجاهد في الساحات.. وتجد الشعر خبزَ الفقراء وأنشودة الأيتام، وما لايصل بالخطابات والكلمات الجماهيرية قد يصل ببيتين من الشعر.. وهل ننسى "والله إن قطعتموا يميني .. إنّي أحامي أبداً عن ديني".

*وماذا عن الفضاء الإلكتروني، هل ساهم بتطوّر الشعر أم العكس من ذلك؟

-بالطبع أنّ له أثراً كبيراً؛ إذْ أنّ الشاعر أصبح قريباً جدّاً من الجمهور، ومن المجتمعات الشعرية ومن الأرشيف الشعري.

*يرى البعض أنّ هناك غموضاً في ملامح المشهد الشعري العربي.. فما هي الأسباب إن صحّ ذلك، وما هو رأيكم فيما يراه المنتقدون؟

- أتفقُ معكَ إلى حَدٍ ما، فأنا أرى أنّ المشهد الشعري متراجع إلى حدٍّ كبير، خصوصاً أمام مدّ الشعر الشعبي الذي تصدّر المشهد، وأحد الأسباب هو موجة التسطيح الفكري التي أقنعت المجتمعات بوهم البساطة والعفوية السلوكية، ولذلك ترى الكِتاب مهملاً ولا مكانَ للفكر والثقافة والكلمة العميقة؛ بل يُنادى في كثير من الأحيان بحاجة نزول اللغة الخطابية في البيانات، وهذه حالة غير صحيّة؛ إذ أن الفكر يجب أن ينمو حتى يُثمرَ الخطاب ويعيش المجتمع الصحوة، وهذا كان بارزاً في توجّه الكثير من العلماء فخطابهم لم يهبط للشارع بمستوى خطابه؛ بل أجبر الشارع على رفع مستوى الفهم والإدراك والاستيعاب، ولنا في أئمتنا الأطهار (عليهم السلام) أسوة حسنة فهمْ أهلُ البلاغة والفصاحة.